حذّر الشيخ سلمان بن فهد العودة من انقطاع الصلة بين السلطة والناس، داعيًا المجتمعات العربية والإسلامية إلى أخذ العبرة من الأحداث التي تجري حاليًا في المجتمع التونسي . وقال العودة: "إننا ننظر كيف أنّ بلدًا كتونس كان مضرب المثل في الاستقرار الأمني في دول المغرب الإسلامي ومن شرارة واحدة وحالة فقر يحرق شاب نفسَه ثم تطاير الشرارة وتنتقل من مدينة إلى أخرى حتى حصلت تغيرات وزارية، ورب ضارة نافعة". وأكّد الشيخ سلمان في محاضرته مساء الخميس بملتقى "خير أمة" الذي ينظّمه فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمركز الرياض الدولي للمعارض والمؤتمرات على أهمية العلاقة بين السلطة والناس وأنّ انقطاع هذه العلاقة هو خطر قد يؤدّي بالبقية الباقية من الاستقرار في البلدان الإسلامية بسبب انفلات الحبل وضياع الزمام . وشدّد على أنّ السمع والطاعة مطلب أمني ومن دون هذا المعنى فلن يكون للمجتمعات وجود، ولهذا كان الأمر من الله سبحانه {واسمعوا وأطيعوا}، وقال رسول الله: ((على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية))، موضحًا أن المقصود هو أن يكون تفاعل بين الطرفين وكما جاء في الحديث . وتحدّث الشيخ في عشر نقاط عن الأمن كقيمة للحياة، فأكّد على قيمة الأمن والإيمان وأن أهمية الأمن مرتبطة بتحقيق الأمن العاطفي والنفسي والاجتماعي والاقتصادي والصحي والغذائي والأمن السياسي والفكري . وفي حديثه عن ضرورة الأمن السياسي، والعلاقة بين السلطة والشعوب قال الشيخ العودة: إنّ من سنة الله - سبحانه وتعالى- أنّ هذا المبدأ ليس اتجاهًا واحدًا وإنّما هو اتجاه مترابط حتى قال النبي- صلى الله عليه وسلم- في حديث عجيب قال: ((خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ". قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ فَقَالَ: "لاَ مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلاَتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ وَلاَ تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ". وأوضح أنّ المقصود في هذا الحديث أن العلاقة هي أن تحب ولي الأمر ويحبك، وإذا بغضته يبغضك وتلعنه يلعنك أو تمدحه يمدحك، هذا يؤكّد على أهمية الوعي بالتفاعل بين جميع الأطراف بين الأب والابن، والمدرس والطالب، الزوج والزوجة.. وأنه ليس مطلوبًا من جهة واحدة فقط أن تقوم بواجباتها والجهة الأخرى تتفرج، وإنّما المطلوب أن يكون هناك تفاعل من الجميع، والمعروف هو أساس العلاقة كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم). وقال: إن الاستماع إلى الناس مطلب فاستمع إلى زوجتك أولادك؛ لأنك حاكم في بيتك، وأمير على نفسك، استمع إلى شكواهم، إلى مشاعرهم، مشيرًا إلى أن من أسباب الاستقرار أيضا هو حرية الكلمة وأنّها جزء من الاستماع إلى الناس، والعلاقة بالمعروف، لكن يجب أن تكون هذه الكلمة غير معتدية ولا ظالمة وإنّما هي تعبير عن رأي رشيد مع اتفاق مسبق على مرجعية شرعية يدين لها الجميع ويُذعن لها الجميع . وأكّد فضيلته أن الخوف من البطش أو من السجن، أو الخوف من الحاكم.. ليس هو سبب الاستقرار، وإنما سبب الاستقرار الخوف عند من يهمّ بالجريمة، لكن الإنسان العادي سبب الاستقرار عنده هو الرضا على الأقل أو دعنا نقول القبول إنه كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم- : ((آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِه)). وتوسعت الاحتجاجات التي بدأت قبل عدة أيام في مدينة سيدى بوزيد التونسية إلى مدن مجاورة بعد أن أقدم شاب ثانٍ على الانتحار احتجاجًا على بطالته أيضًا بتسلق عمود كهربائي ولمس أسلاك يمر فيها التيار، وقد تطورت الأحداث الأمر الذي دفع الرئيس التونسي زين العابدين بن علي إلى القيام بتعديل حكومي جزئيًا طال وزراء عدة، بينهم وزير الاتصال ووزير الشباب والرياضية ووزير الشؤون الدينية ووزير التجارة والصناعات التقليدية .