أصدر أكاديميون وباحثون شرعيون ومشائخ في السعودية بيانا حول تداعيات الحملة الصحافية، التي يرون أن الشيخ يوسف الأحمد تعرض لها في الفترة السابقة. ويأتي البيان على خلفية حديث تلفزيوني للشيخ الأحمد طالب بهدم المسجد الحرام، وإعادة بنائه من جديد، حيث يستوعب الأعدادَ الكبيرة من الحجاج ويكون فيه أماكن خاصة للنساء، وهو ما أخذ عليه من قبل كتّاب وجهات استنكرت اقتراحه بهدم المسجد الحرام بحجة منع الاختلاط، كما قال. وردّ الأحمد في أكثر من مناسبة أنه أسيئ فهمه وحُور مقصده، فهو يطالب بإعمار المسجد الحرام وتوسعته، مشيراً إلى أنه أعد دراسة وبحثاً علمياً بهذا الخصوص تحت مسمى »الوسائل الهندسية والتقنية لتوسعة المطاف، والمسعى ومعالجة قرب المسعى من المطاف«، وقُدمت للجهات المعنية. البيان الذي وقّعه أكثر من 33 أكاديميا وداعية وباحث، أكد أن الجميع شهد خلال الأيام الفائتة الحملة المنظمة التي قادها ما وصفه البيان ب »الإعلام الليبرالي« عبر شبكة صحفه وفضائياته ضد مقترح الشيخ د. يوسف بن عبد الله الأحمد عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الإمام. ورأى البيان أن ذلك التيار استغل انفراده ونفوذه في الإعلام »لترويج التهويل والمغالطة والتشويه، فتارةً نسبوا للشيخ ما لم يقله، وتارةً شنّعوا عليه حقاً، وصوروه في هيئة الشذوذ والانفراد بقول لم يسبق إليه«. وأوضح البيان أن تلك الحملة الإعلامية لا صلة لها بالنقد العلمي النزيه ولا بالغيرة البريئة على المقدس من قريب ولا من بعيد، بل هي مجرد حلقة في مسلسل ترصدٍ بات واضحاً لكل مراقب يستهدفون به تنفير الناس عن علماء ودعاة أهل السنة، المتمسكين بطريقة أهل السنة في العقيدة والفتيا ومنهج الدعوة، تمهيداً لمشروعهم في تغريب الشريعة والفضيلة، وغرز المفاهيم المادية الغربية المنحلة في خاصرة الحرمين«. كما نبَّه إلى أن »من فجور الخصومة في هذه المؤامرة الصحفية أنهم حاولوا التشويش على أصل القضية وتحاشي التطرق إليها، ألا وهي مشكلة تلاحم واصطكاك وتداعك الرجال بالنساء في أيام المواسم، وكثرة تأذي المسلمات وشكواهن من الإحراجات التي يتعرضن لها في زحام الأوقات المكتظة، فهذه الصورة هي جوهر القضية، وهي أساس المقترح الذي تقدم به الشيخ الأحمد، وفقه الله، ولكن الإعلام الليبرالي بأساليبه غير النزيهة حاول صرف الأنظار عن ذلك، وأوهم الناس أن المشكلة هي الاختلاط العابر الذي ليس فيه زحام ولا تلاصق، وأن المقترِح يريد هدم الكعبة«. ورد البيان على من يرى أنه زعم »أن أحداً من علماء المسلمين لم يتعرَّض لما يحصل في الطواف من حالات لا تليق بالفضيلة«، مؤكدا أن ذلك من »جهلهم بفقه أئمة المسلمين، بل فقهاء المذاهب الأربعة لأهل السنة مطبقون على التنبيه على ذلك«. كما اعتبر البيان أنه المكابرة في أنه لا يمكن تصور وقوع فتنة في أقدس بقعة، هو مكابرة وليس »متصوراً نظرياً فقط، بل لايزال يقع بشكل مستمر إلى اليوم، فعدد الحالات التي تضبطها الجهة المختصة عالية ومحزنة، وكم يوجد من ضعاف النفوس الذين لا يراعون قدسية مكان ولا زمان، فلماذا لا نخلّص الحاجَّات والمعتمرات من معاناتهن من ضعاف النفوس«. واستغرب البيان ما وصفه بالمفارقات بالقول: »ومن مفارقاتهم أننا عهدنا التغريبيين مولعين بالحديث عن قاعدة (تغير الأحكام بتغير الأزمان) فما بالهم تركوا قاعدتهم اليوم؟ إذ كيف يقيسون وضع الرجال والنساء في عهد النبوة التي لم يتجاوز فيها عدد الحجاج مائة ألف متناثرين في المشاعر، بحالة الحجاج في هذا العصر التي تبلغ عدة ملايين، فكيف يقاس اجتماع مائة ألف بزحام أربعة ملايين«. وانتهى البيان إلى المطالبة والنصح لطلبة العلم والدعاة بالتنبه حتى لا يتم استغفالهم في ما وصفه ب »الحملات المنسقة«، مؤكدا: »شتان بين النقد العلمي الشرعي الذي له طرقه وأساليبه وبين التأليب الإعلامي الموجّه. والواجب حمل كلام الدعاة والمحتسبين على أحسن المحامل. وإن من أكثر الأمور إيلاماً أن نجد بعض المنتسبين للدعوة يتكلفون في حمل كلام المضلين على أحسن المحامل، ويحملون كلام إخوانهم على أضيقها«.