بعد تحرير باب المندب الحوثيون يهدّدون بتعطيل التجارة العالمية هدّدت جماعة أنصار اللّه (الحوثيون) بتصعيد عملياتها العسكرية في الساحل الجنوبي الغربي لليمن وتوجيه ضربات قد تطاول سفنا تمرّ عبر مضيق باب المندب الممرّ الملاحي الدولي الذي يعبر من خلاله جزء كبير من التجارة العالمية لا سيّما السفن التي تقصد قناة السويس المصرية. سيطرت المقاومة الشعبية وقوّات الجيش اليمني المؤيّد للشرعية الخميس الماضي على جزيرة (ميون) ومضيق باب المندب الاستراتيجيين بعد عام من سيطرة الحوثيين وقوّات الرئيس المخلوع علي عبد اللّه صالح مع احتدام المعارك في المناطق المشرفة على المضيق. وقال الحوثيون إنهم استهدفوا الخميس الماضي بوارج حربية تابعة للتحالف في مضيق باب المندب وجزيرة ميون ورغم استبعاد المحلّيين قدرة الحوثيون على استهداف مؤثر على البوارج الحربية أو ناقلات النفط فقد أثارت التهديدات مخاوف من تعرّض الاقتصاد العالمي الذي يعاني من أزمة تباطؤ حاليا لمزيد من الخسائر حسب محلّلين اقتصاديين وخبراء في الملاحة. وسيؤدّي تصعيد معارك عسكرية في منطقة الممرّ الاستراتيجي إلى تداعيات على التجارة العالمية لا سيّما في ظلّ بدء التحوّل إلى صراع إقليمي في ضوء تحفز إيران والتدخّل المباشر لروسيا في سوريا مؤخّرا حسب المحلّلين. وحمل بيان ناطق الحوثيين في تعليقه على سيطرة قوّات الشرعية والتحالف على باب المندب تهديدات مباشرة بإشعال المضيق الاستراتيجي. وحذّر المتحدّث باسم جماعة الحوثي محمد عبد السلام في البيان الصادر الخميس الماضي (بلغة التهديد) من تداعيات جرّ الصراع العسكري إلى مضيق باب المندب على سلامة الملاحة البحرية. ولا يزال الحوثيون يسيطرون على الموانئ اليمنية على طول ساحل البحر الأحمر ومنها (الحديدة) و(المخاء) وعلى جزر (كمران) و(حنيش) على البحر الأحمر غرب اليمن. وقال تلفزيون المسيّرة الإخباري الناطق باسم الحوثيين في تعليقه على تحرير قوّات الشرعية والتحالف الممرّ الدولي: (أصبح اليوم باب المندب معرضا لتهديدات لن تؤثّر على اليمن وحسب بل على المنطقة). وتكمن أهمّية مضيق باب المندب في أنه أحد أهمّ الممرّات المائية في العالم وأكثرها احتضانا للسفن حيث يربط بين البحر الأحمر وخليج عدن الذي تمرّ منه كلّ عام 25 ألف سفينة تمثّل 7 من الملاحة العالمية. واعتبر الخبير في الملاحة البحرية أحمد الحسني أن هذا التصعيد سيؤدّي إلى تنامي المخاطر التي تتعرّض لها ناقلات النفط والسفن التجارية المارّة من باب المندب في البحر الأحمر ومضيق هرمز في الخليج العربي. وتوقّع الحسني ارتفاع تكاليف التأمين ورسوم الشحن والنقل البحري وأن تمتنع شركات التأمين العالمية عن تغطية الرحلات المتّجهة إلى باب المندب. وكان مصدر حكومي يمني أكّد أن قوّات الشرعية وبدعم التحالف تمكّنت من تحرير جزيرة ميون (إحدى الجزر اليمنية الواقعة في البحر الأحمر على مدخل مضيق باب المندب) والتي تتيح السيطرة عليها السيطرة على المضيق الاستراتيجي. ويقع المضيق الذي يفصل الجزيرة العربية عن إفريقيا على مقربة من مدينة تعز التي تشهد معارك طاحنة. وسيطرت المقاومة الشعبية على المدينة فيما يسيطر الحوثيون على المنطقة الساحلية وعلى ميناء المخاء على بعد 80 كيلومترا غرب تعز وعلى المواقع العسكرية التي تشرف على المضيق. ويعتبر مضيق باب المندب شريانا رئيسيا للحركة الاقتصادية والتجارية العالمية وتعبره 4 ملايين برميل من النفط يوميا إلى أوروبا والولايات المتّحدة وآسيا. ويربط الممرّ المائي الدولي البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب وهو المدخل الجنوبي لقناة السويس المصرية وقالت مصر إنه لا يمكنها أن تقف موقف المتفرّج إذا تعرّضت مصالحها للتهديد. وقال خبراء عالميون في النقل البحري إنه إذا أدّى تصعيد الصراع إلى إغلاق مضيق باب المندب فإن الناقلات من الخليج لن يكون بمقدورها الوصول إلى قناة السويس وخطّ أنابيب سوميد وستحوّل مسارها للإبحار حول الطرف الجنوبي لإفريقيا وهي رحلة تستمرّ 40 يوما على الأقلّ). وكان تقرير سابق لوكالة الطاقة الدولية التي تقدّم استشارات للدول المستهلكة للنفط أكّد أن تفاقم الصراع المسلّح في اليمن زاد المخاوف بشأن أمن إمدادات الطاقة من الشرق الأوسط. وقالت الوكالة إنه في الوقت الذي يعدّ فيه اليمن منتجا صغيرا للخام ولا يشكّل إنتاجه سوى جزءا ضئيلا في الإنتاج العالمي فإن مجاورته للسعودية أكبر مصدّر للنفط في العالم تجعل أسواق النفط العالمية في حالة قلق. وأوضح تقرير الوكالة أن تفاقم الصراع قد يعرّض ممرّات ملاحية حيوية للخطر حيث يوجد أكبر حقول النفط في العالم.