لن تعرف الجزائر مرة أخرى صناديق خشبية تستعمل في تزوير نتائج الانتخابات، ولن يستعمل المشرفون على أي استحقاقات سياسية مستقبلا أقلام حبر قابلة للمحو والتزوير في التلاعب بمحاضر فرز الأصوات، ولن يسمح حتى للمرشحين من شراء الأصوات واستعمال "الشكارة" في سبيل الفوز بالانتخابات والمتاجرة بأصوات الناخبين. هذا أبرز ما يستجد في سلسلة الإجراءات التي تضمنها قانون الانتخابات الذي تمت المصادقة عليه، أمس، خلال مجلس الوزراء والذي أقر أيضا سلسلة قوانين أخرى تخص منع التجار من تولي مناصب في البرلمان خلال العهدة الانتخابية. ونص القانون الجديد على تعزيز دور القضاة الذين يتم تعيينهم من طرف رئيس الدولة في متابعة ومراقبة العملية الانتخابية بما في ذلك مراجعة قوائم الناخبين وفحصها من تاريخ إستدعاء الهيئة الناخبة إلى غاية فحص وترسيم نتائج الانتخابات سواء المحلية، التشريعية أو الرئاسية. وبهذا تخضع الإدارة المشرفة على الانتخابات إلى سلطة القضاء بشكل كامل بعدما كان دورها ينحصر فقط في ترسيم النتائج دون أن يكون لها حق المتابعة أو المراقبة أو الطعن في قوائم الناخبين أو حتى كل ما تثيره الأحزاب من طعون لدى الإدارة. وحتى اللجنة السياسية المكلفة بمراقبة الانتخابات فقط تقرر أن يتم تعيين رئيسها من بين أعضاءها من ممثلي الأحزاب والمرشحين الأحرار بعدما كان التعيين يتم في كل مرة من طرف رئيس الدولة سواء تعلق الأمر باستحقاق رئاسي أو محلي. وحتى العملية الإنتخابية فقد تقرر أن تكون الصناديق شفافة ومن زجاج يظهر بوضوح الأظرفة الموجودة في الصندوق وأيضا يمنع استعمال الحبر القابل للمحو في محاضر فرز الأصوات وسيتم فقط استعمال الحبر الذي لا يمكن تزويره أو محوه وهذا في خطوة لتأكيد الرغبة في قطع الطريق أمام كل عملية تزوير. كما يلزم القانون الجديد الإدارة المختصة بتبرير أي رفض لقائمة مترشحين أو لترشح في قائمة ما وتخويل الحزب أو المترشح المعني إمكانية الطعن في هذا الإجراء لدى الجهات القضائية المختصة. وأيضا تسليم نسخة من القائمة الانتخابية الولائية لجميع ممثلي قوائم الأحزاب أو المترشحين الأحرار مع إمكانية طعن هؤلاء عند الاقتضاء في محتوى القائمة. - حضور ممثلي المترشحين بقدر خمسة ممثلين في كل مكتب انتخابي و هم يختارون عند الاقتضاء عن طريق القرعة من قبل آليات الإشراف والمراقبة. ويسلم توا ممثل كل قائمة تخوض غمار الانتخابات نسخة من محضر عملية الفرز على مستوى مكتب الاقتراع ومحضر من عملية التدقيق في النتائج برئاسة قاض على مستوى البلدية و محضر للنتائج المدققة على مستوى الولاية من قبل لجنة مؤلفة من قضاة . تصلح النسخ من مختلف هذه المحاضر ليعتد بها في أي طعن قد تتقدم به قائمة مشاركة في الانتخابات لدى الهيئات المخولة قانونا أي المجلس الدستوري بالنسبة للانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعية من جهة و اللجنة الانتخابية الولائية المتألفة من قضاة بالنسبة للانتخابات المحلية من جهة أخرى. هذا و يدخل مشروع القانون هذا تحسينات أخرى على النظام ا لانتخابي و ذلك من خلال تخفيض السن المشترط من المترشح للعضوية في مجلس الأمة و من خلا ل منع انتقال مرشح من قائمة إنتخابية إلى تشكيلة سياسية أخرى بعد انتخابه وإلزام عضو الحكومة الذي يترشح للانتخاب بالاستقالة من وظيفته وكذا تخفيض عدد توقيعات الناخبين المشترط من المترشح للانتخاب الرئاسي. فضلا عن هذه ا حكام التي تزيد عمليات إلا اقتراع شفافية فإن مشروع القانون العضوي يقترح أحكاما أخرى كفيلة بضمان إجراء حملة انتخابية في كنف الهدوء و الإنصاف وهذا بتكليف اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات بمسؤولية إجراء القرعة لتوزيع مواعيد ظهور المرشحين عبر وسائل الاعلام السمعية البصرية و توزيع القاعات العمومية المخصصة لمهرجانات الحملة الانتخابية. ويقترح مشروع القانون عددا من العقوبات في حق كل من يحاول شراء ذمم المنتخبين أو تزوير الانتخابات كيف ما كان ذلك. و تتضاعف شدة هذه العقوبات كلما كان الفاعل عونا عموميا. إلزام وضع النساء في قوائم الأحزاب.. كما درس مجلس الوزراء مشروع قانون عضوي يحدد إجراءات توسيع تمثيل النساء في المجالس المنتخبة.وقد تضمن عدة إجراءات أبرزها أن كل قائمة من المترشحين للانتخابات التشريعية و انتخابات المجالس الشعبية الولائية وانتخابات المجالس الشعبية البلدية في البلديات التي يفوق تعداد سكانها 20 ألف نسمة لابد أن تتضمن نسبة من المترشحات لا تقل عن الثلث. ويترتب عن عدم احترام هذا الحكم رفض القائمة المعنية -أنه يتم عند نهاية عملية فرز الأصوات توزيع المقاعد وفقا لعدد الأصوات التي تؤول إلى كل قائمة مع تخصيص ثلث المقاعد للمترشحات حسب ترتيبهن الاسمي في القائمة المعنية. وفي حال ما إذا تحصلت قائمة من القوائم على مقعدين غير يتم توزيعهما بين الجنسين حسب الترتيب الاسمي للمترشحين. وفي الحالات المنصوص عليها في القانون المتعلق بالانتخابات البلدية و الولائية يتم استخلاف كل منتخب لم يكمل عهدته بمرشح من نفس الجنس وارد اسمه في القائمة المقدمة في نفس الاقتراع. وينص القانون على إمكانية تشجيع الدولة للأحزاب السياسية على ترقية مزيد من الحضور النسوي ضمن المجالس المنتخبة بواسطة دعم مالي خاص يتناسب مع عدد مترشحات هذه الأحزاب المنتخبات في مختلف المجالس. نهاية عهدة البزناسية الذين يتكلمون بإسم الشعب.. كما صادق مجلس الوزراء على قانون عضوي يحدد حالات التنافي مع العهدة البرلمانية ويشير إلى حالات بطلان الحق في الترشح وحالات التنافي مع التمثيل النيابي سيتم تحديده بموجب قانون عضوي. من بين حالات التنافي مع التمثيل النيابي يذكر مشروع القانون العضوي المهام الممارسة ضمن الحكومة و المجلس الدستوري والإدارات والمؤسسات العمومية وفي إطار أية عهدة انتخابية أخرى ومهنة القضاء. ويذكر النص أيضا ممارسة وظيفة أو عمل أو عهدة في مؤسسة أو مجمع اقتصادي والنشاط التجاري والمهن الحرة وكذا كل وظيفة أو عمل موكل من قبل دولة أجنبية أو منظمة دولية. يتضمن النص استثناءات محددة من حالات التنافي هذه منها التعليم الجامعي و ممارسة الطب في القطاع العمومي وكذا تولي مهمة مؤقتة لحساب الدولة. من جهة أخرى يقترح مشروع القانون هذا أحكاما تلزم المنتخب في البرلمان عند الاقتضاء بتصحيح وضعه في حالة التنافي مع عهدته و إلا تم إسقاط صفته البرلمانية. في الأخير يقترح النص دخوله حيز التنفيذ ابتداء من الانتخابات التشريعية المقبلة وفقا لرزنامة كلتا غرفتي البرلمان علما أن مشروع القانون الذي أعدته وزارة الداخلية كان قد منح ثلاثة أشهر لنواب البرلمان الحالي بغرفتيه لتقديم استقالتهم من وظائفهم أو البرلمان. علاقة جديدة بين المنتخبين مع الهيئة التنفيذية الولائية وصادق مجلس الوزراء على مشروع قانون متعلق بالولاية من خلال إعادة صياغة جوهرية للتشريع الساري من أجل دعم المقاطعة اللا ممركزة و تعزيز مشاركة مواطنيها في التنمية المحلية من خلا ل منتخبيهم. في هذا الصدد يجدد النص التأكيد على أن الولاية فضاء لدعم التنمية المحلية و النشاطات الخاصة بالبلديات. كما يوضح توزيع المهام و الموارد بين الدولة و الولاية و البلدية و يدعم أيضا دور الولاية في تنسيق النشاط الحكومي على المستوى المحلي. ويعزز المشروع صلاحيات المجلس الشعبي الولائي خاصة في مجال التنمية الاقتصادية بما في ذلك المبادرات الهادفة إلى جذب المستثمرين و تشجيع إنشاء المؤسسات التي تحدث مناصب الشغل. وتم حصر المداولات الموجبة لموافقة الوالي في تلك المتعلقة بالميزانية ونقل الملكية وحيازة أو تبادل الممتلكات العقارية والهبات والعطايا الواردة من الخارج وكذا اتفاقيات التوأمة. وكل خلاف بين المجلس والجهاز التنفيذي للولاية سيحال من الآن فصاعدا على المحكمة الإدارية التي تبت فيه بكل سيادة. وكشف الرئيس بوتفليقة في كلمته أن سيتم بعد الانتخابات التشريعية المقبلة المبادرة إلى مراجعة الدستور الذي سيحال على البرلمان لافتا إلى أن هذه المشاريع التي تمت المصادقة عليها "تعكس إرادة الجزائريين في دفع المنظومة السياسية الديمقراطية و التعددية التي أرسوا قواعدها قبل عقدين" وأكد أن قانون الانتخابات سيتيح مستقبلا لجميع الملاحظين الجزائريين منهم والأجانب الشهود على أهمية جهاز الإشراف على الانتخابات ومراقبتها بالمشاركة النشطة للمترشحين للانتخابات".