تردد الشاعرة والروائية ربيعة جلطي، دوما بأن الكاتب الحر هو الذي يملك مواقف ونخوة، لا تسمح له بالانحناء لأي سياسي مهما كان منصبه، حيث لا ينتظر من أي كان تصنيفه أو ترقيته إلى المصاف الأدبية الأولى، مؤكدة بأنه لا شيء سوى آرائه، مواقفه، وجماليات كتابته.. كفيلة بمنحه استحسان القراء، وتمكينه من تبوؤ أرقى المكانات.. كما كان للشاعرة ربيعة جلطي آراء عديدة أخرى حول المشهد الثقافي الوطني، وقضايا مختلفة فتحت قلبها ل«السلام”، للإدلاء بوجهة نظرها فيما يخصها. بماذا تصفين انتقالة جلطي من عالم الشعر إلى الرواية، وما هو الفرق بين شعورك وأنت تنظمين أبياته وتكتبين فصولها السردية؟ صراحة أنا لا اعتبر نفسي أنني انتقلت من الرواية إلى الشعر بل أجلت كتابة الرواية فقط، وأما الشعر فما زلت أكتبه لحد الآن ولو كنت كتبت قبلا الرواية لكنت أسست مكتبة كبيرة ونشرت مجموعة من العناوين، غير أنني أجلت كتابة الرواية على حساب الشعر إلا أنني في الحقيقة أكتب الاثنين معا، فمن المستحيل أن أنصرف عن كتابة الشعر لأنه الرحم الذي أعيش فيه وإذا خرجت عنه سأموت وأنا أكتب الشعر والرواية في نفس الوقت. كيف ذلك؟ يعتبر الشعر بالنسبة لي كتابة يومية تقريبا، وأما الرواية فهي بحث، عمل، تروي، تأمل فلسفي ودراسة في علم الاجتماع، والتاريخ... دكتورة جلطي ماذا أضافت روايتيك إلى المشهد السردي الجزائري؟ إذا ما حاولنا أن نستشفي الإجابة على سؤالك من خلال ما كتبه النقاد حول الروايتين “الذروة” و”نادي الصنوبر”، سنقول بأنهما وخصوصا رواية “نادي الصنوبر” جاءت وكأن الساحة كانت تنتظرها، بحيث وجدت مكانا قويا وكبيرا ومهمّا إلى درجة أنني اندهشت لنفاذها من المكتبات، كما لقيت استحسانا وإقبالا كبيرا من القراء، ليس على الساحة الجزائرية فقط، بل أيضا في الساحة العربية. إذا ما طلبت منك توصيفا للحياة الثقافية الجزائرية مقارنة بما لمسته في البلدان العربية التي زرتها؟ ليس بإمكاني أن أصف الحياة الثقافية في وطننا الجزائر مقارنة بما شاهدته على مستوى البلدان العربية التي زرتها سوى بالقول أنها تشهد “حالة محزنة جدا”.... لاحظنا خلال الفترة الأخيرة بأن كتابات بعض النقاد تشير إلى تهميش تتعرض له بعض الأسماء الأدبية التي ورد ربيعة جلطي من بينها؟ نعم صحيح هناك محاولات لتهميشي لكنها كما أعتقد محاولات يائسة لأن الكاتب ليس بحاجة لسياسي يأخذ بيده كما أن من يحمل موقفا أو شيئا من النخوة في المبدعين لن يسمح بأن يطأطئ رأسه للسياسي، الذي ربما استبعد وضعه في المصاف الأولى وحرمه من الوصول إليها، فآرائه ومواقفه وجماليات كتابته هي التي تضعه في هذا المستوى أو ذاك وليس توصيات أو تزكيات... يشهد الجميع أن الرواية الجزائرية تعرف قفزة نوعية فما رأيك الشخصي في هذه النقطة؟ بالتأكيد الرواية الجزائرية تجددت كثيرا وهذه حالة صحية تبشر بالتفاؤل ،حيث توجد الكثير من الأسماء والتجارب التي حركت المشهد الثقافي، كما استطاعت هذه الأقلام أن تلفت قراء العالم العربي برمته للرواية والأدب الجزائري، وأبرزت تجارب جديدة لكتاب جدد كتبوا ونشروا واستطاعوا أن يديروا عنق النقاد العرب وان يؤثثوا للمشهد الثقافي العربي. ما هي أهم المواضيع التي تعكفين على إبرازها وتحليلها من خلال كتاباتك؟ هي الإنسان بكل مواضعه وشعوره وعواطفه...الإنسان حين يتألم، حين يحزن، حين يُظلم.. أنا لا أحب ظلم الإنسان لأخيه الإنسان لأنه شيء من القهر، فنحن في هذه البلاد ظلمنا 132 سنة وظلم الكثيرون والشهداء ممن أعطوا أرواحهم، لتبقى روايات خالدة على مر الأزمنة. ما هي مشاريعك المستقبلية القريبة في مجالي الشعر والرواية؟ هناك مجموعة شعرية ستصدر قريبا اعتقد أنها ستكون ضخمة لأنني منذ زمن “حجر حائر”، التي صدرت في بيروت سنة 2008 لم أكتب مجموعة شعرية جديدة، سأنشر جديدي الشعري قريبا إضافة إلى التحضير لرواية جديدة يلوح ظلها في الأفق.