وصف الوزير السابق للشبيبة والرياضة عبد العزيز درواز إخفاق الخضر في بلوغ نهائيات أمم إفريقيا 2012، وتراجع النتائج بالأمر المنطقي والمنتظر، في حوار مطول أجراه مع موقع الحصاد، مبررا ذلك بالمشاكل الكثيرة التي تخبط فيها المنتخب طيلة التصفيات، وحمل درواز “الفاف” المسؤولية جراء السياسة الفاشلة التي انتهجها بعد نهاية المونديال، خاصة عقب قرار الإبقاء على المدرب رابح سعدان على رأس العارضة الفنية للمنتخب، قبل دفعه للإستقالة وتنصيب المدرب عبد الحق بن شيخة، الذي وصفه المدرب السابق للمنتخب الوطني لكرة اليد سنوات الثمنينات، بكبش الفداء ورجل المطافئ مبرزا ثقته الكاملة في المدرب الجديد حليلوزيتش الذي أكد أنه سيضرب بيد من حديد لإعادة النظام داخل بيت المنتخب. بصفتك وزير سابق، كيف تقيم مردود الرياضة الجزائرية عامة خلال المواسم الأخيرة؟ الأمور تغيرت لحد ما، ففيه إيجابيات وفيه سلبيات، أعتقد أن الدولة أصبحت تعطي أكثر إهتماما للرياضة، خاصة مع صحوة المنتخب الوطني وتأهله إلى المونديال بعد غياب طويل عن المنافسة، ربما المسؤولين فهموا أن الرياضة تعتبر عنصرا جد هام في تطور المجتمع، وعامل مؤثر مباشر على مجالات عديدة أخرى. بالحديث عن كرة القدم، ما تفسيرك لتراجع نتائج الخضر في الآونة الاخيرة؟ الأسباب كثيرة وعديدة والنتيجة واحدة، العمل القاعدي الذي تم إنتهاجه لم يبني على أسس متينة، وكل المؤشرات والمعطيات كانت توحي على التراجع والسقوط مجددا، الفاف وروراوة ورغم العمل الكبير الذي قاموا به، خاصة خلال تصفيات المونديال إلا أنهم أخطأوا التقدير والتخطيط، ليدفع الخضر الثمن غاليا في مهزلة مراكش وحتى قبلها لكن بدرجة أقل. ماهي هذه الأخطاء التي تقول أنها كانت الأسباب في تراجع المستوى ومعه النتائج؟ لعل السبب الجوهري والمشكل الأول يكمن في العارضة الفنية الوطنية والمدرب، حيث كان على سعدان الذهاب مباشرة بعد مباراة أم درمان، والخروج من الباب الأوسع وترك المجال لمدرب عالمي لتحضير المونديال والعمل على مدى طويل، خاصة أنه كان وصل إلى أهدافه، وهو إعادة الجزائر إلى كأس الأمم الإفريقية، وأكبر تظاهرة كروية عالمية بعد غياب دام ربع قرن، لكنه بقي في منصبه بضغوطات من بعض الأطراف حتى السياسية، وغادر في الأخير المنتخب بطريقة يستحق أحسن منها بكثير، رغم أن بن شيخة كان مهيئا لتولي المهام خلفا له منذ مدة. كيف تشرح رغبة هذه الأطراف الاحتفاظ بسعدان وتحضير بن شيخة لخلافته حسب كلامك؟ هذه الأطراف فضلت بقاء سعدان للحفاظ على إستقرار المنتخب، دون أن تعلم بأن ذلك أكبر خطأ ارتكبته، الأمر واضح أنه تم تحضير بن شيخة منذ مدة لخلافة سعدان، بتوليه مهام تدريب المنتخب الأولمبي أولا، وبن شيخة تم إستعماله كرجل مطافئ دون مقدرته على المهمة الأكبر منه لحد بعيد، وأعتقد أنه غامر كثيرا بالبحث عن النتائج السريعة في وقت ضيق وقصير، وحرق المراحل وخسر بذلك الكثير من السمعة التي إكتسبها في مشواره، دون أن يكون السبب في الإقصاء. لكن ألومه لأنه سمح لنفسه أن يكون كبش فداء، والكل يعلم أن سعدان مشكله مادي وتصريحاته قبل “الكان” والمونديال تعبر عن ذلك، وكان على المسؤولين تفهمه وتلبية رغبته وتركه يستريح. وأما بعد ذهاب بن شيخة وقدوم البوسني حليلوزيتش؟ لدي فكرة عامة عن هذا المدرب، من خلال الأندية الفرنسية التي دربها فهو رجل صارم، ولا يعترف بالأسماء وأعتقد أنها الخاصية التي يجب أن تتوفر في المدرب الذي سيشرف على الخضر، لأن هناك بعض العناصر من أصبحت كوادر، يخيل لها أن المنتخب أصبح ملكا لها قبل كل الجزائريين، ويتوجب القضاء على هذه الفكرة في أسرع وقت، وأعتقد أن المدرب الجديد قد إنطلق في هذه الحملة. هل ترى أن هذا الرجل قادر على إعادة النظام داخل بيت الخضر؟ «الفاف” بدون شك درست الوضع جيدا، ووضعت المؤهلات والخصائص التي يجب أن يتمتع بها المدرب المستقبلي للمنتخب، ومادام أن روراوة تعاقد مع هذا المدرب، فحتما وجد فيه ما كان يبحث عنه. كما قلت حليلوزيتش رجل يملك شخصية كبيرة جدا، كلامه فوق الميدان وثقافته قريبة من لاعبينا المحترفين، الذين ينشطون أو كانوا ينشطون في أوروبا، وهو ما سيسهل عليه العمل معهم مقارنة بسعدان وبن شيخة. إذن أنت مع فكرة المدرب الأجنبي مقارنة بالمحلي؟ لا ليس الإشكال في هذه النقطة بالذات، لكن لا يجب أن نكذب على أنفسنا لأنه ليس لدينا مدربين محليين قادرين على هذه المهمة في الوقت الحالي، والمحيط متعفن إن صح القول، وعليه يتوجب الإستنجاد بمدرب يضرب بيد من حديد في صورة البوسني، الذي أتمنى أن يجد المساندة الكافية، في الفترة التي توليت فيها منصب الوزير قمت بإستقدام سعدان ثم سنجاق نظرا للمؤهلات التي كنا نبحث عنها ولم أندم يوما على ذلك. لكن عدة أطراف وغالبية الشارع الجزائري طالب بإستقدام المدرب رابح ماجر؟ لا أريد أن أقارن بين ماجر وحليلوزيتش ولا أحد غيرهما، ولا حتى التعليق المعمق على قرار الفاف، لكن أعتقد أن على رابح ماجر إثبات قدراته وكفاءته مع نادي ما أولا، قبل التفكير في العارضة الفنية الوطنية. وفيما يتعلق باللاعب المحلي؟ بكل عيوبها إلا أني أحيي “الفاف” على مواصلة تطبيق سياستها بالاعتماد على اللاعب المحترف، والمراهنة عليه بدرجة أولى خاصة خلال الفترة السابقة، لأن بطولتنا لم تعد تقدم وتعطي عناصر قادرة على كسب مكانتها الأساسية في المنتخب، وعلى اللاعب المحلي إبراز مؤهلات أكبر، والتحلي بالرزانة خاصة الحارس شاوشي الذي شوه صورة الجزائر بتصرفاته، وأتمنى أن تمنح لهم الفرصة للكشف عن ذلك كما هو الحال الآن رفقة المدرب الجديد. لنعود قليلا إلى مواجهة مراكش، فكيف يمكن لك تفسير الخسارة الثقيلة هناك وبعدها الإقصاء؟ الخسارة والإخفاق لا أعتبرهما بالأمر المفاجأ، وقد صرحت في بداية التصفيات أننا لن نتأهل نظرا لانطلاقتنا الصعبة أولا، وكذا للظروف التي سادت بيت الخضر خلال كل تلك الفترة. المنتخب المغربي كان أكثر إرادة وأكثر تعطشا لتحقيق الفوز والتأهل خاصة بعد غيابهم عن “الكان” السابق، مقارنة بعناصرنا التي”شبعت أموالا قبل كل شيء، وكذا شهرة جعلتهم يفقدون التركيز ويكسبون ثقة مفرطة في النفس”. بما أن المنتخب سيعيد ترتيب نفسه من جديد، فماذا يجب القيام به حسب إعتقادك وتجربتك؟ طاولة مستديرة تجمع كوادر الكرة الجزائرية والمختصين، دراسة معمقة للوضع وأسباب الإخفاق والخروج بقرار جماعي لتنظيف المحيط، وفق ما يخدم الكرة الجزائرية بصفة عامة، ولعل أهم قرار هو الإعتناء بالتكوين وأخذ أكاديمية بارادو كفكرة وقدوة، وإذا كان هناك ناس يعارضون فكرة هذه الأكاديمية، فهذا يعود لسبب واضح وهو أنه الصورة والواجهة لإخفاقاتهم وسياساتهم السابقة، وهؤلاء الذين أتحدث عنهم يعرفون أنفسهم جيدا.