أدانت يوم أمس محكمة الجنايات بمجلس قضاء باتنةالفلسطيني ''غ.ا'' 29 سنة، عن جناية حيازة وتسليم مادة كيميائية محظورة ''زئبق''، وهو نفس الحكم في نفس القضية سلّط على المتهم الثاني الجزائري الدهان المدعو ''س.فوزي'' 92 سنة، في وقت أدين المتهم الثالث ''ع.ص'' عن جنحة عدم الإبلاغ بعام حبسا نافذا، وذلك بعد التماسات النيابة بتسليط عقوبة 8 سنوات في حق المتهمين الأولين، و3 سنوات في حق المتهم الثالث ''ع ص''. القضية تعود وقائعها إلى شهر ماي من سنة 2010 ، عندما عثرت مصالح الأمن على ما يقارب 300 غ من مادة الزئبق الأبيض وكمية من الكريستال في المنزل الذي استأجره المتهم بحي حملة بمدينة باتنة، وكانت التحقيقات قد بدأت بأمر من جهات أمنية عليا في البلاد، على رأسها المديرية العامة للأمن الوطني وبمعالجة من قبل مصالح الأمن المختصة، خاصة وأنّ شكوك المحققين في بداية الأمر، كانت تحوم حول احتمال وصول الزئبق المحجوز إلى تنظيم القاعدة، لأن معلومات أولية توفرت من شبكة الأنترنت وإيميلات الفلسطيني، تفيد بأن هذا الأخير كان ينوي بيع هذه المادة ب500 مليون سنتيم، وهو ما نفاه يوم أمس خلال المحاكمة التي دامت خمس ساعات كاملة، حيث اعترف المتهم بحيازة المادة التي قال أنه تحصل عليها منذ سنتين من زميله الدهّان المدعو'' ف.س '' 30 سنة، لكن لغرض نقلها للمقاومة الفلسطينية في غزة لأجل صناعة صواعق الصواريخ، وكانت الإتصالات مع قياديي حركة حماس في غزة تتم عبر بريد الأنترنت، ومن أجل نقل الزئبق إلى هناك، اتصل بالفلسطيني المدعو ''أ.ع.ع'' بالجزائر العاصمة، للنظر في الطريقة المثلى لتحقيق ذلك، إلا أنّ هذا الإسم تبين لدى مصالح الأمن أنه لشخص مسبوق قضائيا في قضية إرهاب، ما عزز شكوك نقل المادة إلى الجماعات الإرهابية، قبل الوصول إلى الذي اتصل به المتهم فعلا، وهو المدعو ''ع.م.أ.أ'' الذي نفى عند التحقيق معه أن يكون فحوى الإتصال به من أجل نقل الزئبق، وأنه ليست له أي علاقة بالمقاومة الفلسطينية، لأنه يعمل مسيرا شركة أردنية وناشط في مجال الثقافة، وأن الإتصال كان بخصوص التوسط لدى وزير الداخلية الفلسطيني، من أجل إطلاق سراح شقيقه المتورط في قضية مخدرات، وعن ذلك قال أحد محامي المتهم أنّ النفي طبيعي جدا في تنظيم يقاوم الاحتلال الإسرائيلي، وتساءل عن سبب عدم إحضار هذا الشخص للمواجهة أمام المحكمة. وهذا جانب ممّا دار أثناء المحاكمة: القاضي: ما هو مستواك الدراسي؟ المتهم: ليسانس حقوق من جامعة باتنة. القاضي: من أين تحصلت على الزئبق؟ المتهم: من عند الشّهم ''ف.س'' -في إشارة منه إلى الرجولة والأنوفة-. القاضي: منذ متى والزئبق بحوزتك؟ المتهم: منذ سنتين. القاضي: ماذا كنت تنوي القيام به؟ المتهم: كنت أنوي نقله إلى المقاومة الفلسطينية في غزة لأنّ المقاومين هناك قالوا لي عبر الأنترنت، أنها تدخل في صناعة صواعق الصواريخ. القاضي: أتريد القول بأنّه لا علاقة لك بالإرهاب؟ المتهم: هذا أكيد. القاضي: لكن الاسم الذي أعطيته للمحققين تبين أنه لشخص له علاقة بالإرهاب القاضي يقصد الاسم الأول ''أ.ع.ع''. المتهم: لو أعلم أنه فعلا مسبوق في قضية إرهاب لشربت دمه. القاضي: وما دخلك أنت حتى تحتفظ بمادة خطيرة سنتين كاملتين؟ المتهم: يا عم.. يا ريس أنا فلسطيني من حقي أن أقاوم. القاضي مقاطعا المتهم: فلسفتك العمياء والمزايدة بالوطنية، أتركها في الخارج...مواصلا طرح أسئلته. وعن حبات الكريستال، فقال المتهم أنّها وجدت بحوزته لتوظيفها في اختبار المرأة التي من المفترض أن تشارك بنقل مادة الزئبق إلى غزة، لأن الخطة كانت مدروسة بما يضمن عدم ضياع هذه الكمية المعتبرة والثمينة. من جهته المتهم الثاني ''س.ف'' قال أن كمية الزئبق أحضرها من مكتب طبيبة أسنان في مستشفى مروانة، وأنه لا يعلم إن كانت زئبقا، بدليل أنه لمّا سلّمها للفلسطيني كان قد طلب منه إضافة كمية من الماء عليها، ثم شربها كعلاج للجروح التي أصابته وقتها، رغم أن الطبيبة التي حضرت يوم أمس كشاهدة، أكدت أنها لم تتعامل أبدا بمثل هذه المادة، رغم أنها تدخل في ترميم الأسنان، وقد بقي مصدر المادة عبارة عن حلقة مفقودة. وكانت هيئة الدفاع قد التمست تبرئة ساحة موكليهم، للعديد من المعطيات، منها عدم توفر خبرة قضائية علمية لدى المحكمة، تثبت أن الزئبق فعلا يعتبر مادة متفجرة حتى تنطبق المادة القانونية على المتابعين بها، إضافة إلى انعدام الركن المعنوي لتحقيق أركان الجرم، لأن الهدف من الحيازة -الركن المادي - هو مساعدة المقاومة. ممثل الحق العام: ''فلسطين في القلب.. لكن الجزائر أولا وقبل كل شيء '' ممثل الحق العام وفي مرافعته التي لم تدم أكثر من خمس دقائق، فقد بدأ مرافعته بالقول أنّ فلسطين فعلا في القلب ولكن الجزائر أولا وقبل كل شيء، مضيفا أن القانون واضح والحيازة مثبتة باعتراف المتهمين، وعليه التمس ثماني سنوات في حق ''غ.ا'' و''س.ف'' وثلاث سنوات في حق ''ع.ص''. والتمس المتهم الرئيسي بعد أن منحه القاضي الكلمة الأخيرة، أن يوضع في زنزانة لوحده إذا تمت إدانته.