تفاجأ أغلب المواطنين من مرتادي الأسواق هذه الأيّام بالغلاء المفاجئ والفاحش في أسعار اللّحوم البيضاء، والتي قفزت في ظرف أقلّ من عشرة أيّام من 180 و200 دينار إلى 300 دينار للكيلوغرام الواحد من الدجاج، ممّا يوحي بارتفاع أكثر من 100 دينار للكيلوغرام الواحد في ظرف وجيز، لم يستسغه المواطن الذي أشار إلى المراقبة غير المستقرّة في هذا النّوع من التجارة التي لا تعرف توازنات على الإطلاق في بلادنا، خاصّة إن اقترنت بالأعياد والمناسبات· لعلّ أكثر الأمور التي أضحى يلاحظها المواطن المتجوّل عبر أزقّة الأسواق اليومية هي أسعار اللّحوم البيضاء المعروضة بالقصابات، والتي قفزت إلى أعلى السقف خلال الفترة الأخيرة التي لا يفصلنا عنها سوى حوالي أسبوعان للاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، وهي المناسبة التي تفضّل فيها أغلب العائلات الجزائرية من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها إحياءها بتحضير أطباق تقليدية يكون فيها الدجاج الطبق الرئيسي، سواء إن كان ذلك مع الكسكسي، الرشتة أو الشخشوخة· غير أن ما تمنّته أغلب العائلات سيتبخّر دون أن يتحقّق لهم ذلك في حال إذا ما بقيت الأسعار المعروضة على حالها، حيث ربط هؤلاء موجه الارتفاع هذه لاقتراب موعد المولد النبوي الشريف، وهي ذات المناسبة التي يتكرّر فيها مثل هذا الإجراء دون أن ننسى الأعياد وشهر رمضان وعاشوراء وما شابه ذلك من المواسم والأعياد الدينية· الارتفاع في الأسعار هذا بالرغم من أن كلّ المؤشّرات تتّجه حول حلول المولد النبوي الشريف الذي يشهد الظاهرة نفسها سنويا، غير أن بعضا من عارفي القطاع يرجعونه إلى جشع بعض التجّار والعاملين بهذه المهنة التي أضحت صعبة بالنّظر إلى المشاكل التي يعاني منها مربّو الدواجن· غير أن الكلّ يجتمع حول اختيار العديد من التجّار الرّبح السريع في مثل هذه الأيّام التي يفضّل بعضهم تخزين الأطنان من اللّحوم البيضاء لبيعها بأضعاف الأثمان قبيل حلول المناسبة الدينية التي تفرض على العائلات اقتناء مثل هذا النّوع من اللّحوم وإلاّ كيف يفسّر ارتفاع الأسعار في ظرف وجيز، بعدما كان الكيلوغرام الواحد من الدجاج يباع بأقلّ من 200 دينار في أقلّ من عشرة أيّام ليصل إلى أكثر من 300 دينار بفارق أكثر من 100 دينار في أقل من أسبوعين؟ تساؤلات المواطنين لم تجد لها تفسيرات، غير أن الاستنتاج العام الذي تمكّن أن يستخلصه الكلّ هو تجدّر المضاربة في أسواقنا مع انتشار رهيب للوسطاء الذين يعملون على تلك الزيادات، سواء تعلّق الأمر باللّحوم ومختلف أنواعها أو الخضر والفواكه التي تشهد مؤخّرا انخفاضا طفيفا مقارنة بالفترة ذاتها من السنة المنصرمة، إلاّ أن ذلك سدّ تنفّس المواطنين مع عودة ارتفاع أسعار اللّحوم البيضاء التي تعتبر الأقرب إلى المواطنين ذوي الدّخل المحدود من اقتنائها وأكلها من اللّحوم الحمراء التي أضحت لمن استطاع إليها سبيلا فقط· من جهتهم، أكّد العديد من ممتهني تربية الدواجن، خاصّة منهم دواجن ومذابح الوسط أن المهنة أضحت اليوم صعبة بالنّظر إلى المشاكل التي يتخبّط فيها هؤلاء، منها غلاء الغذاء الموجه للدواجن، والذي يستورد بالعملة الصعبة، ناهيك عن الضرائب والرسوم التي لاتزال تنهك المربّين والمنتجين الذين يرون أن المهنة في طريق الزوال في حال استمرار المشاكل، الأمر الذي يهدّد العديد من مناصب الشغل المعروضة للمئات من الشباب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة·