اهتزّ مجلس قضاء تيزي وزو على وقع فضيحة من العيار الثقيل، والتي كان بطلها أحد موظّفي القطاع والعامل بذات المجلس. حيث صدر عن هذا الأخير قرار في قضية واحدة بمنطوقين متشابهين ومختلفين في النتيجة، إذ زوّر أحد القرارات داخل جدران المجلس واستعمل خارجه في خطوة كانت الخيط الأوّل لاكتشاف الجناية المرتكبة داخل هيئة رسمية في جهاز العدالة، وبالتحديد بالغرفة العقارية الأولى· تفاصيل الملف الذي فتحته محكمة الجنايات بمجلس قضاء تيزي وزو وسط حضور مكثّف لموظّفي القطاع تعود حسب ما دار في الجلسة إلى سنة 2007، أين تبيّن من نتائج التحقيق الذي قامت به المفتشية العامّة لوزارة العدل في قضية تزوير القرار العقاري الصادر بتاريخ 19/11/2005 أن المدعوّة ز·ح أمينة الضبط بالغرفة العقارية الأولى قامت بالتزوير وبإعادة كتابة المنطوق الأصلي بحشو تفاصيل إضافية لا تنطبق عليه. تفاصيل القضية محلّ التزوير تتمثّل في قيام أطرافها المدعو ز. رشيد مالك قطعة عقارية وب.ح مقاول بالاتّفاق على إنجاز بناية مناصفة، إلاّ أنه ولتأخّر الأشغال رفع المدعو ز. رشيد دعوى لفسخ الاتّفاق وقضت المحكمة بتأسيس الخبرة، وبمجلس قضاء تيزي وزو صدر عن الغرفة العقارية قرار بتاريخ 19/11/2005 يقضي برفض الدعوى الأصلية لعدم التأسيس والمصادقة على الخبرة، المنطوق الذي أعيد نقله بإضافة عبارة إلغاء الحكم. وكان الأطراف قد حصلوا على النّسخة الأصلية للقرار، في حين تحصّل صاحب القطعة الأرضية على نسخة أخرى تبيّن أنها مزوّرة بعدما استعملها ابنه المغترب، والذي يكون المتّهم الثاني في القضية والمتابع باستعمال المزوّر. المتّهمة ز. حورية لدى مثولها أمام المحكمة أنكرت تهمة التزوير المنسوبة إليها وصرّحت بأنها يوم الوقائع قامت بالفهرسة فأسندت مهمّة كتابة القرارات للمساعدة ل. زهرة" التي تمّ توظيفها في إطار عقود ما قبل التشغيل، هذه الأخيرة لم تقم بكتابة المنطوق والقرار، ما يجعلها لا تتحمّل مسؤولية أفعال غيرها، مصرّحة بأن كلّ شيء كان مخطّطا مسبقا، حيث وجدت نفسها متّهمة، حيث استعجلها أحد الزملاء المدعو ي.ب كون ز·ر جاره وطلب منها تقديم خدمة، وأضافت فيما معناه أنها لو كانت تنوي القيام بالتزوير لقامت به داخل مكتبها دون إخراج النّسخة الأصلية وترك دليل يدينها. ومن جهته، ذكر الشاهد ز. عبد الكريم رئيس كتاب الضبط سابقا أن المتّهمة جاءت إليه وطلبت منه النّسخة التنفيذية للقرار فرفض ذلك وقام بتسليمها للمعني، كما طلبت منه النّسخة الأصلية لوجود خطأ فيها، كما أكّد أن التوقيع الموجود على القرار المزوّر ليس له والختم ليس لرئاسة كتاب الضبط· المساعدة ل. زهرة لدى إدلائها بالشهادة أكّدت أن القرار محلّ التزوير لم يسلّم لها بنفس تاريخ الجلسة، وبعد حوالي أسبوع أحضرته المتّهمة وطلبت منها كتابة المنطوق محلّ التزوير بعدما أخبرتها بأنهما نسيتا كتابته. المتّهم الثاني المدعو ز. مهدي وهو ابن المدعو ز. رشيد، صرّح بأنه يعيش في المهجر مع والدته، وبعد وفاة والده ز. رشيد بتاريخ 8 ماي 2006 دخل إلى أرض الوطن وقام بمراسيم الدفن وبعدها استخرج فريضة باسمه واسترجع ملفات والده التي كانت عند محاميه وسلّمها لمحام آخر، بما فيها النّسخة الأصلية للقرار والنّسخة المزوّرة، وذكر أنه لا يتقن العربية وليس باستطاعته التفريق بين النّسخة السليمة والمزوّرة، إذ سلّم كلّ الوثائق لمحاميه. وقام الابن بواسطة دفاعه باللّجوء إلى القضاء لتنفيذ القرار المزوّر دون العلم بذلك، والذي استندت عليه المحكمة في إصدار حكمها. أمام هذا الوضع، قام المقاول ب.ح برفع شكوى ضد الابن المدعو ز. مهدي بتهمة استعمال المزوّر، وكانت هذه الشكوى الخيط الأوّل لاكتشاف حجم الجناية التي كان مجلس قضاء تيزي وزو مسرحا لها. ممثّل النيابة العامّة لدى محكمة الجنايات التمس تسليط عقوبة 10 سنوات سجنا نافذا على كاتبة الضبط ز. حورية و7 سنوات سجنا نافذا على المدعو ز. مهدي، أمها دفاع المتّهمة فركّز على انعدام الأدلّة المادية الكافية والأركان الأساسية لجناية التزوير المنسوبة إليها، مصرّحا بأن المتّهمة بصدد المحاكمة على أساس أفعال لم تقم بارتكابها، مركّزا على خطورة تشغيل شباب دون مستوى حجم المسؤولية وأهمّية الوثائق المستخرجة والأمور التي يفصل فيها في هيئة بحجم مجلس القضاء ومؤكّدا خطورة الوقائع المتمثّلة في حدوث عملية تزوير في ذات المجلس بطريقة جعلت المتّهم الرئيسي خارج قفص الاتّهام وإنساب الجناية لموظّفة صفتها الوحيدة أنها كاتبة ضبط الغرفة العقارية التي زوّر أحد القرارات الصادر عنها· وبعد المداولة القانونية، قضت المحكمة ببراءة المتّهمين·