احتفلت العواصمالغربية بهروب وزير الخارجية الليبي موسى كوسا إلى لندن باعتباره نصراً وضربة قاصمة لنظام العقيد معمر القذافي ومؤشراً على انهيار نظامه من الداخل، على حد قول مجلة "دير شبيغل" الألمانية، أمس الجمعة. وأشارت المجلة الألمانية إلى أن هروب كوسا شكّل هزيمة نفسية للقذافي وضربة قاسية لنظامه، ونقلت عن دوائر في المعارضة الليبية قولها إن "العقيد أصيب بنوبة هياج عصبي وغضب شديد عندما بلغه نبأ هروب وزير خارجيته، وكلف رئيس استخباراته أبو زيد عمر دوردة بالبحث عن مكان وجود كوسا بلندن وتصفيته هناك". وأضافت المجلة أن الغرب يتوقع أن يحصل من كوسا المقرّب بشدة من القذافي على معلومات ثمينة بشأن النظام الليبي، غير أن السؤالين اللذين يطرحان نفسيهما هما: ما الثمن الذي سيسدده الغرب مقابل ما سيحصل عليه من معلومات؟ وهل سيمنح الاتحاد الأوروبي حق اللجوء السياسي فوق أراضيه لشخص متهم بارتكاب مجازر قتل جماعي وجرائم ضد الإنسانية؟". وذكرت "دير شبيغل" أن ملابسات هروب كوسا لم يتضح منها إلا سفره يوم الاثنين الماضي لأسباب خاصة إلى تونس ثم مغادرته منها إلى لندن يوم الأربعاء، حيث هبطت طائرته في مطار فان برو، وهو مطار صغير يقع جنوب غرب لندن ومخصص للطائرات الخاصة وليس لخطوط الطيران العادية. ونقلت المجلة الألمانية عن صحيفة "الغارديان" البريطانية تأكيدها وصول الوزير الهارب على متن طائرة صغيرة وضعتها تحت تصرفه الاستخبارات البريطانية. وقالت المجلة: "على الرغم من عدم تأكيد السلطات البريطانية لهذه المعلومات، فإن الثابت هو ارتباط موسى كوسا بعلاقات مميزة مع جهاز الاستخبارات البريطاني إم آي 6". وذكرت أنه من غير المنطقي خروج كوسا من بلاده دون مساعدة استخبارية غربية، ونسبت للخبير بمجلة "غينيس" للشؤون الدفاعية، ديفد هارتويل، قوله إن كوسا بوصفه رئيساً سابقاً للاستخبارات احتفظ طويلاً بعلاقات مميزة مع "إم آي 6". واعتبرت المجلة أن سعي كوسا بعد وصوله إلى لندن للحصول على حق اللجوء السياسي من شأنه أن يضع الحكومة البريطانية في موقف حرج لما ستمنحه لكوسا مقابل معلوماته. وقالت إنه على الرغم من نفي رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون منح كوسا حصانة ضد الملاحقة القانونية، فإن أسلوب حديثه يدع الباب مفتوحاً أمام صفقة مع الوزير الليبي المنشق. وظل كوسا البالغ من العمر 61 عاماً من أخلص المقربين للقذافي وكاتم معظم أسراره على مدار 30 عاماً، حيث حيث كان مسؤولاً في البداية عن العلاقات مع حركات "التحرير الوطني" الأجنبية، ثم أصبح رئيساً للاستخبارات عام 1994، وظل فيها إلى أن أصبح وزيراً للخارجية عام 2009. وكانت مهمته، كرئيس للاستخبارات، إخراج بلاده من العزلة التي كانت تحيط بها، ولعب دوراً في التفاوض على منح تعويضات لأسر ضحايا تفجيرات لوكيربي والنيجر.