مازالت ملفات التائبين الذين استفادوا من العفو، سواء ضمن تدابير قانون الرحمة، الوئام المدني أو المصالحة الوطنية، تراوح مكانها بعد مرور أكثر من سنة، على إصدار الوزير الأول أحمد أويحيى، قرار وقف المتابعات القضائية وإبطال الدعوى العمومية في حق كل العناصر الذين تخلوا عن العمل المسلح، وهي التعليمة التي تم توجيهها لوزير العدل حافظ الأختام الطيب بلعيز، ومنه إلى وكلاء الجمهورية والمجالس القضائية لتنفيذها. وبحسب ما رصدته ''النهار'' من معطيات بحديثها إلى الفئة المعنية فإنّ أغلب التائبين مازالوا يعانون من مشكل المتابعة الأمنية، رغم تسوية الوضعية قضائيا، بسبب عدم التنسيق بين المصالح الأمنية والقضائية في هذا الشأن، في وقت اهتدت بعض المجالس القضائية إلى طريقة لتسهيل مهمة التائبين، من خلال منحهم وثيقة الكف عن البحث بعد إيداع ملف الحصول عليها، وأجمع أغلب من تحدثت إليهم ''النهار'' بمن فيهم الذين رفضوا ذكر أسمائهم أو الإشارة إليهم في الموضوع، إلى المعاملة الطيبة التي لقوها على مستوى بعض المجالس القضائية التي سرّعت وتيرة تنفيذ التعليمة، وعلى رأسها النائب العام لدى ولاية تيزي وزو. أبو زكريا: '' يتعين على العدالة مراسلة الجهات الأمنية لإسقاط الملاحقة'' قال شريف سعيد المدعو أبو زكريا عضو مجلس الأعيان بالجماعة السلفية للدعوة والقتال سابقا، أنّ ملفه تم تطهيره، في انتظار تسوية وضعيته على مستوى ولاية تيزي وزو وبومرداس، اللتين قال بشأنهما إنّه اتصل بالنائبين العامين على مستواهما وأكدا له تسوية وضعيته، وأوضح أبو زكرياء في اتصال ب''النهار'' أنّه بعد انقضاء الدعوى العمومية يتم تطهير الملف أوتوماتيكيا، غير أن بعض وكلاء الجمهورية ينسون الملفات، بالإضافة إلى التعطيل الإداري، لذلك يقول المتحدث إنّه من الأفضل الاتصال بوكلاء الجمهورية على مستوى المجالس القضائية لتعجيل الإجراءات، مشيرا إلى أنّه من المفروض على كل وكيل جمهورية نشر كل تفاصيل الأحكام لاستكمال تدابير تسوية وضعية التائبين، وأضاف أنّه من المفروض أن تقوم السلطات القضائية بإنجاح المبادرة، من خلال مراسلة السلطات الأمنية لإسقاط الملاحقة ضد الأطراف المعنية. التائب عبد الخالق:'' أغلب ملفات المصالحة تمت تسويتها مقارنة بالقديمة'' أفاد التائب عبد الخالق من العاصمة الذي اتصلت به ''النهار''، للحصول على معلومات حول ظروف تسوية وضعيته، خصوصا وأن عودته إلى المجتمع تجاوزت 20 سنة، أنّ ملفه فارغ منذ 1999، حيث استفاد من قانون الوئام المدني، رفقة عدد كبير من المنتمين آنذاك للجيش الإسلامي للإنقاذ سابقا، مشيرا في السياق ذاته إلى أن المستفيدين من قانون الرحمة مازالوا يعانون من مشكل المتابعة، في وقت مازال آخرون يخضعون للتحقيقات لحد الساعة للتحقيقات والتوقيفات في الحواجز الأمنية، حتى أولئك الذين استفادوا منذ 10 سنوات من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، وأشار المتحدث إلى حالة تائب من حمادي تم توقيفه بسعيدة، بسبب عدم شطب اسمه من قائمة المطلوبين على مستوى الأمن، رغم أنه التحق بالمجتمع العام 1998، وقرار التوقيف الصادر في حقه مؤرخ بالعام 1996، حيث لم يتم الإفراج عنه إلا بعد أن تم الاتصال بالمصالح الأمنية للرويبة التي أكدت أنّه معفي من المتابعة، وأضاف المتحدث بأنّ السبب كله يكمن في عدم التنسيق بين السلطات القضائية والأمنية، حيث يتم تسوية الوضعية لدى السلطات القضائية في وقت تبقى قرارات المتابعة والبحث لدى السلطات الأمنية سارية. التائب ''خ.أ'': ''المشكل يكمن في عدم معرفة التائبين بالإجراءات الضرورية'' من جهته قال التائب ''خ.أ'' من العاصمة، أن وضعيته تمت تسويتها نهائيا بالاعتماد على محامي، ''قدمت ملفي أمام المحكمة العليا وتمت تسوية وضعيتي نهائيا على كافة المستويات، المشكل يكمن في عدم معرفة المعنيين لإجراءات التسوية، الحقيقة كانت هناك صعوبات عويصة سابقا لكن في الوقت الراهن تفتحت الأمور قليلا''، وأضاف ''أ'' أن قرارات التحويل كانت تستغرق 12 يوما على الأقل، ما يعني أن توقيف تائب في ولاية أخرى قد يجبره على البقاء طيلة هذه المدة قبل وصول قرار التحويل، إذا كان المعني من ولاية بعيدة، وكانت السلطات الأمنية تقوم بتحويل الشخص الموقوف إلى الولاية محل الولادة وليس محل الإقامة، في حين أنّه حاليا ولدى توقيف التائبين الذين سلموا أنفسهم وتأكد أنهم من القدامى، يتم إطلاق سراحهم''، واستطرد المتحدث قائلا: ''في العاصمة الأمور سهلة نوعا ما، لكن في الولايات الداخلية مازالت الأمور لم تسو بنسبة مائة من المائة''. التائب حسان: ''أنصح ألإخوة بالتقرب من مجالس القضاء وإيداع ملف للحصول على بطاقة الكف عن البحث'' أوضح التائب حسان المنحدر من ولاية البويرة، أنه تحصل على بطاقة الكف عن البحث من السلطات القضائية، وأصبح يستعين بهذه الأخيرة في مختلف خرجاته، إذ لم يلق أي إشكال منذ أن تحصل عليها، بل وبالعكس تم منحه جواز السفر وبطاقة الانتخاب، حتى أن هناك أشخاص تقدموا أمام مجلس القضاء وحصلوا على بطاقة الكف عن البحث وزاروا حتى البقاع المقدسة دون أدنى إشكال، وأضاف حسان أنّ المشكل المطروح حاليا هو تبييض صحيفة السوابق العدلية، خاصة بالنسبة لأولئك الذين صدرت في حقهم أحكام غيابية. الأستاذ فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان: ''المشكل كله في التنسيق بين الأمن والقضاء'' أفاد الأستاذ فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، أنّ الملفات المتعلقة بالتائبين كلها تسير على ما يرام، وأنّه لم يتلق أي شكوى من قبل تائبين تعرضوا لمشاكل، غير أنه اعترف بوجود خلل في التنسيق بين السلطات الأمنية والقضائية، حيث أكد أن السلطات القضائية تمنح للتائبين وثيقة الاستفادة من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، أو من قانون الرحمة أو من الوئام المدني، غير أن مصالح الأمن توقفهم وتحقق معهم، رغم إظهارهم الوثيقة السالفة الذكر.