في وقت مازالت فيه شريحة معتبرة من الشباب تبحث عن وسيلة لإتمام نصف دينهم بسبب البطالة، السكن وتدني الحياة الاجتماعية من جهة، وغلاء المهر من جهة ثانية، تعرف شريحة أخرى تجاوزها الزمن من الكهول إقبالا واسعا على إعادة الزواج من فتيات في سن أطفالهم. الظاهرة انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة بالبويرة، بحيث أصبح الكهول ممن تجاوزوا السبعين سنة يقبلون على الزواج من عازيات في سن أبنائهم، وكأنها أصبحت موضة العصر تاركين الشباب يتفرج ويندب حظه. ويتساءل البويريون في نفس الوقت عن سر قبول العازيات من الزواج بهذه الفئة وهي الشيوخ، وماذا تخبئ من ورائها ونقصد الشابات هل دهمهم القطار أم بسبب العنوسة أم أن حب المال ومنحة الأورو والفيلا هي الدافع الوحيد لقبول الزواج من عريس في سن أجدادهن. ولمعرفة سر ربط هذه العلاقة الزوجية التي توصف بعلاقة دنيا الطرائف، ارتأينا أن نجمع بعض الشهادات الحية من بعض المتزوجات بالكهول، حيث اختلفت الآراء التي كانت في مجملها الاستفادة من عقد الزواج والمنحة وشطب كلمة عانس من حياتهن. تقول السيدة نورة، صاحبة 28 سنة من شرقي مدينة البويرة، أنها تزوجت كهلا في سن جدها تقدم إليها لطلب يدها فقبلت طلبه بدون تردد. تقول أنها قبلت ليس حبا فيه، وإنما للحصول على عقد زواج شرعي وطمعا في ماله وتركته. زد على ذلك أن المرأة العانس اليوم ينظر إليها نظرة احتقار، وأن عدم زواجها يجلب لها الأقاويل والإشاعات التي تضرها ولا تنفعها، السيدة نورة، كانت صريحة في قولها عندما قالت زواجي من هذا العجوز ليس من باب الحب والدليل على ذلك أن حالته كانت غير مرضية بحجة ملابسه الوسخة وعزله في غرفة النوم عكس ما كانت عليه هي، بحيث وجدناها في حال وكأنها تتأهب لحضور عرس أو زيارة أقارب من حيث اللباس، الحلي، الروائح، وغيرها. أما عمي مسعود الحاج، فيتأسف من هذه الحالة التي هو فيه مع زوجته الطمّاعة، فيقول أن نيته كانت حسنة عندما طلب يد نورة وهذا لمساعدته حتى آخر يوم من حياته، لكن نورة لم تف بالعهد والشروط المتفق عليها قبل عقد الزواج، ولدي أقسم لنا بأنه سيعيدها إلى أهلها وأن يهديها ورقة الطلاق لأن هدف نورة مادي لا غير. حالة أخرى عشناها في قرية ايت لعزيز، حيث حضرنا حفل زفاف لشيخ في الثمانين من عمره تزوج بعد موت حبيبة دربه من امرأة في الخمسين من عمرها لم يسبق لها الزواج. فهذه قصة مغايرة للأولى، حيث أن هذه الزوجة ليست طماعة في مال زوجها بقدر ما يهمها عقد زواجها والقضاء على عنوستها التي أدخلتها عالم نسيان الزواج، وهي تحمد الله في آخر عمرها. وتضيف أن المال ليس هو المهم. حالات عديدة يعيشها أبائنا وأجدادنا في أخر أعمارهم فمنهم من يعيش في سعادة ومنهم من يعيش في شقاء بسبب تعدد الزواج من فتيات لا يهمهن الحب وإنما المال والطمع، من جهتهم الشباب استنكروا هذه الوضعية التي شجعت العازيات على الزواج بالكهول نظرا لحالاتهم المادية، وهم يتساءلون كيف نرى شيخا يتزوج مع من يحب وكيف تبقى شريحة الشباب تتفرج وتتكئ على الجدران، وعلى لسان محمد أمين، حين قال أصبحت احسد هذه الفئة بسبب إقبالهم الواسع على الزواج في آخر أيام عمرهم ومن شابات عازيات في سن أحفادهم، محتكرين الشباب الذي يعاني الأمرين أولهما البطالة وثانيها أزمة السكن، ويضيف كان على هؤلاء الشيوخ فعل الخير بمساعدة أي شاب لإتمام نصف دينه لتكون صدقة جارية في آخرته وتشجيعا للكهول وخاصة أصحاب الأورو لمساعدة لأبنائهم وتزويجهم لتجنب الرذائل والفساد وحتى الأمراض.