يرى العديد من الأخصّائيين وأطبّاء أمراض الجلد بالجزائر أن ما نسبته 33 ٪ من المصابين بالأمراض النّادرة والخطيرة، كمرض جفاف الجلد المعروف لدى المصابين به بمرض »أطفال القمر«، يعود بدرجة أكبر إلى زواج الأقارب الذي ينجرّ عنه العديد من الإشكالات الفيزيولوجية للأولاد النّاتجة عن التشابه في زمرة الدم بين الأزواج من العائلة الواحدة. وحسب المشاركين في الملتقى الوطني الثاني عشر حول »الأمراض والأدوية النّادرة« المنعقد مؤخّرا بالملحق الجامعي »الصديق بن يحيى« بولاية البليدة، فإن نسبة 33 المعلن عنها مرشّحة للإرتفاع في حال الاستمرار في الزّواج من الأقارب، وهو ما يشكّل خطرا على حياة المولودين الذين أثبتت التجارب العلمية أن تشوّهاتهم الخلقية راجعة إلى تشابه فصيلة الدم بين الزّوجين. وتؤكّد المختصّة في الأمراض الجلدية بمستشفى »مصطفى باشا« الجامعي الدكتورة »مغربي« أن انتشار مثل هذه الأمراض الخطيرة التي ترهن مستقبل وحياة المصابين بها يعود إلى الإهمال واللاّ مبالاة أثناء اختيار الأزواج من الأقارب وما ينجرّ عنه من عواقب صحّية وخيمة تضاف إلى مختلف الإعاقات والتشوّهات المستديمة النّاتجة عن رابطة الدم وتشابه الزّمر الدموية في أغلب الأحيان. وقد أكّد المختصّون المشاركون في هذا الملتقى الذي بادرت إلى تنظيمه »جمعية ابن سينا« الطبّية من جهتهم أن انتشار مثل هذه الظواهر الاجتماعية يعود بالدرجة الأولى إلى قلّة وعي أفراد المجتمع وأسرتي الزّوجين القريبين الذين يفتقدون إلى الوازع العلمي والخطورة التي يمكن لها أن تترتّب عن هذا الزّواج، إلى جانب رضوخهم لعادات وتقاليد جاهلية تقضي بزواج الابن أو بالبنت بأفراد العائلة، خاصّة في المناطق النّائية والرّيفية التي تشهد ارتفاعا كبيرا في الأمّية اعتقادا منهم أن تزويج الابن أو البنت من أحد الأقارب يزيد من توثيق الرّوابط الأسرية وتفادي المشاكل العائلية، مع حرص كلّ واحد على الحفاظ على الآخر واحترام المبادئ الأسرية بالدرجة الأولى، إلاّ أنهم تناسوا المشاكل الصحّية التي ينتج عنها في غالب الأحيان أطفال معاقون ومقعدون، فضلا عن إنجاب مصابين بمرض »أطفال القمر« وهو أحد أخطر أمراض الجلد الذي يجبرهم على تفادي الخروج نهارا والتعرّض لأشّعة الشمس الحارقة التي تزيد من تدهوّر وضعهم الصحّي، كما يتسبّب في مشاقّ ومعاناة كبيرة لهم ولآبائهم الخاضعين لبعض العادات والتقاليد الخاصّة بزواج الأقارب في بعض المناطق من بلادنا منذ صغرهم بما يعرف ب »مسمية عليه ومسمي عليها«، وهي عادات لم يذكرها الشرع ولا أيّ ديانة فوق الوجود ولا تمتّ إلى الصحّة بأيّ صلة. ودعا الأطبّاء المشاركون في الأخير إلى ضرورة دفع المخابر المختصّة من أجل إنتاج الأدوية لتغطية العجز المسجّل في مثل هذه الأمراض النّادرة وغير المعروفة في الوسط الطبّي بسبب نقص الأبحاث العلمية والطبّية، خاصّة وأنها تتطلّب العلاج السريع للسّيطرة على كلّ ما سبّب الأذى للجسم.