تشكّل مدينة عين طاية محجا سياحيا يسعى للتفرد رغم النقائص الكثيرة التي حالت دون تحقيق هذه المنطقة للوثبة المطلوبة، ومع ذلك تستقطب عين طاية عددا معتبرا من الزوار في كل موسم اصطياف، سيما مع امتلاكها لموقع استراتيجي يتوسط هراوة شرقا، برج البحري غربا ورويبة جنوبا، في وقت يؤكد سكان المنطقة الأصليين ل"السلام" أنّ عين طاية فقدت نوعا ما بريقها كقطب سياحي مقارنة بما كانت عليه سابقا. من مميزات مدينة عين طاية الواقعة 22 كيلومترا شرق العاصمة، أنها لا تزال تضم بعض البنايات التي كان يقطنها المعمرون الفرنسيون والذين كانوا منتشرين في هذه المدينة السياحية نظرا لملائمة المناخ، ولعلّ أبرز دليل على ذلك الكنيسة الموجودة في وسط مدينة عين طاية التي كانت تابعة لولاية بومرداس، قبل أن يتم إلحاقها بولاية الجزائر منذ 1994. وحسب بعض أهالي المدينة، فإنّ اسم "عين طاية" مشتق من لفظ "عين الطير"، ومن خلال بعض المصادر التي اطلعنا عليها فإنّ عين طاية تأسست منذ 1870، هذا ويشهد بعض سكانها أنها كانت قبلة للسيّاح بعد الاستقلال خاصة من مختلف الدول. ديكابلاج وتماريست أهم شواطئ المدينة عند دخولك لعين طاية يلفت انتباهك عدد من المؤهلات السياحية التي لطالما ساعدت المدينة على أن تكون من أهم المناطق السياحية بالعاصمة، حيث تحتوي على عدد من الفنادق والمطاعم، إضافة إلى بعض المناطق التي تتميز بخضرتها وأهمها منطقة بصقلول، أين تنتشر بعض الأنشطة الزراعية التي تخفيها تلك البيوت البلاستيكية الموجودة في الطريق. ويقف الزائر لمدينة عين طاية على طول ساحلها الذي يضمّ عددا من الشواطئ أهمها شواطئ ديكابلاج، سوفران، سركوف وتماريست. الصيد البحري نشاط شبه منعدم من أهم الأنشطة التي كان يمارسها بعض السكان القدامى لمدينة عين طاية الصيد البحري، حيث كانت قوارب الصيادين تخرج لهذا الغرض في العديد من شواطئ عين طاية، وبمجرد رمي الشبكة حتى تخرج بمختلف أنواع السمك ليباع على أرصفة بعض الشواطئ وحتى لأصحاب بعض المطاعم المنتشرين على واجهة الطريق، حيث كانت رائحة السمك المشوي تستوقف كل المارين من المكان. وبخصوص واقع الصيد البحري حاليا، يؤكد لنا "م.ح" أحد سكان منطقة سركوف بذات المدينة، أنّ الصيد انتهى عهده والبحر شحّ خيره ولم يعد يجود على الصيادين بالخير الوفير كما كان في وقت فارط، ويقول في الصدد: "لقد كان أغلب جيراني يمارسون مهنة الصيد البحري ومنهم من يملك قوارب خاصة بذلك، ولكن اليوم أغلبهم غيّروا نشاطهم". وعن السبب وراء قلّة إنتاج السمك في منطقة سركوف، فيرجعه ذات المتحدث إلى التلوث الذي طال الشاطئ حيث يقول: "أصبحنا نشاهد السمك الميّت يطفو على السطح، وأحيانا ترميه أمواج البحر إلى عدّة زوايا من الشاطئ".. يصمت محدثنا لبرهة ويواصل متذكرا نشاطه في كراء "البنڤالوهات" على شاطئ سركوف، حيث كانت هذه الأخيرة تستقطب الزوار من كل الولايات حتى المغتربين منهم كانوا يحرصون على إيجار المكان للتمتّع بجمال الشاطئ، لكن ومع مرور الوقت تلوّث المحيط وأمام إهمال الجهات المعنية زاد الحال سوءا فركد النشاط وهجر السياح المكان، يضيف "م .ح" قائلا: "...هذا ما جعلني أوقف هذا النشاط رغم أنني خسرت كل أموالي في تجهيز ذلك البنڤالو". هذا وكانت شواطئ عين طاية معروفة بانتشار أعداد كبيرة من الصدفيات التي كان الجميع يجمعها ومنهم من يستعملها في صناعة بعض المجهورات والإكسسوارات. تمرّ أيام الصيف بشواطئ عين طاية موقع السياحة والاستجمام، هذه المدينة النائمة على مساحة واسعة من رمال البحر التي يتردد عليها الكثير من الزوار. ورغم أن مدينة عين طاية فقدت الكثير من مؤهلاتها السياحية حسب شهادة بعض سكانها، إلاّ أنها لا تزال الوجهة المفضلة للعديد من المصطافين من داخل وخارج الوطن ومنهم من يتسابقون من أجل الظفر بمكان للمكوث يوما أمام زرقة البحر، الأمر الذي يجعل من مدينة عين طاية خاصة في عطلة نهاية الأسبوع تعرف اكتظاظا من طرف المصطافين القادمين من مختلف المناطق المجاورة خاصة رغاية، هرواة، خميس الخشنة، بودواو وغيرها. وأكد بعض المصطافين أن شواطئ عين طاية تتألق مع بداية كل موسم اصطياف لتستقطب محبيها حتى من الولايات الأخرى، كما استحسن الأمر العديد من زوار تلك الشواطئ بل وأكدوا أن أغلبها هي أماكن عائلية، وحتى في الليل تشدك تلك التجمعات التي تشكلّها العائلات هنا وهناك على طول الشاطئ، في حين أجمع بعض المصطافين أن شاطئ عين طاية الرئيسي نظيف ومريح للعائلات، خاصة أنه خالي من تلك الممارسات التي قد تنتشر في بعض الشواطئ الأخرى، وما زاد في ديناميكية الحركة في هذا الشاطئ قربه من محطة الحافلات، إلا أن الشاطئ عميق ويتطلب حرصا كبيرا أثناء السباحة. ومن الملاحظات التي قدمها بعض المصطافين حول شواطئ عين طاية هو قلة الخدمات، رغم أن أغلبها تحسّن كثيرا مقارنة مع سنوات ماضية بإقرار رواده بعد أشغال التهيئة التي مسّتها، كما انتشر في تلك الشواطئ بعض الشباب ممن اتخذوا منها مساحة من أجل كسب المال من خلال التجارة الموسمية التي تنتشر في أغلب الشواطئ الأخرى كتأجير الشمسيات وبيع المأكولات، حيث يقضي أغلب الشباب يوما كاملا في العمل ولا يعودون أحيانا إلا في ساعات متأخرة منه ومنهم من يفضّل النوم في الشاطئ استعدادا ليوم جديد. عين طاية ليلا ..أجواء خاصة والمتعة مضمونة الزائر لمدينة عين طاية ليلا تجذبه نسمات أمواج البحر لتزيدها جمالا أضواء المحلات والأكشاك التي تعرض ما لذّ وطاب من المأكولات الصيفية الخفيفة التي تستهوي كل المصطافين، وكل من أنهكه تعب السباحة ويريد إخماد نار الجوع لديه، وأهمها الشواء الذي يعد الأكثر عرضا وطلبا إضافة إلى مختلف المشروبات الباردة، وحتى المرطبات والمثلجات التي بالكاد يتوقف الطلب عليها. مركز تسلية مصغر يستقطب العائلات وما يزيد الأجواء بهجة في عين طاية هو نصب بعض النوادي التي تضم مجموعة من الألعاب المسليّة للأطفال، ما جعل هؤلاء وأولياؤهم أوفياء لهذا المكان وهم يعتبرون أنفسهم جدّ محظوظين لأنهم من قاطني هذه المنطقة، ما يمكنهم من التمتّع بمؤهلاتها السياحية التي لها طابع خاص بفضل موقعها الاستراتيجي وجمالها الذي طالما عانق أحلام المصطافين، وجدّد لهم الموعد في كل موسم اصطياف لتبسط عين طاية يديها لكل زائر. تعرف الساحة المتواجدة بالقرب من مقر بلدية عين طاية حركة كثيفة وإلى ساعة متأخرة من الليل لاسيما من طرف الأطفال الذين يقصدون المكان رفقة أوليائهم للتمتّع بالألعاب التي نصبت بذات المكان. ورغم أن تلك المساحة العمومية لا تتوفر إلا على عدد قليل من الألعاب المخصصة للأطفال الصغار، إلا أن الإقبال يزيد خلال الفترة المسائية حيث تتشكل طوابير للأطفال بالقرب من تلك الألعاب. الأولياء بدورهم استحسنوا وجود هذه الألعاب ومنهم من اعتبرها المرفق الوحيد الذي يليق بالأطفال من جهة وأوليائهم من جهة ثانية، حيث يظفرون بالمتعة التي يوفّرها نسيم البحر في المساء، حيث يغنيهم ذلك الفضاء عن التنقل إلى حدائق التسلية الأخرى كما أن الأسعار في متناول الجميع، وفي المقابل انتعشت بعض النشاطات التجارية بالقرب من هذا الفضاء المصغر من أكشاك مختصة في بيع المرطبات. زيارة "فيروز" لا تمحى من ذاكرة بعض السكان هذا وعرفت ّ"عين طاية" زيارة العديد من الفنانين أهمها أيقونة الغناء العربي "فيروز" التي زارت الجزائر حسبما يتذكره سكان هذه المنطقة إلى سنوات بعد الاستقلال، ومن أشهر فناني المنطقة مغني أغنية "شكرا وألف شكر يا أستاذي" صادق الجمعاوي الذي ينحدر من منطقة "سركوف" رفقة بقية أعضاء فرقة البحارة التي ينتمي إليها، والتي كانت تحرص على تنظيم عدة حفلات في المنطقة. وتبقى الدعوة مفتوحة لكل من يرغب في قضاء أيام من الاستجمام والتمتّع بنسيم البحر الذي يجعلك تسبح بخيالك لفترة دون أن تدري، خاصة في فترة الغروب التي تجعل من عين طاية لوحة قد نعجز عن وصفها.