خصص الرئيس عبد العزيز بوتفليقة جزءا معتبرا من الخطاب الذي ألقاه أمس بمركب 8 ماي 1945 بولاية سطيف، لحث الناخبين على التوجه بقوة غدا الخميس نحو صناديق الاقتراع، وانتخاب مجلس نيابي سيد "لتفويت الفرصة على من يتربص الشر بالبلاد ولا يحب لها النهوض والاستقرار". ووصف رئيس الجمهورية الانتخابات التشريعية المقررة غدا بالمتميزة والمغايرة لسابقاتها قائلا من حيث "الضمانات العديدة التي وفرناها لتكون كما يريدها شعبنا نظيفة شفافة، انتخابات ناجحة بفضل مساهمة الجميع قضاء مستقلا وإدارة محايدة، أحزابا فاعلة وجمعيات نشطة ويقظة وصحافة حرة ومراقبة وطنية ودولية إلى غير ذلك من الإجراءات". واعتبر القاضي الأول للبلاد أن الجزائر تمر بمرحلة مفصلية وحاسمة في تاريخها، "وفي هذا السياق تتجلى الأهمية القصوى للانتخابات التشريعية المقبلة، سواء من حيث التوقيت الحساس أو من حيث ما سيترتب عنها من انعكاسات معتبرة، مما يجعلها اختبارا لمصداقية البلاد، كما أنها محطة فاصلة في استكمال برنامج الإصلاح والتحديث". وفي اتجاه مغاير، شدد الرئيس بوتفليقة على أن انتماءه السياسي لا غبار عليه، وهو الرئيس الشرفي لحزب جبهة التحرير الوطني، لكنه دعا المواطنين إلى الانتخاب على مرشحين نزهاء وقادرين على تمثيلهم بغض النظر عن التيارات والأطياف السياسية التي ينتسبون إليها. وفهمت إشارة عبد العزيز بوتفليقة على أنها تبرئة للذمة من سعي أطراف حزبية للمتاجرة باسمه في الدعاية الانتخابية، على غرار محسوبين على تشكيلتي التجمع الوطني الديمقراطي وجبهة التحرير الوطني، وهذه الأخيرة تعرف تجاذبات بين فريقين أحدهما يتهم تيار الأمين العام عبد العزيز بلخادم بتخويف الخصوم باسم الرئيس الشرفي للحزب، وكان مدير مركز الاستشراف بوجمعة هيشور قد أدلى في وقت سابق بتصريحات إعلامية مفادها أن بلخادم يتعمد ترهيب المنشقين والغاضبين على توجهات القيادة، بذكر اسم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة. كما تفهم خرجة القاضي الأول للبلاد على أنها إشارة إلى أحزاب معارضة أبدت تخوفها من محاولة قيام السلطة بتعبئة جماهيرية تصب في صالح الحزبين المشكلين لأغلبية الطاقم الحكومي وهما الأرندي والأفلان، ليأتي خطاب الرئيس في مدينة سطيف داحضا لأية محاولات تزج باسمه في صراعات سياسية وتصفية حسابات حزبية ضيقة، كما يكرس كلامه رغبة أعلن عنها منذ توليه سدة الحكم في البلاد عقب فوزه بانتخابات 1999، تعبر عن حرصه ليكون "رئيسا لكل الجزائريين بمختلف تياراتهم ومشاربهم"، ورفضه التموقع في خندق تشكيلة سياسية بعينها، حتى وإن لم يتردد في قبول الرئاسة الشرفية للحزب العتيد.