ومن التقاليد السائدة لدى العائلات، تقديم المهيبة في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك، مع تخصيص جزء من الأضحية لعائلة العروس حيث تفرض العادات أن تقدم الهدايا في كل مناسبة دينية للعروس طيلة فترة الخطوبة، لتكون الفرحة فرحتين حيث علمنا من بعض ربات البيوت أن بعض الأسر تجد أن هذا اليوم سيجلب الحظ لبانتهن للتمتع بحياة سعيدة برفقة شريك حياتهن، فيحددن موعد الزفاف أو الخطوبة في الأسبوع الأول لعيد الأضحى المبارك، في حين أكدت أخريات أنهن يتمسكن بتقاليد في هذا اليوم المبارك تتمثل في إحضار عشاء العروس المستقبلية مرفوقا بلحم الأضحية في ليلة ثاني ايام العيد من قبل أسرة خطيبها، إضافة إلى تقديم فخذ كبير من كبش العيد مزين بشرائط زهرية ومغلف بأوراق “السيلوفان” وبعض شراشف الشبيكة، كما اضافت لنا إحدى المقبلات على الزواج أن تحضير عائلة العريس حلويات تقليدية ولباس جديد لها في ليلة عيد الأضحى عادة تتمسك بها عائلتها في هذا اليوم المبارك، وحسب قولها فإنهم يعتبرون الإحتفال بالعيد وخطوبتها في يوم واحد فألا جيدا يجلب لها البركة بيوم زفافها، كما تحرص جدتها على وضع الحنة على يديها من نفس الطبق الذي وضعته برأس الخروف لإبعاد النحس والحظ السيء عن حياتها الزوجية مدى الحياة. تلطيخ الجدران بدم الأضحية لطرد الشياطين تسود ببعض المنازل طقوس غريبة تمارسها ربات البيوت بمنازلهن ولاتستطعن الإستغناء عنها في عيد الأضحى المبارك وهو ما يدفعهن لشراء كبش العيد للتحضير للمعتقدات السائدة التي مازالت بنات حواء يثقن بفعاليتها في طرد الجنون والشياطين من منازلهن إلى حد الأن حيث علمنا أن تلك العادة لاتزال سائدة ببعض الأحياء الشعبية كبلكور وباب الوادي، حيث أكدت مليكة إحدى ربات البيوت القاطنات بحي بلكور أن أغلب جاراتها يمارسن تلك الطقوس بمنازلهن، ويعتبرن أن إسالة الدماء بساحة المنازل تخلصهن من السحر والشر، كما أنها تبعد”الثقاف والتابعة”، كما أضافت أنها تؤمن بتلك الطقوس وتمارسها مع حلول كل عيد أضحى من كل عام، وحسب قولها فإنها تفرض على زوجها ذبح أضحيتها داخل منزلها لطرد الأرواح الشريرة، كما أنها تقوم بتلطيخ جدران منزلها بالدماء خاصة أنها تؤمن بتقاليد أجدادها. البكبوكة والبولفاف أكثر ما يميز اليوم الأول من عيد الأضحى كما نسميها (البكبوكة) التي تتنافس النسوة في صنعها، ومن تظفر بالمبادرة أولا تتوج (إمرأة ونصف) بتزكية من المدعوين وكذلك (بولفاف)، وهو عبارة عن قطع صغيرة من الكبد تلف بالشحم وتشوى.. دون تجاهل (المصلي) وهو تحمير الخروف بأكمله دون تقطيعه، ويقوم بهذا قلة من الأسر الجزائرية والبركوكس أو العيش بقطع العصبان والبركوكس، وهو نوع من العجائن يشبه الكسكسي لكنه خشن جدا، فتقول السيدة فتيحة سراح، وهي ربة بيت “وكما ترون فإن أكثر النساء في هذه المناسبة يفضلن سكاكين جديدة لهذا فالتجارة الرائجة في عيد الأضحى هي تلك التي تتعلق بكل ما نحتاجه فيه بدءا من الحبل إلى المنشار لتقطيع (الذبيحة) إلى السكاكين وما إلى ذلك، وإذا تحدثنا عن العادات التي تميز هذا العيد فهي كثيرة تختلف حسب المناطق والعائلات، وما يجمعنا هو شواء أو قلي اللحم لكل زائر يزورنا في العيد، حتى وإن كان وقت الزيارة في غير مواعيد الأكل كالغداء والعشاء، والحمد لله (مازالنا بخير)”. وترى الحاجة العلجة بوزيدي، وهي عجوز في الثمانينيات أن أكثر العادات اندثرت وبقيت بعض الأسر فقط تحافظ عليها كعادة (المسلان) التي كانت بمثابة مسابقة بين النسوة والشاطرة من تخرجه أولا فوق طبق الكسكسي، وتدعو الجيران والأهل لتناوله، وأضافت الحاجة العلجة “نساء اليوم يتسابقن إلى الحلاقات وتجميل أنفسهن كالعرائس بينما ينسين حق الضيافة، وحتى بعض الفقراء ممن لا يستطيعون شراء أضحية أصبحوا لا يقبلون ما نقدمه لهم، أيام زمان كنا كالأسرة الواحدة نستطعم بعضنا البعض ونكفل الفقراء إلى درجة أنهم يحصلون على كميات من اللحم تفوق ما يحصل عليه المضحي.. اليوم الجار لا يسأل عن جاره والأخ لا يهتم لأمر أخيه وروائح الشواء تنتشر والفقير يتحسر ولا أحد يحس به (ربي يلطف)، أدعو الله أن يكون هذا العيد عيدا متميزا يحمل الخير للبلاد ولنا جميعا وصح عيدكم”. صلة الرحم والتكافل بتندوف يحرص سكان تندوف على الإحتفاظ بعاداتهم المتوارثة من أجدادهم، والتي تبرز بقدوم الأعياد والمناسبات بإمتزاج صفات الكرم والتكافل التي تتجلى من خلال قيام أهل المنطقة بفعل الخير بجمع المحتاجين على مائدة واحدة بعيد الأضحى المبارك. وتتميز ولاية تندوف بجنوب الصحراء بعادات خاصة تتشابه نوعا ما مع حياة البادية، حيث يعتمد سكان المنطقة بشكل كبير في تحضير وجباتهم على لحم الجمال خاصة عند تنظيمهم لولائم كبيرة بقدوم كل مناسبة دينية أو أعياد، حيث لا يتناسى أهل المنطقة واجبهم بمساعدة المحتاجين والفقراء من خلال تقديم وعدات للمساجد، وكذا تنظيم ولائم تتفنن نساء المنطقة في تزيينها بكافة الأكلات الشعبية التي تكسوها قطع كبيرة من لحم الجمل، إضافة إلى تحضير أطباق وحلويات تعتمد بشكل كبير على دبس التمور، كما تقوم ربات البيوت الميسورات بتحضير كميات كبيرة من الخبز التقليدي الذي يطهى بطرق بسيطة تحت الرمال لتوزعها على جاراتها المحتاجات، وما يميز تلك المنطقة عن غيرها أن أهل المنطقة يمتلكون روح الكرم غير المتناهي والتي تجلوا من خلال حبهم لمساعدة غيرهم بعيد الأضحى، حيث علمنا من فايزة إحدى ربات البيوت القاطنات بتندوف، عن تلك العادات وقد أضافت لنا خلال حديثها أن أهل البادية يشتركون بأموالهم لشراء جمل يخصصوه لفائدة الجيران المحتاجين أو الفقراء عند نحره، وتسمى تلك العادة بالتويزة كما تقول المتحدثة ذاتها أن أهل تندوف يحرصون على إقتناء اللباس التقليدي قبل أيام من حلول عيد الأضحى المبارك، حيث يقوم الميسورون بشراء لباس من النوع الرفيع يدعى بالبازة يفوق ثمنه ال16ألف دينار كونه مصنوع من الحرير، كما أنه يستورد من الدول الإفريقية المجاورة أما محدودي الدخل فيفضلون إقتناء اللباس التقليدي المخاط محليا والمعروف بالدراعة، وهو ما يجعل الحرفيين يستغلون حاجة سكان المنطقة لهذا اللباس فيتفننون في طرزه. تقاليد خاصة في الطارف تتمتع منطقة الطارف في عنابة، بعادات استمدتها من البلدان التي تفصل بينهما حدود هذا ما جعلها تتشابه نوعا ما مع تقاليد تونس، أمام صفات التكافل والترابط بين الجيران مع اقتراب المناسبات الدينية وكذا العمل الجماعي بينهم، حيث تقوم النسوة قبل أيام بالإتفاق مع جاراتها بتحضير كافة مستلزمات الأطباق الشعبية، وقد علمنا من إحدى ربات البيوت القاطنات بتلك المنطقة أن من بين تحضيرات عيد الأضحى المبارك تجفيف أوراق المولوخية وطحنها بشكل جماعي، وكذا المشاركة بين الجارات في تحضير طبق المولوخية والقناوية بلحم الأضحية في اول أيام العيد، بعد أن يقوم رجال الحي بذبح الأبقار بعد الإشتراك في شرائها ليوزع جزء منها في اليوم الموالي على سكان الحي من محدودي الدخل. تألق للشخشوخة بالعصبان في قسنطينة تختص ولاية قسنطينة، بعادات خاصة بها تبدو مظاهرها بالمناسبات الدينية، حيث علمنا من سكانها أن ربات البيوت يتفنن في إعداد طبق الشخشوخة والثريدة سواء بلحم الأضحية أو العصبان المقطع، كما تقوم النساء بارتداء ملابسهن التقليدية لاستقبال الضيوف بمنازلهن في أجمل حلة، حيث تحرص الجدات على وضع الحنة للفتيات اللواتي لم يحالفهن الحظ للزواج بعد لجلب العريس لهن في ليلة عيد الأضحى، كما تزين الأضحية بالشرائط الحمراء وهناك من يضع لها أقراطا ذهبية مقلدة ليتباهى بها الأطفال في الشوارع، كما توزع على الأطفال حلوى الجوزية المصنوعة من العسل الحر والجوز. ولا ينسى أهل قسنطينة في أول أيام العيد زيارة الأقارب وتخصيص ولائم في جفنات كبيرة للمحتاجين.