حرّم الشيخ شمس الدين، في فتوى حديثة تلقت ''النهار'' نسخة منها ، أكل اللحوم الهندية التي تعتزم وزارة التجارة إغراق السوق الجزائرية بها، والتي تباشر بشأنها حاليا الإجراءات الأخيرة بميناء العاصمة، من أجل السماح لها باكتساح السوق رغم الخلاف الذي يدور حولها في الأوساط السياسية والدينية، إلى جانب التخوف الذي ينتاب المستهلك الجزائري حولها. واستند الشيخ شمس الدين في هذه الفتوى التي أصدرها مؤخرا بشأن هذه اللحوم، التي تعتبر موضوع الساعة بالنسبة إلى المستهلك الجزائري، إلى الجهل التام بطريقة ذبحها أو الأشخاص الذين قاموا بذلك، بحيث يقول تعالى في محكم تنزيله »حُرِّمَت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب« المائدة ''3''.وأشار الشيخ شمس الدين في هذه الفتوى إلى أن الأمر أكبر من تلبية طلبات المستهلك والوقوف عند حاجياته، فهو يتعلق بالحلال والحرام الذي لا يجوز أن يدخل بطن امرئ مسلم خاصة إذا كان ذلك خلال شهر رمضان، فكيف يظل المرء صائما ليوم كامل لله عزّ وجل ليفطر في الأخير على شيء حرام بدليل القرآن والسنة. وقال الشيخ إن ديننا شرع لنا أكل اللحوم التي تذبح من طرف أهل الكتاب، شريطة أن تكون عملية الذبح بحضور عالم مسلم فقيه بأمور الذكاة من أجل التطبيق الحسن لأركان الذبح، وإلا فأكلها حرام، في الوقت الذي تصلنا اليوم لحوم هندية لا يعلم عن طريقة ذبحها شيء سوى أنه كتب عليها عبارة ذبحت على الطريقة الإسلامية.وأكد الشيخ شمس الدين أن هاتين الفرقتين اللتين تقفان وراء تصدير هذه اللحوم إلى الجزائر ويشاع أنهما مسلمتين، هما فرقتان تابعتان للطريقة القاديانية التي اشتهرت شركاتها بتصدير اللحوم إلى العالم الإسلامي، قد ثبت تلاعبها وعدم صدقها بشأن العلامة التي تضعها عليها، بشهادة الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي وتقرير الشباب المسلم بالدانمارك، وكذا تقرير إمام المركز الإسلامي في البرازيل.واعتبر الشيخ شمس الدين في فتواه التذرع بحديث عائشة رضي الله عنها-، القائل بجواز أكل اللحوم المذبوحة من قبل مسلمين لم يذكروا اسم الله عليها شريطة ذكر اسم الله قبل أكلها، غير منطقي لأن هذه اللحوم الهندية ذُبحت من قبل أشخاص لا نعرف ديانتهم وحدث ذلك دون حضور إمام مسلم فقيه في أمور الذبح ليشهد على طريقة ذبحها، تنفيذا لشرط الرسول صلى الله عليه وسلم- في ذبيحة أهل الكتاب. ''اللحوم الهندية حلال إذا توفرت فيها شروط الصحيحة والعكس'' قال الدكتور عبد الحميد بيرم، رئيس القسم الفقهي بجمعية العلماء المسلمين وأستاذ بكلية العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر، إن الخوض في مسألة اللحوم الهندية يتطلب معرفة ودراية تامة بكل ما يحيط بهذه الصفقة، لأن الأمر يتعلق بمصير مجتمع بأكمله لهذا ينبغي التحري لدى السلطات المعنية ومطابقة الأركان مع طريقة الذكاة الصحيحة التي يحل بها أكل هذه اللحوم.وقال بيرم في اتصال ب''النهار'' أمس، أنه لا يمكنه الخوض في مثل هذه المسائل وإثارة قضية حلال وحرام دون علم بأدنى جزئيات هذه الصفقة، لأن الحري بالمفتي هو الإحاطة بظروف ذبحها ومن وقف على ذلك، فإن كانت ذبحت من قبل مسلمين فأمر حلتها مفروغ منه ولا يمكن مناقشته، وكذلك إن تم ذبحها من قبل كتابي بحضور إمام ثقة. ومن جهة أخرى، أوضح ذات المتحدث أنه في حال ذبحت هذه اللحوم من قبل غير المسلمين أو الكتابيين فإنه لا يجوز أكلها، بغض النظر عن الظروف المحيطة بطريقة الذبح مشيرا إلى ضرورة التحري قبل الخوض في هذه المسألة، وهو ما جعله يعرض عن إطلاق أية فتوى في هذا الشأن قبل التحري لدى الجهات المختصة، خاصة وأنها تؤكد أن هذه اللحوم ذبحت من قبل مسلمين وبحضور بياطرة جزائريين.