عادت أحداث حي ديار الشمس في المدنية بالجزائر العاصمة لتطفو على السطح من جديد بعد أن ملّت العائلات من الوعود المتتالية لاستكمال ترحيلها من طرف السلطات، وكانت آخر عملية شهدها الحي في أواخر شهر ديسمبر، والتي شهدت ترحيل 242 عائلة، ما يعادل سكان ثلاث عمارات· وقد صنع شابّ مشهدا مرعبا حين هدّد بالانتحار أمام السكان بعد صعوده فوق ملحقة إدارية تابعة لبلدية المدنية· وبالنّظر إلى أزمة الضيق الخانق الذي يعاني منه الحي الذي يعود بناؤه إلى الحقبة الاستعمارية ملّ السكان المتبقّون من الوعود، والذين لا يتجاوز تعدادهم ال 540 عائلة، سيّما وأنهم ضاقوا ذرعا بمشكل السكن بالنّظر إلى الكثافة السكّانية التي يشهدها الحي والتعداد الكبير للأفراد داخل الأسرة الواحدة ممّا أفرز تخبّط أغلب العائلات بالحي في مشاكل اجتماعية لا بداية ولا نهاية لها· وبعد أن ظهر بصيص الأمل يستعجل هؤلاء السكان استكمال الخطوة، خاصّة وأنه لم يبق إلاّ عدد ضئيل من العائلات بعد أن كان الحي يضمّ أكثر من 1300 عائلة تمّ ترحيل أكثر من نصفها على دفعتين، لينتظر السكان العملية الثالثة بشغف كبير، الأمر الذي أدّى إلى ثوران بعض شبّان الحي حيث هدّد أحدهم وهو الذي يظهر على الصورة بالانتحار في حال استمرار السلطات في تنكّرها لمطالب السكان وتماطلها في توزيع السكنات، خاصّة وأنه لم يسجّل أيّ إجراء في الحي يفيد باستكمال الترحيل بعد أن تداول خبر انطلاق تسجيل وترحيل العائلات في الشهر الحالي· ويوم أمس وتزامنا مع ترحيل بعض العائلات التي التزمت سكناتها ولم تأب مغادرتها في العملية الثانية للترحيل لأسباب بيروقراطية حسب ما جاء على لسانها، علما أن عددها لا يتجاوز ال 15 عائلة فيما ذكرت مصادر رسمية أن العدد يقدّر ب 30 عائلة، وبعد تسوية ملفاتها انتهز أحد الشبّان الفرصة وصعد إلى أعلى البنايات التي تضمّ ملحقة إدارية تابعة لبلدية المدنية وراح يجرح نفسه بقطعة زجاجية ويهدّد بالانتحار مبيّنا غيظه من تماطل السلطات في تسليم السكنات، سيّما وأنه يمتلك بيتا فوضويا لازال قائما بالحي ممّا أشعره بالحفرة والظلم، فلا هو رحل ولا عائلته القاطنة بالعمارة ب2· وكان الشابّ يتلفّظ بأنه ليس ضد السلطة أو الحكومة وأنه مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وأسقط لائمته على المكلّفين بالإسكان على المستوى المحلّي الذين واصلوا تماطلهم في استكمال عمليات الترحيل على الرغم من أمر الرئيس بتعجيل عمليات الإسكان· وفي غمرة الفوضى، تعرّض رجال الشرطة للرّشق بالحجارة وكذا شاحنات المطافئ والحماية المدنية الذين تمّ جلبهم لمواجهة أيّ طارئ أثناء ترحيل العائلات المتبقّية من العملية الثانية، ما أدّى بهم إلى مغادرة المكان في الحين، وتمّت عرقلة عملية الترحيل بعد مطالبة السكان بترحيلهم مرّة واحدة، لا سيّما وأن العدد المتبقّي من العائلات جدّ ضئيل· ليتمّ إخلاء الحي بأكمله ويسدل الستار على مأساة سكان ديار الشمس، لا سيّما وأن سكان الحي رفضوا اقتراح إعادة تهيئة الحي لأن ذلك سيجعلهم لا يبرحون منازلهم لعقود أخرى من الزمن· واستمرّ ذلك الشابّ في شجب القائمين على توزيع السكنات واتّهمهم بالمحسوبية وعدم التوزيع العادل للسكنات ما يجسّده تماطلهم في استكمال عملية الترحيل، وهو نفس ما راح إليه أبناء الحي الذين وقفوا في صفّ ابن حيّهم الذين أسفوا على حاله، وجاء على لسان أحدهم أن العائلات المتبقّية على مستوى الحي تستعجل ترحيلها اليوم قبل الغد، خاصّة في ظلّ غياب الثقة بين المواطن والإدارة، وأضاف أن العدد هو جد ضئيل ومن الأجدر أن تتمّ عملية ترحيل العائلات دفعة واحدة، "ذلك ما وُعدنا به إلاّ أننا لم نشهد أيّ ملموس وبقيت تلك الوعود مجرّد كلام" على حدّ قوله· تجدر الإشارة إلى أن بقاء العائلات وسط تلك العمارات الشاغرة أدّى إلى شغلها من طرف أغراب عن الحي وانتهزوا الفرصة من أجل الاستفادة من سكنات، ممّا أدّى إلى حدوث فوضى على مستوى ذات الحي وأفرز حالة من الرّعب بعودة الأحداث من جديد في وقت جدّ حسّاس، ومردّ ذلك هو التماطل في استكمال عمليات الترحيل في ظلّ الأزمة الخانقة التي تتخبّط فيها العائلات المتبقّية على مستوى الحي وحلم القاطنين به في السكن في سكنات لائقة مثلهم مثل أقرانهم بعد أن قطنوا تلك القبور لأكثر من خمسين سنة·