تعيش أكثر من 200 عائلة تقطن بالبيوت القصديرية بعين الزبوجة التابع لبلدية الأبيار منذ أكثر من نصف قرن حالة من الرعب والهلع جراء تساقط أجزاء من بناياتها الهشة خلال التقلبات الجوية الأخيرة التي تسببت في وقوع الكثير من الأشجار وانزلاق التربة على العديد من البيوت التي غرقت في الأمطار مما دفع البعض إلى الخروج إلى الشارع وقضاء ليالٍ بيضاء نتيجة الخطر الذي كان جليا وشديد الوقع على هؤلاء. ومن أجل الوقوف على أوضاع تلك العائلات اقتحمنا بيوت البعض منها لاسيما من ضحايا الإرهاب التي لا تصلح أبدا كسكن لآدميين، خاصة أن الوصول إليها جد صعب لانعدام سلالم صالحة توصل مباشرة إلى هذه البيوت المتراصة مع بعضها كأنها قبور أو جحور للحيوانات لا لبني البشر منها بيت السيدة فتيحة سلاطنة الذي يشبه بيتها إلى حد كبير كهفا أو مغارة والمتواجد بإحدى المنحدرات والذي تعرض جزء من جدرانه إلى الانهيار خلال اليومين الفارطين بسبب الأمطار الطوفانية والانزلاق الكثيف للتربة، وعليه تناشد السيدة سلاطنة التدخل الفوري للسلطات المحلية والعليا في البلاد لانتشالها من رحم المعاناة لتي تتخبط فيها منذ سنوات خلت، سيما وأن هذه الأخيرة تبلغ من العمر أكثر من ستين سنة وتعيش وحيدة بعدما فقدت ابنها الوحيد في سنوات العشرية السوداء بعد أن كرس حياته في خدمة هذا الوطن وفي صفوف الجيش الوطني لمدة طويلة، إلا أن المرتزقة اغتالوه وهو يؤدي واجبه الوطني، فحرموا هذه الأم من ابنها ولم تتلق من الدولة إلا وساما شرفيا كعرفان بالخدمة لا زالت تحتفظ به على سبيل الذكرى لا غير، فهي جد مستاءة ومتذمرة على حقوقها المهضومة لأنها مواطنة مولودة في حي الأبيار في خمسينيات القرن الماضي ولازالت إلى الآن تسكن في نفس البيت الذي ولدت فيه بعين زبوجة دون أية التفاتة من السلطات المحلية. ومن جهة أخرى بصفتها أم شهيد الواجب فهي تحس بأنها مظلومة بشكل كبير من طرف أبناء الوطن الذين اغتالوا فلذة كبدها ولم يمنحها المسئولون حقها الشرعي في السكن رغم أنها تعيش في أسوأ الظروف وبيتها ينهار ببطء كل يوم حتى أن أرضية بعض الغرف تشققت بالكامل ولم تسلم حتى من الثعابين والجرذان التي وجدت ملجأها في هذا البيت بسبب وجوده داخل غابة. وليست هذه السيدة المحرومة وحدها من ضحايا الإرهاب فغير بعيد عن بيتها يوجد بيت آخر يضم عائلة أخرى تحوي الزوجة التي اغتيل زوجها أمام أنظار ابنيها خلال المحنة وهذا ما سبب إصابة أحد ابنيها بمرض عقلي لازمه إلى غاية اليوم، وهي الأخرى تعيش في ظروف مزرية وكارثية للغاية ومحرومة من أبسط ضروريات العيش الكريم، وأمام هذه الأوضاع المأساوية تطالب السيدة سلاطنة والعائلات المتضررة الأخرى بتدخل السلطات العليا في البلاد لانتشالهم من خطر الموت المتربص بهم.