رفعن شعار التحدي والتفاني في العمل ربما من الأمور الصعبة أن نجد امرأة تقود سيارة أجرة وتتنقل بين الشوارع والأحياء السكنية والمدن، وأن يقوم أشخاص من الجنسين بالصعود إلى سيارة أجرة تقودها امرأة، شيء يصعب تقبله في المجتمع الجزائري الذي يعتبر محافظا ومقيدا في بعض تفاصيل الانفتاح للمرأة، غير أن المرأة الجزائرية اقتحمت هذا العالم الذي لطالما كان يعتبر حكرا على الرجال لتكسر بذلك هيمنة الرجال على هذا القطاع. حسيبة موزاوي قيادة سيارات الأجرة من طرف النسوة هي حرفة تعرف طريقها إلى الجزائر، وأضحى ميدانا مختارا من طرف مختلف الشرائح العمرية وأضحت حتى مواقع التواصل الاجتماعي فضاء لعرض الخدمات ممن اخترن المهنة منهن إحدى الفتيات التي ألهبت صفحات الفايسبوك عندما اتخذت من سياقة سيارة أجرة مابين الولايات مهنة لها، حيث عبرت الفتاة (عن اعتزازها بدخول هذا الميدان وأعلنت على صفحتها في (الفايسبوك)، أنها تقضي معظم أوقاتها في الطريق، تجوب مختلف الشوارع دون خوف، وأضافت أنه سبق لها وأن تعاملت كثيرا مع السياح الأمر الذي جعلها تصبح كدليل سياحي خاصة وأنها تتقن بعض اللغات الأجنبية، هو الشيء الذي دفعها إلى إنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعي (الفايسبوك) (تقول الفتاة) وفي ظرف وجيز بلغ عدد المعجبين بالصفحة أكثر من 1500معجب وهي تواصل عملها وترفض التوقف على الرغم من كل المضايقات فهي تعزم على استكمال المسيرة. سائقات "طاكسي" يعملن بكل ارتياح هذا الأمر جعلنا نبحث عن سائقات سيارات الأجرة، وبعد بحث طويل قيل لنا إن هناك امراة تعمل سائقة سيارة أجرة ببلدية برج الكيفان، تنقلنا إلى محطة سيارات الأجرة وبعد انتظار طويل أتت، كانت امرأة عادية طاعنة في السن تفاجأنا حقيقة لكننا لم نتردد للحظة وسارعنا إلى الصعود في سيارتها لتنقلنا إلى بلدية باب الزوار، علنا نتواصل معها لنفهم الدافع الذي جعلها تختار هذه (الحرفة) فبادرناها بالقول أننا سمعنا من قبل عن نساء يعملن كسائقات لسيارات أجرة لكننا لم نصدق ذلك لتجيبنا قائلة (منذ متى سمعتم) فكان ردنا أنه منذ فترة وجيزة، فقالت (لقد تأخرتم كثيرا فأنا أعمل في هذه المهنة منذ اثنتي عشرة سنة، الأمر الذي جعلنا نسألها ألا تتعرّضين لمشاكسات أو مضايقات من الرجال؟ فردت أنا لا أفكر بطريقة سلبية؟ الحياة جميلة وأنا متزوجة وعندي أبناء ولِما التفكير أنني سأتعرض لمضايقات؟ صحيح أن الحياة ليست دائما نضرة وقد نتعرض فيها لمواقف لا ترضينا مع أناس آخرين لا يخشون الله تعالى لكن هذا الأمر ليس بالحاجز الذي يمنعني عن تأدية عملي، مؤكدة أنها في العديد من المرات تعمل بدوام ليلي حيث قالت لنا منذ يومين عدت على الساعة الثانية ليلا فأنا اختار زبائني، فلا داعي للتفكير بطريقة سلبية فكلنا إخوة). وصلنا إلى بلدية باب الزوار نزلنا من السيارة بعد توديعها ونحن نفكر في أسئلة كثيرة، هل يليق لامرأة أن تقوم بهذا العمل؟ ما موقف الأبناء حين يكبرون؟ هل رفض المجتمع منبعه قسوته على المرأة أم احترامه لها؟ ماذا عن المخاطر التي يمكن أن تتعرّض لها؟ والتحرّشات والسرقة ربما؟ ألا يُتوقَّع أن تنفرد برجل يُسمعها ما لا تريد؟ ألا تُفقِدها هذه المهنة السِمة الأساسية للمرأة وهي الحياء؟ ظل هذا الأمر يتردد في كياننا ما جعلنا ننزل إلى الشارع لرصد تطلعات المجتمع حول عمل المرأة كسائقة لسيارة الأجرة فتفاوتت الردود والمواقف وانقسمت إلى فريقين وكان لكلّ فريق وجهة نظر معتَبرة. نسوة يؤيدن الفكرة البداية كانت مع السيدة (مونية) والتي قالت (أعتقد أنه لا يمكن أخذ موقف قطعي تجاه هذه المهنة، أؤيد شخصيا وجود تاكسي مخصص للنساء بحيث تقوم بالقيادة امرأة وتنقل من الزبائن فقط النساء، وعلى المرأة أن ترى إن كان يناسبها هذا الوضع خاصة من جهة الوقت حتى لا تكون مهنتها هذه على حساب مسؤولياتها الأُخرى كزوجة وأُم، وأردفت (مونية) بعض النساء يحتجن إلى عمل لإعالة عوائلهن في حين أنهن لا يملكن شهادات جامعية تخول لهن إيجاد وظائف أُخرى فربما هذه المهنة تكون أسهل لها. أما سعاد فلم يبتعد تفكيرها عن (مونية) (رأيت امرأة تقود السيارة في العاصمة منذ سنتين ولا أجد أن جنس السائق يؤثر كثيرا طالما أنه يتقن عمله، ثم إن عمل المرأة كسائقة أفضل من عملها في تنظيف البيوت طالما أنها لا تتقن وظيفة أُخرى تعيلها، وقد رأيتُ سائقة (حافلة) أيضا قي قسنطينة فإن حفظت كرامتها وشخصيتها في هذه المهنة فما المانع؟ منوهة إلى أن عملها هذا أفضل من انحرافها في عمل محرم، عليها فقط أن توازن الأمور وتأخذ الحيطة والحذر ولكن لا شيء يمنع من أن تسوق المرأة سيارة تاكسي). ...ورجال رافضون ويجد (محمد) الفكرة غريبة جدا ويقول (لا أتحمل فكرة عمل إحدى قريباتي كسائقة لسيارة أُجرة مع احترامي لهذا العمل، وأعتقد أن هذا العمل لا يناسب طبيعة المرأة، وإن كانت هي من تتحمل نتاج ما زرعت فلو تعلمت لما وصلت إلى هذا المنحى، وسبب عدم انتشار هذه الظاهرة هو رفض المجتمع لها لأن المرأة لا زالت تتمتع ببعض المميزات تجعل الآخرين لا يستسيغون أن تخرج للعمل بهكذا مِهن)،، ويستطرد الأخ أمين بقوله (ولا يمكننا إنكار وجود بعض المصالح وبعض الضرورات إلا أن لكل مجتمع أوضاعه وظروفه والفتوى في هذه الحال تقدر زمانا ومكانا ولا يمكن اعتماد الأسلوب فالمسألة ليست استطلاعاً للرأي العام إنما هي قضية اجتماعية وإنسانية تحتاج إلى التبصر وفي هذه الحال يسأل أهل الذكر). حقيقة بعد سرد كل هذه الآراء استنتجنا أن هناك من يعتبر هذه المهنة ثورة على العادات والتقاليد وفتحا مبينا للمرأة، وفي المقابل شريحة كبيرة جدا ترفض هذه المهنة للمرأة، فهل يا ترى سيتقبلونها حين تنتشر مع الوقت؟ أم أنها ستندثر بعد فترة لعدم تقبلها ؟ ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه ترى هل عمل المرأة كسائقة تاكسي هو خطوة نحو العصرنة والتفتح أم أنه يقلل من قيمة المرأة؟ الأيام كفيلة بالإجابة.