"النهار" تنشر الأسباب الحقيقة للمواجهات الدامية التي هزت واحة ميزاب كشفت التحريات الأولية التي أجرتها مصالح الأمن بدائرة بريان، أن انتقامات شخصية بين بعض العائلات من الطائفتين المالكية والإباضية كانت السبب الرئيسي في اندلاع المواجهات والتي خلفت سقوط الشاب علي لعساكر، 32 سنة، الذي "راح ضحية انتقام" من طرف ق. لخضر،على خلفية علاقة كان قد أقامها الشاب المتوفي مع شقيقة له". وأفضت التحريات التي أجرتها مصالح الأمن إلى التأكيد بأن الشاب علي لعساكر، 32 سنة، وهو أب لطفلين، "راح ضحية انتقام" من طرف شخص متهم بارتكاب الجريمة يدعى، "ق.لخضر"، في 19 مارس المنصرم، أي عشية المولد النبوي الشريف، وذلك على خلفية "علاقة كان قد أقامها الشاب المتوفي مع شقيقة له"، وقد قامت عائلة هذه الفتاة المطلقة بعد علمها بالوضعية "بتزويجها من أحد المتقدمين في السن بولاية الأغواط، لتفادي فضيحة قد تمس العائلة". وأضاف ذات المصدر، أن هذه الحالة هي أحد الأمثلة فقط عن أسباب اندلاع المواجهات بين أبناء وشباب المنطقة الواحدة، وقد أشارت معلومات سابقة في ذات السياق، إلى "أن أحد الشباب من العروش المالكية ومن نفس عائلة المتهم بارتكاب الجريمة قد تعرض إلى اعتداء في سنة 2006 من طرف مجموعة من الشباب الإباضي ترصدته وضبطته على علاقة بإحدى الفتيات ذات التوجه الإباضي"، وقد ثارت العروش المالكية بسبب هذه التصرفات وكادت مدينة بريان تعرف انفجارا على خلفية الانتقام الذي حدث عشية الاحتفال بالمولد النبوي، حيث كانت المناوشات التي حدث تلك الليلة بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس. وعرفت منطقة بريان في الماضي أحداثا مشابهة تقريبا، وغالبا ما وقعت أحداث عنف مرتبطة بهذا النوع من المشاكل التي تقع بين ذات الطائفتين، والتي يتم تسويتها دائما بالمواجهات في الشارع، وقد أكد أول أمس وزير الدولة وزير الداخلية المعلومات التي تحصلت عليها "النهار"، وقال زرهوني على هامش زيارته التفقدية إلى ورقلة، أن أسباب اندلاع المواجهات بين عروش بريان "كانت لأسباب شخصية وليس لها أية خلفيات أخرى"، وإن أبقى المجال مفتوحا أمام نتائج التحقيقات الجارية، ويأتي هذا كرد على بعض التأويلات التي صدرت من بعض الأطراف التي حاولت استغلال الوضع سياسيا وتقديمه للرأي العام على أن الفتنة التي حدثت كانت بسبب محاولات لضرب السلطات المحلية المنتخبة فقط لأنها تمثل أحد أحزاب المعارضة. أعيان وشيوخ منطقة بريان بغرداية "الشباب أصبح طائشا ومتهورا ولا يخضع لأعيان المنطقة" محمد.ب أكد أعيان وشيوخ منطقة بريان بولاية غرداية من الطائفتين الإباضية والمالكية، أن الأحداث التي عرفتها المنطقة سببها تهور الشباب وانحرافه، وقالوا في تصريحات سابقة ل "النهار"، "أن هناك أطرافا أرادت استغلال الوضع لإثارة الفتنة بين سكان المنطقة الواحدة". وقال الشيخ ناصر حريزي، إمام خطيب وممثل هيئة العزابة الجمعية الدينية لبني ميزاب في تصريحات سابقة ل"النهار"، "أن الأحداث التي عرفتها منطقة بريان سببها الرئيسي تهور شباب الأحياء وطيشه" ، مشيرا إلى أن هناك من يحاول استغلال الأمور لإثارة الفتنة بين سكان الأحياء، "لأن مثل هذه الأحداث لا يختلف اثنان في أنها لا صلة لها لا بالإسلام ولا بالشرع، خاصة بين سكان المنطقة الواحدة". وإضافة إلى تهور الشباب، قال ممثل هيئة العزابة "أن هناك عدة مشاكل أخرى تراكمت وساهمت في انفجار الوضع"، خاصة وأنه لا يتم الاهتمام بفئة الشباب "وهناك من لهم نظرة ضيقة للأمور ممن يحاول استغلال الانتماء الديني والعرقي لنشر الفتنة". من جهته، أكد الشيخ الحاج سماحي صالح، ممثل الهيئة الدينية المالكية، "أن شباب المنطقة أصبح لا يخضع لأعيان المنطقة وأصبح طائشا من الفئتين المالكية والإباضية ، خاصة مع انتشار الآفات الاجتماعية"، مؤكدا "أن ذلك كان السبب الرئيس في اندلاع مثل هذه الموجهات"، مشيرا إلى "أن الأحزاب السياسية كان لها هي الأخرى دور في تغذية الصراع، وأن هناك فئة معينة تحاول التفرقة بين الطائفتين الإباضية والمالكية وأبناء المنطقة الواحدة". رئيس الحكومة تنقل بصفة شخصية إلى بريان لتهدئة الأوضاع المواجهات بدأت بالمفرقعات لتأخذ بعد ذلك صراعا عروشيا محمد.ب بدأت المواجهات بين سكان منطقة بريان بمناوشات بسيطة بين مراهقين وشباب في الأحياء، بتبادل رمي المفرقعات والألعاب النارية في ليلة الإحتفال بالمولد النبوي الشريف، تلاها بعد ذلك تراشق بالحجارة، لتتطور الأحداث بمرور الوقت دون حضور لمصالح الأمن الوطني، إلى صراع بين عروش المنطقة على خلفية الإنتقام لأحداث سابقة. تقاربت مختلف الشهادات التي سمعناها من سكان بريان أن القطرة التي أفاضت الكأس هي المناوشات التي جرت ليلة احتفالات المولد النبوي، الأربعاء 19 مارس، والتي صاحبها التراشق بالمفرقعات، الأمر الذي كان سببا مباشرا في نشوب مواجهات بين الأطفال، امتدت بعد ذلك إلى شباب الحي، في حين تقول روايات أخرى أن الاعتداء على إحدى النساء بالمفرقعات من طرف الشباب الإباضي تسببت في نشوب مواجهات دامت حوالي ثلاثة أيام خربت فيها العديد من المحلات والمساكن، وأحيت من جديد صراعات الماضي. وقالت شهادة حية عايشت الأحداث أن الصراع القديم بين عروش المالكية والإباضية، أو بني ميزاب وعروش العرب، عاد هذه المرة بمواجهات ببنادق الصيد واقتحام عدد من المساكن وحرق العديد من المحلات من طرف العرب، وأكد المواطنون والمسؤولون أن أطرافا مجهولة استغلت هذا الوضع، لتحوله إلى صراع ذي طابع عروشي أدى إلى حرق العديد من المحلات التجارية، كما قام العديد من الشباب باقتحام حرمة المنازل وحرقها والسطو عليها، مما تسبب في نقل امرأة حامل في شهرها الثامن إلى المستشفى. وتدخل المنتخبون المحليون لتهدئة الوضع قبل استفحاله، لكن جهودهم لم تنفع ولم تجد تجاوبا من طرف السلطات الأمنية والمسؤولين على رأس الولاية، حيث تدخلت قوات مكافحة الشغب وهدأت الأمور نسبيا إلى غاية اليوم الموالي، أي يوم الخميس، لتنفجر الأوضاع مرة ثانية في حدود الساعة العاشرة ليلا، بعد أن أخذ الصراع بعدا عروشيا بين المالكية والإباضية مشابها للأحداث التي وقعت سنة 1990، حيث انتشر العنف بصورة أوسع ، وسمعت طلقات نارية، صدرت من طرف أشخاص مجهولين. وتدخلت مرة ثانية قوات الأمن من أجل حماية الممتلكات العمومية دون أن تعرف مصدر الطلقات النارية، التي أدت إلى سقوط الضحية "علي لعساكر"، فيما تعرض حوالي 17 شخصا لجروح متفاوتة الخطورة. وقد سارع رئيس الحكومة، عبد العزيز بلخادم، يوم السبت 21 مارس، الى زيارة خاطفة إلى بريان، بصفة شخصية وبعيدا عن البروتوكولات والأضواء، اجتمع خلالها بأعيان المنطقة والتقى بعائلة الضحية ووعد بتوفير الأمن في المنطقة وتعويض الضحايا، فضلا عن السعي لأيجاد حلول وقائية تحول دون تكرار مثل هذه الأحداث التي تسيء الى تماسك المجتمع وتكامل مكوناته الحضارية والثقافية ، التي ظلت ومازالت بمثابة أسمنت أبدي يلملم تعددية المجتمع الجزائري.