* أسعار السردين تلتهب·· وصيّادو الوسط يهربون نحو سواحل الغرب دقّ قدماء صيّادي ولايات الوسط ناقوس الخطر جرّاء الطريقة السلبية والتجاوزات المتّخذة من طرف نسبة كبيرة من الصيّادين الذين استغلّوا غياب الرقابة أثناء تأدية مهامهم في عرض البحار لاستخدام متفجّرات الديناميت بغرض اصطياد أكبر كمّية من الأسماك بطريقة سهلة ومربحة في آن واحد دون بذل جهد كبير مثلما هو الحال باستعمال الطريقة التقليدية، وهو ما أثّر بشكل كبير على الموارد البحرية بالساحل الجزائري. حيث هلكت العديد من الأصناف البحرية، فيما هجرت أخرى المناطق المتضرّرة جرّاء تلك المادة القاتلة باتجاه مناطق آمنة· أكّد أحد أقدم ممتهني الصيد عبر العاصمة وبومرداس وتيبازة في دردشة جمعتنا به أن مهنة الصيد لم تعد تراعي الآن الضوابط والشروط المتّفق عليها عالميا بالجزائر بعدما استغلّ العديد من ممتهني الصنعة غياب الرقابة على المجال أين عثوا في الساحل الجزائري فسادا عن طريق استخدام أبشع الطرق المحرّمة عالميا لاصطياد أكبر كمّية من السمك في وقت قصير وذلك من أجل الرّبح الوفير على حساب الطبيعة والبيئة، وهو ما يفسّر حسب المتحدث ذاته الغلاء الفاحش الذي تشهده أسعار الأسماك بمختلف أنواعها وأصنافها، خاصّة السردين الذي وصل سعره السقف في السنوات الأخيرة في حين يباع في الأسواق هذه الأيّام بأكثر من 350 دينار، وهو ما اعتبره المتحدّث دليلا قاطعا على فظاعة الأوضاع التي وصفها بالكارثية في ظلّ استمرار تعنّت الصيّادين الذين يفضّلون الرّبح السريع والاسترزاق حاضرا دون التفكير في الأجيال اللاّحقة ممّن ستمتهن الصيد مستقبلا وذلك باستخدام طريقة منهي عنها عالميا بتفجير مادة الديناميت في عرض البحر، وبعد انتظار مدّة تطفو الأسماك فوق السطح بكمّيات هائلة ويهرع الصيّادون إلى جمعها ليعاودوا الكرّة من جديد في منطقة غير بعيدة عن الأولى، وهكذا إلى أن يعودوا إلى الموانئ بمنتوج وفير تحصّلوا عليه بطريقة سهلة وسريعة عكس ما كان معمولا به في السابق أين كانت الشبكة التقليدية من بين أهمّ الوسائل المستعملة للصيد، غير أنها تأخذ وقتا كبيرا ومتعبة في ظلّ انعدام العمل بالوسائل الحديثة المعمول بها عالميا، والتي تعدّ مكلّفة جدّا بالنّظر إلى سعرها المعروض. وهو ما دفع بالعديد من صيّادي العديد من الولايات الساحلية إلى اختراق القوانين المعمول بها في هذا المجال، وبالتالي اللّجوء إلى التجاوزات التي يشهدها القطاع في ظلّ انعدام الرقابة، حيث يكون الديناميت والشبكة المتنقّلة هي أهمّ الوسائل المستخدمة في الإبحار وعملية الصيد في عرض البحار التي أضحت حالتها اليوم كارية حسب شهادات بعض الصيّادين الذين أكّدوا أن العديد من الأصناف البحرية هجرت الساحل الجزائري، خاصّة منها المنطقة الوسطى التي لم تعد تمدّ الثروة السمكية التي هجرتها بسبب مادة الديناميت الهالكة التي قضت على الحشائش البحرية وحتى الغذاء الذي يأكل منه السمك، ممّا جعل أفواجا كبيرة من أصناف الأسماك تهجر السواحل الجزائرية نحو الدول المجاورة. ويضيف أحد صيّادي ولاية تيبازة ممّن امتهنوا الصيد منذ القديم إنه وبحكم مهنته تمكّن من الوصول إلى الحدود التونسية واكتشف أن الصيد هناك أكثر وفرة عمّا هو موجود في السواحل الجزائرية التي تعرّضت للانتهاكات في حقّ الطبيعة والبيئة دون تدخّل الجهات الوصية لوضع حدّ لمثل هذه الممارسات غير الشرعية· *** السردين ب 400 دينار والجمبري لمن استطاع إليه سبيلا يبدو أن الأمور لا تبعث على الارتياح بقطاع الصيد البحري، فالبرغم من الأرقام التي تقدّمها السلطات والمشاريع الاستثمارية المبرمجة وقوانين تسنّ من حين إلى آخر، ورغم طول الساحل الجزائري والأصناف البحرية التي يتميّز بها شريطه غير أن الواقع يعكس تماما ما هو موجود. حيث يعاني المواطن الجزائري ومنذ سنوات ليست بالبعيدة من أزمة حادّة في اقتناء مختلف منتوج الأسماك، وإن كان صنف السردين من أبخس الأنواع وأكثرهم استهلاكا لدى عامّة النّاس أصبح اليوم من الصّعب على العائلات الجزائرية اقتناؤه بسبب غلائه الفاحش، حيث وصل في المدن الساحلية إلى أكثر من 350 دة للكيلوغرام الواحد في حين تعدّى بقليل في بعض المناطق الأخرى، أمّا الأصناف الأخرى التي كانت تباع ب 150 دينار فقد ارتفع سعرها إلى أكثر من 250 دينار للكيلوغرام الواحد مثل الباجو وغيره في حين توصل الكيلوغرام الواحد للجمبري إلى 2000 دينار، أمّا الصنف الرديء فيباع بأكثر من 800 دينار، وهو ما يستدعي تدخّل الجهات الوصية لوضع حدّ لمثل هذه الممارسات غير الشرعية التي يقترفها أغلب الصيّادين في أداء مهنتهم التي هي اليوم مهدّدة بالزوال من أيّ وقت مضى بدليل الندرة الكبيرة في الأسماك بعرض السواحل الجزائرية مقارنة بجارتيها تونس والمغرب اللتين انتعش قطاعهما أكثر في السنوات الأخيرة بالنّظر إلى الخبرة الحديثة المستعملة والطرق السليمة في أداء المهنة. للإشارة، فقد كان حسين بلوط رئيس اللّجنة الوطنية للصيد البحري، قد أشار في حديث سابق له ل أخبار اليوم إلى التجاوزات المرتكبة من قبل مجموعة من الصيّادين من أصل 50 ألف بحّار جزائري يشتغل بالبحر المخالفين للتشريعات والقوانين البحرية المعمول بها، مؤكّدا وفي الوقت ذاته أن جلّ المناطق على مستوى 14 ولاية ساحلية الممتدّة على 1284 كلم من ساحل الجزائر لا يحترم صيّادوها القوانين، من خلال استخدام الشباك المتنقّلة والمتفجّرات لقتل الأسماك، متسائلا عن دور الرقابة، كما أن بيع الأسماك بحجم 4 سنتيمترات يعتبر ممنوعا من النّاحية البيولوجية لأنه لم يكتمل نضجه بعد، كما أن للصيد في فترة التكاثر دور كبير في بروز أزمة غلاء الأسماك ونقصها في الأسواق. حيث يخرج الصيّادون إلى الصيد في الفترة المحرّمة لذلك والممتدّة على مدار 5 أشهر انطلاقا من شهر ماي إلى غاية أكتوبر، وتعتبر هذه الفترة أكثر مدّة لتكاثر الأسماك غير أن جشع البعض من ممتهني الصيد لا يبالون بما يسمّى ب الرّاحة البيولوجية للأسماك، وهو ما يزيد الأمور تعقيدا· وذكر في الأخير بعض الصيّادين الذين تحدّثت إليهم أخبار اليوم أن العديد منهم أجبر على ترك المهنة، في حين يوجد بعضهم في بطالة تقنية بسبب تلك المشاكل المذكور، أمّا نسبة أخرى فتفضّل الإبحار في مناطق بعيدة عن ساحل الولايات الوسطى كمستغانم وبعض مناطق غرب البلاد التي لايزال فيها بصيص من الأمل بدليل توفّر كمّيات لا بأس بها من الأسماك في مياهها·