تحت ستار من التكتم الشديد، بات تزايد عدد الأطفال بدون هوية أو كما ينعتون" اللقطاء " بالجزائر يشكل ظاهرة ن خصوصا بالعاصمة، فرغم أن الدولة تسعى إلى الحد منها بكل الأشكال سيما بالإعلان عن الإحصائيات التي تشير إلى وجود أكثر من 63 ألف طفل عير شرعي في الجزائر ، يبقى الواقع يعكس أن الظاهرة أشد فضيحة مما هو معلن. في خطوة غير مسبوقة على مستوى العالم العربي، وفي بلد لا تزال الكثير من الظواهر الاجتماعية تعتبر "طابوهات" ومحظورات ، تستعد شبكات وجمعيات جزائرية تعنى بحقوق المرأة والطفل إلى دفع الحكومة لإصدار قوانين ونصوص تهدف إلى حماية الأمهات العازبات من خلال مساعدتهن على التكفل بأطفالهن وإجبار "الآباء العزاب" على الاعتراف بهم من خلال إجراء تحاليل "الحمض النووي لإثبات النسب، من جهتها تجاهد السلطة الرسمية من خلال الحملات التحسيسية لمخاطر العلاقات غير الشرعية بين الجنسين، وكذلك ببعث الهيئات الاجتماعية، لتفادي التداعيات المنجزة عن هذه الظاهرة. وما يزال المجتمع الجزائري، ينظر إلى وليد مثل هذه الزيجات، على أنه لقيط.. أو ابن لعنة.. أو طفل عار.. وهو ببراءته ليس مسئولا عن الجريمة التي هو جوهرها، بل هو الضحية الأول والأخير، وبذلك فقد لا يستقيم معه الوصف أنهم عار حقا. وتنقل صفحات الحوادث في الصحف اليومية ، من حين إلى آخر، نبأ العثور على وليد صغير، فتح في صندوق كرتوني مرمي على قارعة الطريق بجانب إحدى حاويات القمامة أو أمام مسجد أو جمعية خيرية أو المنازل. انطلاقا من الفضول المحيط بالقضية التي تعد من أكثر القضايا حساسية، كونها تعصف بجملة من التساؤلات في قرارة نفس كل فرد يأتي في مقدمتها كيف لأم أن ترمي بفلذة كبدها حتى ولوكان نتاج لعلاقة غير شرعية؟ ، وكيف وصل حد التهاون والتساهل عند البعض ممن هم أساس تفسخ المجتمع لأن يعرضوا حياة إنسان لمخاطر الكلاب الشاردة والجائعة والتي تجد فيه ما يسد رمق جوعها وكأنهم يقومون برمي علبة دخان فارغة أو منديل مستهلك.....؟ ارتأت وقت الجزائر تصوير بعض الشهادات عن الكيفية التي يرمى بها هؤلاء البؤساء، و شهادة البعض من أبناء اللعنة الذين يخرجون إلى هذه الحياة بنسب مجهول مغيب تمام عن اهتمامات المجتمع عموما بمسؤوليه وبمختلف شرائحه. خالد وضع داخل علبة كرتون ، و سامية في حاوية رمي النفايات روى مصدر أمني موثوق قصته مع المواليد الجدد المرمين هنا و هناك في قلب العاصمة، حيث قال لنا"أنا أتذكر جيدا وجه الصبي خالد لما كان ينظر إلينا رغم أن عمره لم يكن يتجاوز الشهر الواحد، حيث كان موضوع داخل علبة كرتونية، هذا في صيف 2009 لما قمنا بدورية ليلية كالعادة جلبت انتباهنا العلبة التي كانت داخل موقف خاص بالسيارات ، في حدود الساعة الحادية عشر ليلا، غذ تبين بأن أمه تركته بإرادتها الكاملة، تاركة معه رضاعته مملوءة بالحليب ، الذي كان لا يزال ساخنان قمنا برفعه و نقله الى المستشفى و قاموا بفحصه و تبين بأنه في صحة جيدة، و هو الآن في مركز خاص ، عمره تجاوز العامين و سمي بخالد . في حين أكد بان قصة آخرى لمولود جديد لم يستطع نسيانها ، بل أكد بأنها جريمة في حق البشرية، حيث تم العثور على طفلة صغيرة لم بتجاوز عمرها أسبوع مرمية فوق حاوية لرمي القمامة في بلوزداد، القضية أثارها رجل كان أراد أن يرمي بكيس من النفايات أمام الحي الذي يقطن فيهن ليتفاجأ ببكاء طفل صغير و لما أقترب أكثر من الحاوية وجد صبية صغيرة ، الرجل هرع إلى مصالح الشرطة و أخبرهم بالأمر، و حسب مصدرنا فأنه أول من قام برفع الفتاة من المكان ، و قال بان وجهها كان ملائكيا لدرجة غمرت عيناه بالبكاء . كمال حبيس المنزل ذكر ت عائلة مصباح من العاصمة بان دهشتها كانت و لا تزال كبيرة لما قامت بإعلام كمال ذو ال12 سنة بحقيقة أمره ، حيث أكدت بأنه من حينها لم يخرج من المنزل رغم المحاولات المتكررة لها من شرح الأمر و تبسيط الوضعية له، و ذكرت الام بان الصبي لم يهضم فكرة بان العائلة التي عاش برفقتها لمدة 10 سنوات ليست عائلته الحقيقية و بالخصوص الام، فقد كانت الصدمة جد كبيرة و لحد ألان فهو محبوس الأربعة حيطان داخل عرفة لم يدخلها النور لمدة 3 أشهر، في السياق حاولت العائلة جلب مختص نفسي لمعالجته ، و الذي اكد لهم صعوبة الوضعية التي يعيش فيها الطفل، و بانه سوف يتقبل بالأمر بمرور الوقت، و أردفت الأم قائلة" نحن صابرين و إنشاؤء الله يعود وليدي للحالة التي كان عليها، فكل إخوته ينتظرون اللحظة، الأمر الذي إستنبطناه ، هو الحب الكبير الذي يكنه أصحاب هذه العائلة لهذا الصبي. يبدو أن حظ كمال كان كبير لان العائلة الكفيلة غنية و جد كريمة، فمن الجهة الأخرى روت لنا منى ، طالبة جامعية تسكن لوحدها في شارع عبان رمضان بالعاصمة، فلقد كانت تعيش لدى عجوز كانت قد تبنتها لمدة فاقت 20 سنة، و هي ام ل5 أبناء، و الذين كانوا يعيشون جميعهم في الخارج، المأساة بدأت عندما عاد الابن الأصغر للعجوز ليعيش في المنزل ، و الذي طلقته زوجته الاسبانية كونه إنسان ضال، حيث اندهش لما رأى منى بديعة الجمال ، في الأول كان يعاملها و كأنها أخته الحقيقية بالدم، لكن شيطانيته ظهرت بعد مرور على إقامته 5 أشهر، حيث أصبح يسمعها كلمات غير لائقة، و وصل به الامر إلى التحرش بها لما تكون الأم غائبة عن المنزل، أمام هذه الوقائع فررت منى دخول عالم الشغل رغم أنها لا تزال طالبة، و قد وفقت في الأمر، و قررت ان تسكن لمفردها و جلب أمها العجوز التي لا تقدر على فراقها، لما سمع بقرارها قام بطردها مباشرة من المنزل و حرم عليها وجه امها التي سهرت على تربيتها أيام الصيف و الشتاء ، بل وصل به الامر الى نعتها باللاقطة" ، و هي العبارة التي لم تستطع نسيانها رغم معرفتها للأمر، و اشارت الى ان نظرة المجتمع الجزائري جد قاسية إزاء هذه الفئة . شهادة ميلاد.... العار الذي حرم بلال من فرصة عمل هو ملف يتكرر على مسامع الجميع ويستوجب الوقوف عنده مطولاً لمعرفة الأسباب والتداعيات لما يحمله من مآس اجتماعية وأخلاقية سببت دمار أشخاص ذنبهم الوحيد أنهم جاؤوا إلى الحياة نتيجة خطأ لم يكن لهم أي ذنب فيه، و هي حالة بلال الذي قال بانه بطال رغم انه مهندس في الاكترونيك ، قال بانه يتمته بمؤهلات تطبيقية جد متفوقة، لكنه تعيس الحث لانه و بكل بساطة إبن غير شرعي و لانه يحمل على شهادة ميلاده بأنه طفل متكفل به، حيث قال بان أغلب المؤسسات التي زارها لم تقبل وضعيته و كأن الأمر مكتوب على جبينه، حيث كانت تعرض عليه العمل لكن دون التأمين ، و هو الآن نصف بطال يعمل بمتجر أبيه لسد حاجياته اليومية، صرخة نجوى الصوت الإذاعي بامتياز، جاءت من ولاية عنابة بحثا عن فرصة عمل بعد أن أنهت دراستها في علوم الإعلام و الاتصال تخصص سمعي بصري ، ذات الدوافع و الأسباب جعلتها تنتقل من مؤسسة لأخرى دون جدوى ففي كل مرة يرد ملفها خاما كما أودعته، كل هذا بسبب الشهادة التي كتب عليها " ابنة متكفل بها" "الآباء'' يرتكبون الجريمة والأبناء يدفعون الثمن ذكر عبد الرحمان عرعار ، رئيس شبكة ندى بالجزائر و التي تستقبل يوميا عشرات من القضايا المماثلة ، بأن لابد من إيجاد قانون بحد من الظاهرة التي بدأت تأخر مجرى آخر بها بالجزائر ، و طالب المتحدث من السلطات العمل على إجراء الفحص على الرجال المستبه فيهم و إطلاق العنان لمصطلح" الرجال العازبون ، كون المسؤولية لا تقع فقط على عاتق المرأة بل يشاركها في الجناية ذلك الشاب المتهور أو العجوز المتعمد.وذكر عرعار بأن هؤلاء الأطفال ضحايا ، و بأنهم يدفعون خطأ "مجرمين" في حالة فرار من بشاعة الحقيقة، و ذكر بأنه لابد من الإكثار من الحملات التحسيسية بدا من المدارس و المساجد و حتى في الأماكن العمومية كالمقاهي ، ذلك تفاديا من وقع الشباب في مثل هذه الأخطاء التي لا تغتفر و التي ترسم البؤس على وجوه أبرياء يجدون أنفسهم ينعتون ب"أبناء الحرام" قراءات في الإحصائيات أشار خبراء المركز الذين عملوا برفقة مندوبين من المنظمة العالمية للطفولة بخطوط حمراء بشأن وضعية الأطفال الذين يولدون خارج الأطر الشرعية والذين تصل نسبتهم واحد بالمائة من إجمالي الولادات، حيث يربون في ظروف صعبة وحتى خطيرة وهو ما من شأنه أن يزيد في استفحال الظاهرة· حسب إحصائيات المركز الوطني للصحة العمومية، فإنه يتم تسجيل7000 طفل يولدون سنويا خارج إطار الزواج الشرعي في عدة مناطق من الجزائر. و يشير تحقيق ميداني حول الأطفال غير الشرعيين والأمهات العازبات أشرف عليها ذات المركز فإن الظاهرة أصبحت أكثر تعقيدا من ذي قبل ولم تعد تعني مجرد خطأ وقعت فيه الأم مثلما كان الاعتقاد سائدا عنه. وأكدت النتائج الأولية للتحقيق الذي أنجز بطلب من المنظمة العالية للطفولة "اليونيسيف" والتي سيتم الإعلان في المستقبل القريب عن نتائجها النهائية أن ثلث الأمهات العازبات ولدن أكثر من مرة وبعضهن لهن أكثر من ثلاثة أولاد. وتركز الدراسة التي أشرف عليها خبراء من علم النفس والاجتماع رافقهم فيها أطباء متخصصون على التأكيد على خطورة الأمر كون نتائج التحقيق الذي شمل عينة في حدود الألف امرأة في 14 ولاية من الوطن ، على أن ظاهرة الأمهات العازبات أخذت أبعادا خطيرة مستدلة على ذلك بكون الكثير من الأمهات سلكن طرق الدعارة والانحلال الخلقي بعدما تعرضن للإقصاء من بيوتهن كون أكثر من 52 بالمائة من هؤلاء الأمهات أعمارهن تقل عن 25 سنة، بينما 16 بالمائة منهن تتراوح أعمارهن بين 15 سنة إلى 20 سنة·