أطلقت 200 عائلة تقيم في بيوت هشة بحي المرجة القصديري في بلدية براقي بالعاصمة نداء استغاثة لوالي الولاية من أجل التعجيل في ترحيلها وانهاء معاناتها التي دامت لأكثر من 20 سنة بالنسبة للبعض ذاقوا خلالها كل أنواع المرارة بسبب العيش داخل سكنات توشك على السقوط، ومازاد من مخاوف قاطنيها تجاهل السلطات لهم مما جعل الغالبية منهم يشك أنهم غير معنيين بالترحيل، ورغم المراسلات التي بعثوا بها للسطات المحلية من أجل تقديم توضيحات بخصوص الترحيل إلا أنهم لم يتلقوا أي معلومات تفيد بإدراجهم في عمليات الترحيل المقبلة من عدمها. "نحن أموات أحياء" هي العبارة التي وجدها أحد القاطنين بالحي القصديري مناسبة للتعبير عن حالتهم المزرية في حديثه ل "السلام" مشيرا إلى أن الحياة لا معنى لها بالحي والفرق بينهم وبين الموتى أنهم يتنفسون لكن هواء ملوثا مثلما جاء على لسان محدثنا الذي أكد أنهم راسلوا السلطات المحلية مرات عديدة من أجل الاستفسار عن موعد ترحليهم إلى سكن لائق يحفظ كرامتهم بعد سنوات من المرارة إلا أنهم في كل مرة يأتيهم الرد " الترحيل من صلاحيات المصالح الولائية". 20 سنة في القصديري تكفينا .... "عشنا بالحي كل أشكال المعاناة "، "يكفينا العيش لسنوات طويلة داخل القصدير" هو ما قاله عمي علي مواطن قاطن بالحي منذ 20 سنة، مؤكدا أن لا شيء يبعث على الارتياح بالحي الفوضوي الذي تنعدم به كل مقومات الحياة الكريمة، فالطرقات مهترئة، والداخل للحي يجد صعوبة في الدخول والخروج منه بفعل الحفر المنتشرة على طولها، والوضعية تتعقد أكثر في فصل الأمطار حيث تتحول الأرضيات إلى مستنقعات للمياه التي تتجمع لأيام ما يعيق تنقلات المواطنين بذلك الحي. وضعية المسالك تؤثر بدرجة كبيرة على تلاميذ المدارس الذين يعانون في التنقل إلى مؤسساتهم التربوية. وفي هذا السياق قال تلميذ في الطور المتوسط "استغرقنا وقتا للخروج من الحي بسبب تدهور الأرضيات وفي كثير من الأحيان نقع في الحفر ما يستدعي العودة إلى البيت وتغيير الملابس"، والوضع ينطبق على كل تلاميذ الحي حسبما جاء على لسان محدثنا. كما ساهم غياب الإنارة العمومية بالحي في خلق متاعب للسكان الذين يخرجون في الظلام في الصباح الباكر وأثناء العودة مساء بعد الخامسة، حيث تصعب الرؤية في مسالك تغزوها الحفر، وقد راسل السكان السلطات المحلية عدة مرات من أجل تزويدهم بالإنارة العمومية إلا أنها لم تحرك ساكنا. خطر الأسلاك الكهربائية يهدد حياة السكان تتوسط سكنات الحي أعمدة للتيار الكهربائي ذات الضغط العالي، الأمر الذي قد يهدد حياتهم، وتزداد مخاوف السكان عند هبوب الرياح بقوة، وقال محدثونا أنه من وقت لآخر تحدث شرارات كهربائية بالحي عند تهاطل الأمطار. السكان تحدثوا عن حريق حدث السنة الفارطة وتسبب في إتلاف مسكن بسبب حدوث شرارة كهربائية، وقال محدثونا أن مثل هذه الشرارات تتكرر باستمرار في فصل الشتاء. النفايات الديكور اليومي بالحي المتجول بين أزقة الحي الفوضوي بالمرجة يلفت انتباهه الانتشار الكبير للقمامة في كل مكان، والتي أصبحت تميز الديكور اليومي للمكان تنبعث منها روائح كريهة يشمئز منها الزوار، خاصة في فصل الصيف، حيث يضطر السكان لسد أنوفهم من شدة الروائح الكريهة. وحسب أحد سكان الحي، فإن الانتشار القوي للنفايات تسبب في تلوث البيئة، وجلب الفئران والحشرات التي أصبحت تشارك العائلات فراشها. وفي هذا السياق أشار السكان إلى إصابة العديد منهم بأمراض مزمنة نتيجة الحالة البيئية الملوثة، حيث الغالبية مصاب بأمراض مزمنة منها الربو والحساسية. والملاحظ بالحي، أن السكان يلجأون إلى حرق النفايات للتخلص منها بعد تراكمها بكميات كبيرة وهو ما زاد من تدهور الوضع البيئي بالمنطقة. وفي حديث بعض السكان مع السلام، أشاروا إلى انتشار الثعابين التي أصبحت تشكل خطرا على حياتهم والتي تشاركهم حجرهم، مؤكدين أنه في كثير من المرات لجأوا إلى قتلها. انتشار السرقة زاد من مخاوف السكان أثناء تواجدنا بالحي اشتكت لنا خالتي مريم من انشار السرقة التي أصبحت تحوم بين المنازل في وضح النهار وعزه وتهدد حياة الأفراد وممتلكاتهم إذ تعرضت هذه العجوز للسرقة لأكثر من مرة وهي نائمة داخل غرفتها وكان لذلك وقع خطير على صحتها خاصة وأنها مصابة بمرض القلب، وكذلك هو الحال بالنسبة لجارتها فريدة التي سرقت أغراضها في وضح النهار بعد توجهها مباشرة إلى السوق المجاور من أجل اقتناء بعض الحاجيات المنزلية لتعود وتصدم بالفوضى العارمة داخل المنزل الذي قلب رأسا على عقب، ناهيك عن سرقة الملابس المنشورة أمام البيوت والتي أصبحت ظاهرة يومية لا يستثنى منها أي شخص. البراءة تريد الترحيل " نريد الرحيل" هو المطلب الذي رفعه سكان الحي حتى البراءة منهم والذين تساءلوا عن موعد ترحيلهم من الحي الفوضوي بالمرجة، حيث قال أحد الأطفال "مللنا من المعيشة في هذه البيوت التي تكاد تنهار فوق رؤوسنا"، مشيرين إلى حرمانهم من كل المرافق الضرورية من ملاعب وفضاءات للترفيه، إلى جانب معاناتهم في بيوت ضيقة، حيث اجمع بعض التلاميذ من الحي أنهم يجدون صعوبة في مراجعة دروسهم في المساء بسبب ضيق المسكن. وطالب منا الأطفال بعث رسالة من خلال الجريدة إلى والي العاصمة عبد القادر زوخ من اجل التدخل وترحيلهم إلى سكن لائق. السكان يطلقون نداء استغاثة اتفق سكان الحي أنه لاشيء يريح بالهم وينهي معاناتهم سوى الترحيل إلى سكنات لائقة، مؤكدين أن سكناتهم الهشة المبنية بطريقة بسيطة بالاعتماد على الزنك والقصدير وأسقف من البلاستيك لم تعد قادرة على التصدي للتغيرات المناخية، وهم يناشدون والي العاصمة، عبد القادر زوخ، بالتدخل العاجل وإدراج أسمائهم في قوائم المرحلين خلال العمليات المبرمجة في الأسابيع المقبلة ورفع الغبن عنهم من خلال إعادة إسكانهم في سكنات تليق بهم وتجنب أبناءهم حياة البؤس التي عاشوها لسنوات طويلة.