الأحداث تتسارع في ليبيا مع تقدم قوات المشير خليفة حفتر ودخول "قوة ثالثة" على الخط. فبعد مرارة الحرب الأهلية وعجز الحكومات المتتالية وتدهور حال الناس ورجوع ليبيا رغم غناها إلى القرون الوسطى هاهي القوى المدنية الكبرى تتصارع في كسب السلطة الفعلية بالقوة في الميدان. الجزائر والأمور على ما ذكرنا لا تجد هامشا للمناورة والوساطة والسلاح مشهور في أوجه "الإخوة – الأعداء". إنها لعنة القذافي تطارد الليبيين. فقد انتقل ثقل المعارك في ليبيا من إقليمي برقة وطرابلس إلى "إقليم فزان"، عقب تدشين قوات خليفة حفتر، الموالية لمجلس النواب بمدينة طبرق، هجمات برية على قاعدتي "براك الشاطئ" و"تمنهنت" شمالي مدينة سبها، مركز إقليم فزان، وغارات جوية على قاعدة الجفرة الجوية. فبعد سيطرة قوات حفتر على منطقة الهلال النفطي وحصر قوات "مجلس شورى ثوار بنغازي" في أحياء ضيقة شمال وسط بنغازي، إضافة إلى طرد "كتائب مصراتة" (موالية لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس المدعومة من المجتمع الدولي) لتنظيم داعش الإرهابي من مدينة سرت، أصبح الجنوب هو ساحة القتال الرئيسية بين أكبر قوتين في الشرق والغرب.
وبينما يقول مجلس النواب، الذي يرفض الاعتراف بحكومة الوفاق ويطالب بإدخال تغييرات على اتفاق السلام، إن تحركات قواته حفتر جنوبا تستهدف مكافحة الإرهاب، يرجح مراقبون أن هذه القوات، وبتلك التحركات، تسعى إلى الالتفاف جغرافيا على مدينة مصراتة، والانقضاض على العاصمة طرابلس، دون الاصطدام بكتائب مدينة مصراتة، الواقعة بين طرابلسوبنغازي على البحر المتوسط. وعامة، فإن الغارات على قاعدة الجفرة وما سبقها من تحركات واشتباكات بين "القوة الثالثة"، التابعة ل"كتائب مصراتة"، وقوات "اللواء 12"، التابعة لحفتر، في "بوابة قويرة المال"، المدخل الشمالي لسبها وقاعدة تمنهت الجوية، تثير مخاوف من تصاعد التوتر في محافظتي سبها والجفرة بين قوات حفتر و"كتائب مصراتة".