موقع طقارة القصديري ...معاناة عمرها أكثر من نصف قرن عائلات تعيش داخل جحور بمحاذاة مواقع حساسة في الدولة ! انتقدت مئات العائلات من سكان البيوت القصديرية بحي جبل أبو ليلي المتواجد بالطقارة في العاصمة سياسة التهميش والظلم المتواصل المفروض عليها من طرف السلطات المحلية التي صرحت علنا في لقاء سابق مع السكان عن عدم قدرتها على مساعدتهم وإنقاذهم من هذه الحفر التي يسكنون بها منذ أكثر من نصف قرن. مليكة حراث حاولت مؤخرا العائلات الاحتجاج في الشارع إلا أن صرخة هذه العائلات كتمت في مهدها بسبب الإنزال الأمني الكثيف الذي أحاط بالمنطقة حتى قبل بداية الاحتجاج والاعتصام الذي كان سلميا للغاية فقوات الأمن منعت المحتجين حتى من تعليق لافتة ندائهم الموجه للسلطات بسبب حساسية المنطقة فوزارة الدفاع تقابلهم ومن الجهة الأخرى قصر الحكومة وبدل أن يكون هذا في صالح تلك العائلات التي تقدر بأكثر من 200 عائلة تقطن في هذه البيوت القصديرية منذ أكثر من نصف قرن ما بين الثعابين والجرذان إلا أن الأمر كان ذا وقع سلبي على هذه العائلات التي حضرت منها نساء وشيوخ وعجائز بلغوا من العمر عتيا فلا الزمان ولا المكان يسمح بوقوع مثل هذه الاحتجاجات في منطقة لا يعرف أغلب سكان العاصمة بوجود بيوت قصديرية فيها فحتى بلدية الأبيار ودائرة بوزريعة المسؤولتان عن هذه المنطقة بقيتا غائبتين عن الظروف المزرية التي يعيش فيها سكان عين زبوجة وجبل أبو ليلي ففي كل مرة تكون الوعود بالحلول في أقرب الآجال إلا أن السنوات تمر ولا وجود لأي بادرة بترحيل أو حتى إجراء تحقيق في المنطقة ومساعدة العائلات على ترميم بيوتها التي تتساقط أجزاؤها كل يوم. وبدل أن يحضر بعض الممثلين عن السلطات المحلية بالمنطقة كبلدية الأبيار ودائرة بوزريعة من أجل الوقوف على تفاصيل هذا الاحتجاج وأسبابه كما يحدث في العادة في مثل هذه المواقف إلا أن العائلات المعتصمة في المكان منذ الساعات الأولى للصباح لم تجد في مواجهتها إلا قوات الأمن التي حاصرتهم في منطقتهم ومنعتهم من التقدم نحو الطريق العام خوفا من حدوث فوضى خاصة أن الشارع يضم مبنى وزارة الدفاع الوطني إلا أن قوات الأمن من جهة أخرى قامت بتهدئتهم بل قامت بالتدخل للوساطة ما بينهم وبين السلطات المحلية التي ظلت إلى غاية الساعة إما تعد بحلول عقيمة أو تصرح علنا دون حياء من منصبها الحساس عن عدم قدرتها على مساعدتهم إطلاقا من ناحية السكن.. ولحل هذه الأزمة وإيجاد حلول ما بين السكان والسلطات المحلية تدخل ضباط أمن من أجل الحصول على موعد مع الوالي المنتدب لدائرة بوزريعة ولضمان عدم وقوع أي مشاكل فإن قوات الأمن وعدت من جهتها على مرافقة ممثلي هذه العائلات إلى غاية مقر الدائرة وضمان استقبالهم من طرف المسؤولين المحليين. ومن أجل الاطلاع عن قرب على أوضاع هذه العائلات قادتنا إحدى الأمهات من ضحايا الإرهاب إلى داخل هذه البيوت القصديرية التي لم يسمع بها أحد لأنها محاطة بالفيلات الفخمة وبالتالي فإن لا أحد يصدق بوجود مثل هذه المعاناة داخل هذه المنطقة إلا إذا تنقل وشاهد بعينيه الحفر والكهوف التي تقطن بها أكثر من 200 عائلة على محورين اثنين في منطقة الطقارة.. وخلال توغلنا في هذه المنطقة التي لا تصلح أبدا لعيش البشر خاصة أن الوصول إليها جد صعب بانعدام سلالم صالحة توصل مباشرة إلى هذه البيوت المتراصة مع بعضها كأنها قبور لا يفرقها عنها إلا الأجساد المتحركة داخلها.. أدخلتنا خالتي فتيحة إلى هذه الكهوف ويديها تمسك بنا خوفا علينا من السقوط في هذه المنحدرات التي ازدادت خطورة بسبب الانزلاق الكثيف للتربة إلا أن خالتي فتيحة البالغة من العمر أكثر من ستين سنة لم تجد صعوبة في السير وتسلق المنحدرات بسبب خبرتها التي اكتسبتها بالعيش ما بين الحفر.. هذه السيدة التي فقدت ابنها الوحيد في سنوات المحنة بعد أن خدم في صفوف الجيش الوطني لمدة طويلة إلا أن أبناء الوطن كانوا له بالمرصاد فحرموا هذه الأم من ابنها ولم تتلق حتى من الدولة إلا وساما شرفيا كعرفان بالخدمة لا زالت تحتفظ به على سبيل الذكرى لا غير فهي جد غاضبة على حقوقها المهضومة بكونها مواطنة مولودة في حي الأبيار في خمسينيات القرن الماضي ولازالت إلى الآن تسكن في نفس البيت التي ولدت فيه بعين الزبوجة دون أية التفاتة من السلطات المحلية ومن جهة أخرى بصفتها أم شهيد الواجب فهي إذن تحس بأنها مظلومة بشكل كبير من طرف أبناء الوطن الذين اغتالوا فلذة كبدها ولم يمنحها المسؤولون حتى حقها الشرعي في السكن رغم أنها تعيش في أسوأ الظروف وبيتها ينهار ببطء كل يوم حتى أن أرضية بعض الغرف تشققت بالكامل ولم تسلم حتى من الثعابين والجرذان التي وجدت ملجأها في هذا البيت بسبب وجوده داخل غابة.. وليست خالتي فتحية وحدها من ضحايا الإرهاب فغير بعيد عن بيتها يوجد بيت آخر يضم عائلة أخرى تحوي الأم التي اغتيل زوجها أمام أنظار ابنيها خلال المحنة وهذا ما سبب إصابة أحد ابنيها باختلال عقلي لازمه إلى غاية اليوم وهي الأخرى تعيش في ظروف سيئة للغاية بانعدام أبسط وسائل الحياة من مطبخ أو حتى الغاز الغائب كليا عن هذه العائلات التي تبقى مهددة من الموت تحت الأنقاض بسبب استمرار انزلاق التربة من جبل أبو ليلي. ومن جهة أخرى انعدام أبسط وسائل الحياة في غياب تام للمسؤولين عن هذه المأساة المتواصلة بقلب العاصمة بالقرب من مقرات أهم مؤسسات الدولة...