تحرص نساء الجزائر على الإحتفال بعيدهن العالمي الموافق ل8 مارس، بمظاهر خاصة تتمسك بها المرأة العاملة أو الماكثة بالبيت كل سنة، إلا أن هذا اليوم لم تعد له قيمة كالسابق بعدما طغت عليه مظاهر الإحتفال السلبية التي أدت إلى التقليل من قيمة المرأة المحافظة على حشمتها. تعتبر المرأة الجزائرية أن يومها العالمي يمنحها الشعور بتقدير المحيطين بها وبجهودها سواء داخل أسرتها أو بعملها، خاصة أنه يتم تكريمها بتنظيم حفلات خاصة بها أو تقديم هدايا من قبل المحيطين بها، في حين تحرص الشركات على منح المرأة العاملة عطلة نصف يوم أو تخصيص هدايا يتم توزيعها ليعبر من خلالها أرباب العمل عن تقديرهم لجهود المرأة المبذولة طيلة مسيرة عملها، بينما يحرص الأزواج والأبناء على تكريمها بتقديم ورود حمراء أو هدية تعبر عن مدى حبهم وتقديرهم لقيامها بواجباتها المنزلية لسنة كاملة، في المقابل فإن هذا اليوم لم تعد لديه قيمة كالسابق خاصة وأن بنات حواء وجدن منه فرصة ووسيلة تخرجهن من قيود العادات بمظاهر تجمع بين تخلي المرأة عن الحشمة بالرقص في الحفلات حتى وإن كان الأمر على حساب إهمال بيتها وترك أطفالها لمجرد الظفر بمكان خاص بالحفلات المنظمة لعيد المرأة، لمجرد الإستماع للأغاني والرقص على أنغامها بملابس غير محتشمة تقلل من قيمة المرأة المسلمة وتقربها من المرأة الغربية بتصرفات غير الاخلاقية التي تفقدها الإحترام لتكون محلا للشبهات. المرأة العاملة تحظى بإهتمام أرباب العمل تنتظر أغلب النساء العاملات يوم 8 مارس بفارغ الصبر للظفر بعطلة مسائية، تسمح لهن بالحصول على قسط من الراحة أو الإستمتاع بأوقاتهن سواء بالقيام بنزهة أو الإحتفال في المطاعم، هذا ما دفعنا للتقرب من شريحة العاملات لنرصد وجهة العاملات في هذا اليوم وكذا طرق إحتفالهن بعيدهن، حيث إلتقينا بإحدى العاملات اللواتي أكدن أن هذا اليوم يعتبر فرصة لتفريغ متاعب العمل، حيث تغتنم فرصة العطلة المسائية للخروج مع صديقاتها للإحتفال بأحد المطاعم وكذا تبادل الهدايا بينهما. ماكثات بالبيت يحتفلن ب8 مارس بطرق خاصة لم تكن النساء يعرن أي أهمية لعيد المرأة بوقت سابق، إلا أن اليوم بات الإحتفال ضروريا بالنسبة للماكثات في البيت، خاصة أن المرأة سواء الأخت أو الزوجة قد قدمت تضحيات لسنوات قضتها في تربية أطفالها وكذا رعاية عائلتها ومنزلها، حيث تنتظر أن يأتي اليوم الذي يقدر فيه زوجها أو أحد أقاربها جهودها المبذولة حيث ترى “منال” إحدى الماكثات بالبيت أن هذا اليوم يمنح المرأة قيمة خاصة إن تذكرها أفراد عائلتها بهدية، كما أضافت أنها تحرص على تنظيم حفلة ببيتها تلم شمل قريباتها، كما لا تنسى شراء هدية لوالدتها للتعبير عن إعترافها بجميل تربيتها لها. في حين تؤكد سيدة أخرى ماكثة بالبيت أن عائلتها تتمسك بعادة الإحتفال بعيد المرأة كل سنة، حيث تقوم شقيقاتها بشراء هدايا لوالدتهم وقطعة حلوى، كما لا تنسى بدورها تكريم حماتها في هذا اليوم بورود إضافة لشراء قارورة العطر المفضلة لديها. الإحتفال بعيد المرأة بين مؤيد ومعارض يجد الجنس الخشن أن عيد المرأة فرصة للتعبير عن تقديرهم ومدى حبهم للطرف الأخر سواء الزوجة أو الأخت والأم، حيث تعتبر عبارات وبطاقات التهنئة إضافة إلى الهدايا من أكثر الوسائل المعبرة عن هذا الشعور ب8 مارس، في المقابل فإن أخرين يعارضون الإحتفال بهذا اليوم كونهم يعتبرون أن تكريم المرأة لا يقتصر على هذا اليوم ولا يكفي للإعتراف بجميلها، في حين يجد بعضهم أنه ليس من أعياد المسلمين بل مجرد تقليد للغرب، هذا ما دفعنا للقيام بجولة لرصد أراء الجنس الخشن حول الإحتفال بهذا اليوم، حيث تقربنا من أحد الشباب الذي أكد لنا أن هذا اليوم يسمح له بالتعبير عن مدى تقديره لشقيقاته ووالدته، حيث لا ينسى شراء هدية ووردة لكل واحدة منهن. وإن كان البعض يؤيد فكرة الإحتفال بعيد المرأة فإن أخرين يعارضونه ومن بينهم “جمال” الذي يرى أن عيد المرأة لا يعبر عن القيمة الأصلية للمرأة، كما أن تقديرها من وجهة نظره لا يقتصر على الإحتفال بل على رعايتها وكذا قيام الزوج بواجباته إتجاهها، كما يجد أن هذا اليوم يخرج المرأة المسلمة عن عاداتها كونه يشبهها بالغرب. في حين هناك من ينظر إلى المرأة على أساس أن دورها محصور بالبيت دون الحاجة إلى ولوجها سواء لعالم الشغل أو حتى الخروج للشارع للمشاركة في الإحتفالات السنوية المنظمة بمناسبة عيد المرأة، كونها -حسب رأيهم- تكون بأبهى حلتها ما يجعلهن عرضة للمعاكسات. نساء أبرزن وجودهن بإنجازاتهن استطاعت المرأة الجزائرية أن تتحدى حواجز العادات وتجتاز العوائق بإرادتها القوية في كافة المجالات، فبالرغم من أن نساء البادية والأرياف قد حرمتهن ظروفهن من مواصلة دراستهن، إلا أنهن أبرزن قدراتهن بعرض حرفهن التقليدية أو صناعة السجاد والأزياء التقليدية التي حققت لهن شهرة عالمية، كما استطاعت أن تدافع عن حقوقها إلى أن حققت هدفها في مساواتها مع الرجل، وقد نجحت في إعادة إعتبارها مما سمح لها بتولي مناصب سياسية، في حين أثبتت المرأة الشرطية أو الدركية قدرتها وجدارتها على القيام بأعمال كانت في وقت سابق حكرا على الجنس الخشن، كما تمكنت المرأة من التوفيق بين قيامها بواجبها في البيت والعمل، في حين حققت بنات حواء نجاحا باهرا في مجالات رياضية صعبة، وهو ما جعلها تستطيع تغيير نظرة المجتمع لها ككائن ضعيف، وقد نالت مناصب عليا منحتها مكانة كبيرة سواء الأم التي عملت على تربية أبناء صالحين، أو الزوجة التي عملت على رعاية زوجها وكذا المرأة العاملة التي لعبت دورا مهما في تحقيق إنجازات، كما ساعدت على نجاح الكثير من الشركات. نساء يقضين عيدهن في المستشفيات ودار المسنين بينما تتمتع أغلب النساء بالإحتفال ب8 مارس تقضي العديد من المريضات أوقاتهن بأسرة المستشفيات وهن يتقاسمن أوجاع أمراض تنخر أجسادهن، وهو ما دفع ناشطات بجمعيات خيرية إلى زيارتهن وتكريمهن بهدايا خاصة أن أغلبهن قد توافدن من ولايات بعيدة مما جعلهن محرومات من الشعور بقيمة هذا اليوم أو الإحتفال برفقة أفراد أسرهن، حيث تقول إحدى المصابات بسرطان الثدي بإحدى غرف مستشفى مصطفى باشا، أن مرضها جعلها تنسى عيد المرأة خاصة أنها بعيدة عن أبنائها وزوجها كونهم يقطنون بولاية تيارت، كما أضافت أنهم كانوا في وقت سابق يتذكرونها بتحضير مفاجأة أو شراء ورود لها بعيد المرأة إلا أن إصابتها بالسرطان جعلتها ذكريات تتمنى أن تعود يوما. وغير بعيد عن “منال” تنام “فريدة” المصابة بالقلب بسريرها وحقن السيروم مغروزة بيدها متجرعة ألام المرض ومرارة فراق أهلها، وهي تتمنى أن يكرمها أحد أقاربها بهدية تشعرها بالفرح وتنسيها معاناة مرضها، هذا ما أكدته لنا “مليكة” وملامح الحزن بادية على وجهها، حيث تقول أنها لم تحتفل يوما بهذا العيد منذ حوالي سنتين من إصابتها بمرض مزمن جعلها طريحة الفراش، وهو ما جعل زوجها يتخلى عنها وهي بأمس الحاجة إليه، وعن أبنائها فتقول أنهم يعيشون مع أهل زوجها ولايزورونها إلا من فترة لأخرى وهو ما جعلها تنسى عيد المرأة للأبد لكي لا تشعر أن أقرب الناس إليها قد أنكروا تعبها. في حين تعيش نساء كثيرات بوحدة قاتلة بين أربعة جدران حاملات جروح عميقة جروح نجمت عن فراق الأقارب بدار المسنين، حيث إلتقينا بداخلها بسيدة قاربت ال60 لمسنا أنها تخفي حزنا وألما مكبوتا خاصة أننا وجدناها بالحديقة تجلس شاردة الذهن، وبعدما تقربنا منها قررت البوح بسبب تواجدها بهذا المكان، حيث أكدت أن إبنها قد رفض رعايتها بعد مرضها ببيته وهو ما دفعه لوضعها في دار المسنين لنيل رضا زوجته التي لم تتقبل وجودها، كما جرحت أحاسيسها بعدما أخبرتها أنها باتت حملا ثقيلا عليهم، وعن عيد المرأة فتقول أنها تتلقى ورودا وهدايا كل سنة من العاملين بالدار الذين إعتبرتهم بمقام أبنائها، إلا أنها لازالت تنتظر اليوم الذي يشعر به أبناؤها بتأنيب الضمير ويتذكرون تعب تربيتها لهم لسنوات، وهي تتمنى أن يزورها أبناؤها في عيد المرأة أو يعترفون بجمليها حتى ولو بإتصال أو كلمة شكر وعرفان. وإن كان المرض والفراق قد حرما بعض النساء من الإحتفال بعيدهن، فإن مبادرة الناشطات بالجمعيات الخيرية في مشاركة المريضات أو المسنات عيد المرأة ساعد على تخفيف جزء من ألامهم، حيث علمنا من إحدى الناشطات أن الجمعية تعمل على زيارة النساء بالمستشفيات لإدخال الفرحة على وجوههن بالإحتفال معهم ب8 مارس، حيث تنظم حفلة لفائدتهن كما تخصص هدايا وورود حمراء يتم توزيعها عليهم. مظاهر مخلّة تطبع الإحتفال بعيد المرأة يتم تنظيم حفلات مجانية للنساء في الجزائر في يوم 8 مارس من كل سنة، يحضرها نخبة من المطربين الذين يحيونها على شرفهن، حيث تحرص بنات حواء على حضورها وكذا الظفر بمقاعد لمشاهدة المطربين المفضلين لديهن في هذا اليوم العظيم بالنسبة إليهن. ففي كل عيد مرأة تحضر ألاف النساء حفل الشاب يزيد، الذي يحرص على تحضير أغاني خاصة ب8 مارس يمدح فيها المرأة الجزائرية بهدف تقديم كلماتها كهدية لها وهو ما زاد من إعجاب بنات حواء به إلا أن المشين أن مظاهر الإحتفال بعيد المرأة تحولت من تكريم للمرأة إلى خروجها عن عاداتها سواء بالرقص بملابس غير محتشمة، أو الخروج إلى الشوارع مع إظهار مفاتنهن. حيث لم يقتصر الأمر على الشابات بل لا تجد السيدة المتزوجة من مانع في إهمال زوجها في سبيل حضور الحفلات أو التدافع وسط ألاف السيدات لمجرد مشاهدة مطربها المفضل، ولم تنته تلك المشاهد على تلك التصرفات بل بات هذا العيد فرصة تستغلها الشابات للقاء الجنس الخشن ولا يجدن حرجا في ممارسة أفعال غير أخلاقية مقابل الحصول على هدايا في المطاعم المشبوهة، كما باتت الأماكن التي تنظم بفيه الحفلات مسرحا للشجارات والشتائم القبيحة التي تخرج المرأة عن قيمها الإسلامية وإحترامها.