يقصد بعض الرجال عيادات أخصائيي علم النفس رغبة منهم في الحصول على علاج فعال لحالة الخجل المفرطة التي تنتابهم، خاصة لما يتعلق الأمر بالجنس الآخر حيث يعتبرون أنفسهم غيرمرغوب فيهم لا لشيء سوى أنهم كثيري الخجل، في الوقت الذي يرى فيه المختصون أنه اضطراب نفسي يحتاج إلى مساعدة خاصة. يشتكي بعض الرجال من حالات يقولون إنها صارت تمس برجولتهم، رغم أن بعضهم في عز شبابه أو كهولته، إلا أنه يحمرّ أحيانا ويتلعثم في الكلام أحيانا أخرى ولا يعرف كيف يتصرف في الكثير من المواقف في أعراض يقول، إنه لا يعرف أسبابها ومنهم حالة فتحي صاحب ال 30 سنة والذي تنتابه نوبات حرج يشعر إثرها بالاضطراب، وحسب روايته فإنه وفي حال حدثّه مسؤوله في العمل على سبيل المثال، يحمّر وجهه ويتلعثم في الكلام بشكل واضح، رغم أنه لم يرتكب ما يجعله يشعر بكل ذلك، وغير فتحي كثيرون ممن يقال عنهم إنهم يدفنون رؤوسهم كالنعام ليس لأنهم جبناء بل لأنهم يخجلون كثيرا، هكذا حاولت أم موسى وصف ابنها الذي تقول إنه خجول للغاية وسريع الإحمرار لدرجة أنها صارت تعتقد أنه عديم الشخصية رغم أنه في الثلاثينات من العمر. "أم وليد" إحدى من اشتكت لنا من خجل ابنها المفرط، حيث تقول إنه عاجز عن طلب أبسط حقوقه من الغير بشكل يثير غضبها، تقول عن بعض مواقف الخجل المفرط عند ابنها: "كثيرة هي المواقف التي لا أستطيع تعدادها فمرة لا يأخذ بقية المبلغ المدفوع ثمن الركوب أو شراء حاجة معينة، حتى وإن أدرك أن التاجر نسي فإنه لا يطلب منه لأنه يخجل، وإذا أخطأ مدرس في منحه العلامة التي يستحقها لا يطلب منه مراجعة ورقة الامتحان لأنه يخجل، وإذا طلبت منه شيئا يحتاج تحقيقه الاحتكاك بالآخرين فإنه يرفض مبررا ذلك بالخجل". عادة ما يكون الخجل من التعامل مع الجنس الآخر من أبرز صور الخجل المفرط عند بعض الرجال بشكل يثير انتباه المحيطين، وقد يؤثر على حياته العملية وحتى الزوجية حيث تصدر من بعضهم تصرفات لا إرادية ناجمة عن تعاملاتهم مع النساء. خجل الزوج ليس دوما في صالح المرأة يمكن أن يكون الخجل مقبولا في نظر الكثيرين لو كان من امرأة، لكن الأمر ليس نفسه لما يتعلق الأمر برجل، حيث تشتكي العديد من الزوجات من خجل أزواجهن المفرط والذي يظهر في بعض المواقف التي وصفوا فيها بأن المرأة أكثر جرأة منهم، هذا ما ينطبق على حال زوج غنية التي تقول إنها صارت تشعر أنها الرجل وهو المرأة على حد تعبيرها. يعتبر الخجل والحياء من السمات الحميدة التي يجب أن تكون متوفرة عند الأفراد باعتبارها قيمة من القيم الأخلاقية، إلا أن أخصائيي علم النفس يؤكدون وجود حالات من الخجل المفرط التي يمكن أن يتعرض لها الرجل كالمرأة، ويمكن أن تؤثرعلى حياته بشكل سلبي، وحسب ما أكدته أم إكرام أخصائية في علم النفس أن مثل هذه الحالات تبدأ منذ الصغر، حيث يخجل الطفل من بعض الأمور البسيطة ويمكن أن تتطور هذه الحالة وتستمر معه طوال حياته، فتجده يخجل من طلب الأكل إذا جاع ويخجل من طلب الذهاب لقضاء الحاجة، ويخجل حتى من التحدث مع أقرانه وأحيانا يخجل بشكل ملفت للانتباه من التعامل مع الجنس الآخر. وفسرت أم إكرام الخجل بصفة عامة بكونه شعور يتملك الفرد ويجعله يشعر بالإضطراب والتوتر، ومن الأعراض الظاهرية التي تنجم عن هذا الإضطراب تزايد ضربات القلب، إحمرار الوجه والأذنين ولا يهم الفرد شيئا في تلك اللحظة سوى التخلص من ذلك الموقف المحرج، وحسب ذات المتحدثة فإنه لا توجد علاقة بين انعزال الفرد وحالات الخجل لديه، وقلما نجد من الرجال من يعانون من هذا الخجل المفرط، تضيف في تفسير بعض الأعراض الظاهرية: "إن احمرار الوجه في الحقيقية يحدث بسبب ارتفاع نسبة بعض الهرمونات الذكرية في دم الفرد سواء كان ذكرا أو أنثى، وذلك عندما يتعرض لمواقف قد يراها البعض عادية ولكنها بالنسبة إليه محرجة". الخجل المفرط ناتج عن نمط تربوي غير سوي يحدث الخجل نتيجة جملة من المكبوتات التي يمكن أن يتعرض لها الفرد خلال سنوات الطفولة المتأخرة سواء بسبب طرق التربية داخل الأسرة والمدرسة، حيث يتعرض لمواقف محرجة لا ينساها طوال حياته تضيف الأخصائية، في هذا الجانب وهي تتذكر إحدى الحالات : "أتذكر حالة فرد يبلغ من العمر 40 سنة سبق وأن عالجته، حيث طلبت منه أن يكتب لي تجربة مر بها فكتب لي عن موقف تعرض له منذ أن كان صغيرا، حيث قام والده يوم العيد بضربه أمام الملأ لأنه أغلق باب السيارة بقوة، وكتب لي في الأخير "أتذكر ذلك الموقف المحرج ولن أسامح أبي عليه"، هذا وأكدت المتحدثة أن الخجل ليس حالة مرضية في كل الحالات حيث هناك الخجل المطلوب والمقبول اجتماعيا، وهناك الخجل الذي يشكل حجر عثرة ويمنع الإنسان من مواصلة حياته، ويفسر الخجل عند بعض الرجال برقة المشاعر والأحاسيس لذا نجد أن الأنثى أكثر خجلا من الذكر لكونها أكثر عاطفية. وفي تعليقها عن بعض حالات الخجل عند الأزواج وتأثير ذلك على حياتهم الزوجية تقول: "إن الرجل الخجول لا يكون مفضلا عند أغلبية النساء وبالتالي ذلك الخجل سيمسّ برجولته من وجهة نظر الكثيرات، خاصة لما تشعر المرأة أن زوجها غير قادر على مواجهة الآخرين والتكيف مع مختلف المواقف بسهولة، فتجده يتلعثم في قول ما يحتاج إليه ويخجل من البوح بمشاعره ويبدأ في التعرق أحيانا وليس لديه القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة حتى في أبسط المواقف، وهذا ما يكون له تأثير واضح على الحياة الزوجية خاصة لما تجد المرأة أن زوجها غير قادر على الدفاع عنها أمام الآخرين". وفي شرحها للأسباب الرئيسة أرجعتها أخصائية علم النفس إلى النمط التربوي الأولي الذي ينشأ عليه الفرد داخل الأسرة، مثل المعاملة غير السوية للأولاد كعدم تعويد الطفل على الإحتكاك بالآخرين وتأثيرالعوامل المحيطة بالإنسان عموما على نفسيته، وفي نصيحة قدمتها الأخصائية للنساء اللواتي يشتكين خجل أزواجهن، وذلك من خلال مساعدة الرجل الخجول على أن يعزز ثقته في نفسه وجعله يملك الجرأة التي تمكنه من ممارسة حياته بصورة جد عادية، تضيف في نفس الصدد: "اعلمي أن هذا الخجل خارج عن نطاقه وإنما اكتسبه من خلال حياته اليومية داخل أسرته لذا حاولي أن لا تمارسي معه الضغط، افتحي معه باب الحوار ودعيه يروي لك ما حدث معه وكيف واجه الأمر وحمّليه مسؤولية اتخاذ القرارات المتعلقة بالأسرة حتى يتعود على ذلك".