تعد إحدى دوافع الإقبال على الانتحار بوهران ذكرت مصادر طبية أن سوق المهدئات النفسية تشهد في الآونة الأخيرة انتعاشا خطيرا بات ينعكس سلبا من خلال توسع دائرة الصيادلة الذين باعوا ضمائرهم وصاروا لا يتوانون في صرف هذه المهدئات لأشخاص غير مدرجين في خانة المرضى نفسيا، هذا وفي الوقت الذي يتحرج فيه المرضى ممن يحصلون على هذا النوع من الأدوية بوصفات من إعادة بيعها للمدمنين. أمام ضعف إجراءات الرقابة وتقصير المصالح المختصة في السيطرة على الوضع، تفاقمت من جديد بوهران ظاهرة تناول الأقراص المهدئة وسط الشباب بصورة تدعو للقلق خاصة وأن هذه الأقراص تباع بالصيدليات على أنها مهدئات للمرضى عقليا ونفسيا، والتي أصبحت تلقى إقبالا لدى الشباب في ظل الأوضاع الكارثية والظواهر السلبية التي تعرف تصعيدا غير مسبوق، من بين هذه المهدئات ما هو رائج "ريفوتريل" "ديازبام" و"وأنافارم" إذ من الشباب من يتعامل مباشرة مع بعض الصيادلة الذين يبيعون الأدوية الموجهة أساسا إلى المجانين لهؤلاء الشباب دون المطالبة بالوصفة الطبية أو البطاقة التي تثبت أن الشخص مصاب بمرض عقلي وهذا ما يؤكد وجود مافيا تعمل على تدمير قاعدة المجتمع، حيث إن هناك إجراءات صارمة يتعين على الصيدلي اتخاذها قبل بيع هذا النوع من الأدوية، إذ يجب عليه التأكد من هوية الزبون وتدوين بعض المعلومات عنه لإرسال نسخ من التقرير من المديريات المعنية، غير أن الواقع يثبت أن هذه الشبكات الواسعة الانتشار لا يهمها إلا الربح السريع على حساب عقول الشباب، في حين تنتشر تجارة الأقراص المهدئة بالأحياء الأكثر شعبية بوهران كحي "النصر" و"سيدي الهواري" و"سان بيار" إذ يباع القرص الواحد بسعر 160 دج إلى 150 دج، مما يفسر ارتفاع حالات الاعتداء والسرقة ولاسيما الانتحار الذي ارتفعت نسبه مؤخرا بوهران، حيث أضحى في عداد الملفات التي تعزف السلطات والجهات المختصة فتحها، كون أن الظاهرة تعد مقياسا حقيقيا للكشف عن الضغط الممارس على الشباب. الانتحار حل بديل للهروب من الواقع تبين الأرقام والإحصاءات المقدمة في هذا الإطار التصاعد الرهيب في قضايا الانتحار الذي تتعدد أسبابه حسب تباين الدوافع، حيث تم تسجيل بوهران خلال شهري جانفي وفيفري من السنة الجارية 23 حالة، ليرتفع العدد إلى 43 حالة في شهر مارس المنصرم، في الوقت الذي أوعز فيه أخصائيون أسباب هذا التنامي إلى المشاكل الاجتماعية وفي مقدمتها البطالة التي تعد دافعا أساسيا لإقبال الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و30 سنة على التخلص من أنفسهم بطريقة إرادية، في ذات الصدد اتصلت جريدة " النهار" بأحد الشباب القاطن بوهران والذي نجا من محاولة انتحار بأعجوبة العام المنصرم، الغريب في قصة المسمى (ب.س) أنه حاصل على شهادة البكالوريا إلا أنه لم يلتحق بالجامعة لرغبته في الحصول على عمل يعيل به عائلته المتكونة من 5 أفراد ليصطدم بواقع لا تتاح فيه الفرص حسبه إلا لذوي النفوذ " والعرف" يقول (ب.س.) أنه ضيع سنوات في البحث لكن بدون جدوى قبل أن يردف أنه فقد الأمل نهائيا بسبب ما عاناه من إقصاء محاولة الانتحار التي يسردها هذا الشباب المنتمي إلى عائلة فقيرة، كانت تحت تأثير الأقراص المخدرة التي تعاطاها لمدة 3 أشهر لينتهي به الأمر إلى القفز من شرفة بإحدى العمارات المهجورة بحي " سيدي الهواري". لا تستبعد بعض الأطراف أن رواج الأقراص المهلوسة أو المهدئات مرده إلى تواجد شبكات تسيطر بإحكام قبضتها على سوق " الترابندو" في تجارة المخدرات بصفة عامة، والتي لا يهمها إلا الكسب السريع على حساب تدمير عقول الشباب وإفلاسهم من جهة أخرى ويشكل مركز تموين المرضى بالدواء الكائن "بتيريقو" التابع لمستشفى سيدي الشحمي للأمراض العقلية، أحد أهم المصادر في تسرب الأدوية التي عادة ما توجه للمرضى الذين يعانون من أزمات نفسية واضطرابات عقلية، إلى الخارج ليتم بيعها للمدمنين والراغبين في الانتحار، يحدث هذا على ضوء انعدام الرقابة في تحديد هوية المستفيدين ومدى حاجتهم للدواء. نشاطات مصالح الأمن تضيق الخناق على باعة التجزئة أسفرت جهود مختلف وحدات الأمن بوهران خلال الثلاثي الأول من السنة الجاري عن تفكيك شبكات مختصة في الترويج للأقراص المهدئة عبر مختلف أحياء المدينة، إذ تم خلال شهر فيفري الفارط إلقاء القبض على عائلة بكاملها تقطن بعمارة بحي " سان بيار" وسط وهران حيث حجزت مصالح الدرك الوطني كميات معتبرة من الأقراص المهدئة... في نفس الفترة تقريبا، تمكنت وحدات الأمن بعد التحريات والتنقيب من تطويق عصابة متكونة من مجموعة من الأشخاص يهيئون الأرضية لتوزيع الأقراص المهدئة بالتجزئة.