يواصل قاضي تحقيق الغرفة الأولى بمحكمة باب الوادي في العاصمة، عبد الحميد بورزق، التحقيق في قضية اغتيال العقيد علي تونسي المدير العام السابق للأمن الوطني، حيث استمع مؤخرا للمتهم الرئيسي في القضية، مدير الوحدة الجوية للأمن الوطني شعيب أولطاش، الذي وبعد عدة ساعات من التحقيق، بالتهمة المنسوبة إليه، والمتعلقة باغتيال المدير العام للأمن الوطني السابق الشهيد علي تونسي في مكتبه الكائن بباب جديد في العاصمة، وأكد المتهم في حضور محامي دفاعه، الذي رافقه طيلة ساعات التحقيق أنه ارتكب الجريمة. وفي الشأن ذاته؛ قال أولطاش أنه دخل إلى مكتب المدير العام للأمن الوطني، وتحدث معه بخصوص موضوع الإجتماع الذي دعي إليه رفقة الإطارات المركزية بالمديرية العامة للأمن الوطني، وهو الإجتماع الذي كان سيتطرق إلى بعض الصفقات التي تم إبرامها لفائدة المديرية، والتي أكدت التحريات أن المسؤول الأول عنها يشتبه في تورطه في صفقات مشبوهة، وكان أولطاش حاملا مسدسا آليا اشتراه من الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأدخله إلى التراب الجزائري بطريقة غير قانونية. وبعد حديث سريع مع العقيد علي تونسي، الذي رفض تأجيل اللقاء المرتقب مع إطارات الأمن الوطني، وغضبه مما قاله في حقه العقيد شعيب أولطاش، لحظات قبل الإجتماع المقرر في القاعة المجاورة لمكتب المدير العام، قام العقيد أولطاش في لحظة غضب بإخراج مسدسه الصغير ووجه رصاصتين إلى رأس المرحوم علي تونسي ليتركه غارقا في بركة من الدماء، ويطلب من الكاتب الخاص المدعو عبد العزيز أن يستدعي مدير الأمن الولائي بالعاصمة، عميد الشرطة عبد ربو ودهيمي الحضور إلى المكتب، بدعوى أنهما مطلوبان من المدير العام وهذا من أجل تصفيتهما. وبوصول الرجلين تفاجآ بالحالة التي كان العقيد تونسي عليها، حيث كان غارقا في دمائه بمكتبه، وإثر ذلك حاول المعنيان توقيف المعني غير أنه لاذ بالفرار باتجاه مكتب المدير العام، وأغلق الباب على نفسه وهو ما تطلب تدخل الوحدة الخاصة للبحث والتحري لأمن ولاية العاصمة، التي قامت بفتح الباب وأطلقت النار صوبه مع تعليمات بالقبض عليه حيا. وكان أولطاش الذي أبلغ مقربيه أنه لم يستفق مما حدث إلا وهو في المستشفى، كان قد رفض الحديث بما في ذلك زملاءه في الأمن الوطني، وقال في بداية عمليات التحقيق؛ أنه لا يذكر شيئا مما جرى في الخامس والعشرين من شهر فيفري، رافضا الحديث في القضية، ما جعل السلطات القضائية تستعين بخبراء نفسانيين لتشخيص حالته الصحية والنفسية وقابلية التحقيق معه، إلى أن استقرت حالته، وكشف عن كل الحقائق التي كانت بحوزته. المسدس الذي كان بحوزة أولطاش غير مرخص توصلت التحقيقات التي باشرتها المصالح المعنية ممثلة في الجهات القضائية والأمنية، إلى أن المسدس الذي كان بحوزة المتهم الرئيسي في قضية، اغتيال الشهيد العقيد علي تونسي غير مرخص، حيث اقتناه المعني من الولاياتالمتحدةالأمريكية وأبقاه بحوزته، بدون رخصة طيلة سنوات، ودون أن يتفطن له أي شخص، وهو ما جعله يستعين به في تنفيذ جريمته في حق أول رجل على رأس جهاز الشرطة. أولطاش ''فرانكوفوني'' ولا يقرأ الصحافة الصادرة بالعربية أثبتت التحريات التي باشرتها المصالح المعنية؛ أن العقيد المتقاعد أولطاش لم يطلع على الصحافة في يوم الجريمة، وأكدت التحقيقات مع هذا الأخير؛ أنه لا يجيد العربية ولا يتقن قراءتها، وأنه في حال رغبته في قراءة الصحافة الوطنية، فإنه يلجأ إلى قراءة الصحف الفرانكوفونية، ولكن في آخر ساعات المساء. قاتل الشهيد تونسي تماثل إلى لشفاء وحالته الصحية في تحسن مستمر أفادت مصادر طبية ل ''النهار''؛ أن العقيد المتقاعد من صفوف الجيش الوطني الشعبي، شعيب أولطاش رئيس الوحدة الجوية للأمن الوطني، المتهم باغتيال العقيد علي تونسي المدير العام السابق للأمن الوطني، تماثل للشفاء وتعرف حالته الصحية تحسنا مستمرا، حيث سجلت الإصابات التي تعرض لها على مستوى الرجل والكتف استقرارا، كما عرفت حالته النفسية والبدنية تحسنا، مقارنة بالحالة التي كان عليها عقب ارتكابه جريمة الإغتيال. أولطاش يعود إلى مكتب علي تونسي لإعادة تمثيل الجريمة سيعود العقيد شعيب أولطاش المتهم باغتيال المدير العام السابق لجهاز الأمن الوطني الشهيد علي تونسي، خلال الأيام القليلة القادمة إلى مبنى المديرية العامة للأمن الوطني بباب الوادي مجددا، لكن هذه المرة في إطار عملية تمثيل الجريمة، بحضور قاضي التحقيق للغرفة الأولى على مستوى محكمة باب الوادي، السيد عبد الحميد بورزق. وسيدخل العقيد شعيب أولطاش بنفس المكان، أي بمكتب المدير العام للأمن الوطني، لعملية لتمثيل الوقائع وكيفية حدوث الجريمة منذ دخوله مبنى المديرية العامة للأمن الوطني، إلى غاية توقيفه من طرف فرقة البحث والتحري لأمن ولاية الجزائر مباشرة بعد إخطارها بالحادثة. وبناء على شهادة كل واحد، بما في ذلك الكاتب الخاص المدعو عبد العزيز الذي استدعاه أولطاش من مكتب المدير العام للأمن الوطني لطلب حضور إطارات آخرين في الأمن الوطني، لاغتيالهم رميا بالرصاص، وهو ما كان السبب في اكتشاف الجريمة. وجاء قرار إعادة تمثيل الجريمة، مثلما يشير إليه قانون الإجراءات الجزائية، بعد فترة وجيزة من استماع قاضي تحقيق الغرفة الأولى بمحكمة باب الوادي بالعاصمة، عبد الحميد بورزق، المكلف بملف اغتيال العقيد علي تونسي المدير العام السابق للأمن الوطني، إلى أزيد من 30 شاهدا في القضية، في إطار تعميق التحريات التي تشرف على نهايتها، بعد أن اتضحت الصورة وتحددت بدقة ملامح الجريمة. وفي هذا الشأن؛ وتماشيا مع التحريات التي قامت بها الضبطية القضائية، استدعى قاضي التحقيق نائب المدير العام لشركة ''الجيرين بيزنس ميلتيميديا''، ''س.ت''، المشتبه تورطها في صفقات مشبوهة مع المديرية العامة للأمن الوطني، وحصولها على مناقصات عبر وساطة العقيد المتقاعد شعيب أولطاش، حيث استفادت الشركة سنة 2008، من المناقصة الوطنية والدولية رقم 47/2008 التي أطلقتها المديرية العامة للأمن الوطني، والمتعلقة باقتناء 10300 مخزن طاقة، بقيمة 105 مليون دينار جزائري، وفي هذا الصدد أكدت المديرية العامة للأمن الوطني فوز ''ا.بي.آم'' بالمناقصة بتاريخ 5 نوفمبر 2008، طبقا لما ورد في الصحافة الوطنية وبالتحديد بيومية ''أوريزون'' الناطقة باللغة الفرنسية. وكانت المديرية العامة للأمن الوطني؛ قد أعلنت قبلها وبتاريخ 2 أوت 2008 وعلى صفحات الجريدة نفسها، عدم جدوى المناقصة التي كانت شركة ''الجيرين بيزنس ميلتيميديا'' قد شاركت فيها، وهي المناقصة رقم 34/2008 المتعلقة دائما باقتناء أجهزة مخزنات كهرباء ''أونديلور''، بسبب عدم استجابة العروض التي تقدمت بها الشركات الوطنية والأجنبية، لتزويد المديرية العامة للأمن الوطني للشروط المحددة في بنود المناقصة، وهو الأمر الذي فتح الباب لاشتباه أن الشركة التي لم تتمكن من الحصول على الصفقة في البداية، تحصلت عليها فيما بعد وبعد أقل من شهرين، وفي هذا الصدد ربطت التحريات القضية باشتباه منح أولطاش الصفقة لصهره آنذاك، حين كان يشغل منصب مدير لوحدة الصفقات بالمديرية العامة للأمن الوطني. واعترف المدعو ''ت.س''، صهر العقيد أولطاش، بإبرام الشركة التي يعد أحد أهم المسؤولين بها، على صفقات مع المديرية العامة للأمن الوطني، سنة 2008، تأكيدا لما أوردته ''النهار''، غير أنه أكد أن الصفقة التي تم الحصول عليها كانت بطريقة قانونية، على اعتبار أنها كانت مناقصة مفتوحة على المنافسة، ليبقى الباب مفتوحا للتحري في الطريقة التي حصلت بها الشركة على هذه المناقصة، في ظل وجود صلة قرابة بين الشركة ومدير برنامج العصرنة بمديرية الأمن الوطني، في تلك الفترة. وكانت مصادر ''النهار''؛ قد نقلت أن الصفقات المبرمة بين المديرية العامة للأمن الوطني وشركة ''الجيرين بيزنس ميلتيميديا'' مشبوهة، حيث وبناء على ورود معلومات حول وجود اشتباه في عقد صفقات مع هذه الأخيرة، أمر الشهيد العقيد علي تونسي المدير العام للأمن الوطني بفتح تحقيق في القضية، وقرر بناء على نتائجها مراجعة الكثير من المهام التي أسندت في وقت سابق للعقيد المتقاعد شعيب أولطاش، بصفته مديرا للوحدة الجوية للأمن الوطني وشغل منصب مدير برنامج عصرنة جهاز الشرطة، وهو ما دفعه إلى استباق الأحداث واغتيال المرحوم علي تونسي قبل الإجتماع المقرر بتاريخ 25 فيفري الماضي.