يمارسن الحرفة بإصرار وعزيمة عبر الشوارع متجلببات يقتحمن مهنة سائقات تاكسي أصبح سوق العمل في الجزائر ضيقت جدا خصوصا بعد ظهور الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ مدة وهو الأمر الذي دفع بالسلطات العليا في البلاد إلى تجميد التوظيف إلى شعار آخر ما دفع بالكثير من الناس إلى البحث عن أعمال أخرى يقومون بها من أجل تحصيل لقمة عيشهم ومن الأعمال التي اختارتها العديد من النسوة قيادة سيارات الأجرة مثلما يفعل الرجال تماما ولكن الأمر الذي يثير الاستغراب هو أن تختار المتجلببات الاكثر حشمة مهنة سائقات تاكسي عوض اختيار مهن أخرى.
عتيقة مغوفل كانت المرأة الجزائرية في السنوات الماضية تعيش في قوقعة منغلقة لا تدخل ولا تخرج من بيتها إلا لسبب معين فقط وليس هذا فحسب بل أنها لا تسير في الشارع منفردة بل تكون دائما مرفوقة بأحد أفراد العائلة ولكن اليوم تحررت المرأة من كل هذه القيود بل أبعد من ذلك فقد أصبحت تغزو ميادين العمل مثل شقيقها الرجل إلى هنا الامور عادية ولكن المثير للاستغراب والجدل في الآونة الأخيرة أن تعمل نساء متجلببات كسائقات سيارة أجرة مثل الرجال فهي ظاهرة جديدة في المجتمع الجزائري. اختارت المهنة لمساعدة زوجها بينما كنا في طريقنا إلى أحد أحياء العاصمة ربحا للوقت قررنا الركوب في سيارة أجرة وبينما كنا نتظر قدوم واحدة وإذا بنا نشاهد واحدة تتوقف أمامنا إلا أن الغريب في الأمر لم يكن السائق رجلا مثلما اعتدنا دائما بل إنها كانت سيدة وأي سيدة فقد توقفت أمامنا امرأة متجلببة ركبنا معها وطلبنا منها أن توصلنا إلى الوجهة التي نريد ولكن الفضول بقي يراودنا لنعرف السبب الذي جعل تلك السيدة المتجلببة تختار أن تعمل سائقة سيارة أجرة ولا تعمل شيئا آخر فردت علينا السيدة وأخبرتنا أنها تبلغ من العمر 42 سنة وهي متزوجة وأم لثلاثة أطفال قالت إن زوجها في ضائقة مالية كبيرة وذلك بسبب الديون التي أثقلت كاهله فهذا الأخير قام باقتراض مبلغ مالي كبير من أجل شراء قطعة أرض وبناء مسكن إلا أنه عجز عن إرجاع الأموال لأصحابها وهو الأمر الذي دفع بالسيدة للتقدم إلى إحدى شركات سيارات الأجرة وتقديم طلب توظيفها كسائقة في الشركة ليحظى طلبها فيما بعد بالقبول وسلمت لها سيارة تعمل بها حتى تتمكن من مساعدة زوجها. طرحنا سؤالا آخرا على السيدة حتى نعرف إن كانت تعاني من مشاكل مع الزبائن خصوصا أنها امرأة فردت علينا أنها تلقى احتراما كبيرا من زبائنها ولم تصادف معهم أية مشاكل منذ أن بدأت تشتغل في المهنة وهو الأمر الذي جعلها تستمر فيها. مطلقة تمارس الحرفة لرعاية أبنائها بعد أن تكلمنا إلى السيدة انتابنا الفضول لمعرفة الأسباب التي جعلت النساء يخترن مهنة سائقة سيارة الأجرة بعدما كانت تخص الرجال فقط فبقينا في الشارع ننتظر حتى نلتقي مع سائقة أخرى مرت علينا سيدة في العقد الثالث من العمر هي أيضا كانت تقود سيارة أجرة تابعة لإحدى الشركات الخاصة أوقفناها وركبنا معها وفي الطريق سألناها عن الأسباب التي دفعتها لتعمل سائقة فردت علينا هذه الأخيرة أنها مطلقة وأم لطلفين الظروف الاجتماعية أرغمتها على الطلاق من زوجها وبعدها عادت لمنزل عائلتها ولكنها لم تستطع العيش رفقة أبنائها مع أخيها وزوجته وأولاده لذلك قررت أن تخرج للعمل حتى تستأجر بيتا وتعيش فيه بمفردها مع أولادها فلم تجد وظيفة تمارسها سوى سائقة سيارة أجرة وهو ما تقوم به الآن عدنا وسألناها مرة أخرى إن كانت تجد مصاعب في مهنتها فردت علينا أنها لا تجد أي مصاعب أبدا في وظيفتها بل أنها تلقى دائما الاحترام من طرف الناس وفي أحيان كثيرة يتركون لها الفكة المتبقية تقديرا واحتراما لها. الرجال بين مؤيد ومعارض بعد أن عرفنا الأسباب التي دفعت العنصر النسوي إلى العمل كسائقات سيارة أجرة أردنا أن نعرف رأي الرجال في العمل الذي اختارته السيدات وبعض المتجلببات أيضا فقابلنا السيد عبد المالك من أجل معرفة رأيه في الموضوع إلا أن هذا الأخير أبدى لنا استيائه الشديد من الأعمال والوظائف التي تقوم بها النساء في السنوات الأخيرة والتي تعد حكرا على الرجال فقط فأن تكون المرأة سائقة سيارة أجرة وتقوم بتوصيل الرجال أمر عجيب وغريب وغير لائق بأنوثة المرأة على حد تعبير السيد عبد المالك فمن المفروض حسبه أن تمارس أعمالا أخرى تكون أكثر بساطة أو أن يعملن في بيوتهنَ أحسن لهنَ من أن تحتكنَ بالرجال بهذه الطريقة. ولكن ومن جهة أخرى هناك من الرجال من رحب بالفكرة واعتبرها أمرا عاديا ومن بين هؤلاء السيد نور الدين الذي أكد لنا بدوره أن المرأة مثل الرجل وباستطاعتها أن تمارس أي وظيفة شاءت شريطة أن تلتزم بأخلاقها وبحجابها ولا تخالف أبدا الضوابط الشرعية والاجتماعية ومن جهة أخرى رحب أن تكون المرأة الجزائرية سائقة سيارة أجرة لأنها ستقوم بتوصيل النساء أين أردن عوض أن يركبنَ مع الرجال وبالتالي سيكن في خلوة مع الغرباء في سيارة الأجرة.