يكرم مهرجان الجنادرية هذا العام الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجريرحمه الله. والتكريم في هذا السياق هو الإحتفاء بالشخصية المكرمة، وبيان فضائلها وإنجازاتها وخدماتها الجليلة لبلادها وأمتها ودينها. كان الشيخ التويجري أشهر مستشاري العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز وواحدا من أوثق أصدقائه وأقرب المقربين إليه. وكان من قبل نصيرا للملك عبد العزيز رحمه الله، مؤسس الدولة السعودية الثالثة في مطلع القرن الميلادي العشرين. اشتهر الشيخ عبد العزيز التويجري بخصال كثيرة، منها الأمانة، والإخلاص لبلاده وقيادته، والحكمة وبعد النظر، والتواضع، والوفاء بالعهود. وكان متحمساللعروبة، منفتحا على العالم العربي، ومتحمسا للإسلام كمرجعية للعرب والتقدم العربي. عرفته مثل كثيرين من خلال مهرجان الجنادرية، فهو كان اليد اليمنى للملك عبد الله بن عبد العزيز في أمور كثيرة، ومنها هذا المهرجان الثقافي الكبير. كانتندوات المهرجان الكبرى تعقد في قاعة المؤتمرات بفندق الانتر كونتينونتال وسطالرياض. وكانت هناك ندوات أخرى، مهمة للغاية، تعقد في قصر الشيخ عبد العزيز التويجري، يحضرها كثير من ضيوف المهرجان، ويدور الحوار فيها بجرأة وصراحة ومندون قيود، عن أوضاع العرب والمسلمين. المشاركون في هذه الندوات في بيت الشيخ التويجري رحمه الله، هم أعلام الفكر والثقافة والأدب في العالم العربي. فيهم الإسلامي واليساري والقومي. فيهم المحافظ والتقدمي. والشيخ رحمه الله منفتح عليهم جميعا، يعاملهم بمنتهى اللطف والإكرام، حتى يظن كل واحد منهم أنه أقرب الحاضرين إلى قلبه. ومع أن خبرته الواسعة بالدنيا والسياسة العربية تؤهله ليحاضر ويدرس بين هؤلاء الضيوف الأعلام، فإنه كان قليل الكلام، يحب الاستماع لضيوفه، والإستفادة من آرائهم. كان رحمه الله كريم النفس واسع الأفق. لم يكن هدفه استقطاب أصدقاء لشأن قطري أو شخصي ضيق، وإنما كان همه الأكبر تحفيز ضيوفه على التفكير فيما يصلح من شأن العرب والمسلمين. وكان يشجع ضيوفه على الحوار والتواصل فيما بينهم. إذ في مرات كثيرة، يكون قصر الشيخ هو الفرصة الأولى لكثير من الخصوم الفكريين للقاء في مكان واحد والحديث وجها لوجه. وتتجلى شخصية الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري رحمه الله بأبعادها العربية والإسلامية والإنسانية في كتبه التي نشرت قبل وفاته، وخاصة منها كتابه "أجهدتني التساؤلات معك أيها التاريخ". لغته في هذا الكتاب وكتبه الأخرى فخمة جزيلة مشرقة، وتساؤلاته عبر ودروس وأفكار للتجديد، وروحه العامة روح مسلم فخور بعقيدته، فخور بعروبته، غاضب من تشتت العرب وانقسامهم، ومن إعراضهم عن أسباب العلم والتقدم. قال ذات مرة: تعبنا من صحوة هذا وغفوة ذاك،والمطلوب اليوم فعل جميل. وكانت أفعال الشيخ التويجري موافقة لمقالاته. كان سمحا مع الجميع، محبا لفعل الخير، يسعد بالسعي في قضاء حاجات الناس، معرضا عن التبجح وأسباب الشهرة،يكره المن ولا يطلب من أحد قدم له خدمة جزاء ولا شكورا. كان الشيخ عبد العزيز التويجري شخصية كبيرة من شخصيات عصره وبلاده وأمته.وكان جديرا بالتقدير في حياته، وجديرا بالتكريم والدعاء له بعد وفاته. وكان شخصا عزيزا على قلبي، أحببته بصدق، وهذا أقل القليل مما يستحقه بمناسبة تكريمه هذا العام في مهرجان الجنادرية. رحم الله الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري وغفر له وأسكنه فسيح جناته، وبارك له في ذريته جميعا ونفع بهم. آمين.