بين تضحية الأطقم الطبية ووعي المواطنين جهود مكثفة لمكافحة كورونا في الجزائر
لا يختلف اثنان أن الجزائر ممثلة في حكومتها وكفاءاتها الطبية عملت بكل قواها وسخرت كل جهودها المادية والبشرية لمكافحة وباء كورونا حسب ما أكّد عليه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في أكثر من مناسبة دون أن ننسى دور الجمعيات والمجتمع المدني ككل والأجهزة الأمنية بمختلف فروعها.. كل تلك الجهود استكملت بالوعي واليقظة من طرف المواطنين الذين طبّقوا إلى حد ما التعليمات لمنع انتقال عدوى كورونا بحيث كان الجزائريون يدا واحدة في محاربة الوباء الخبيث. نسيمة خباجة تحول منحنى العدوى بفيروس كورونا المستجد الذي عرف نموا متسارعا في البداية إلى منحنى تضاؤلي مسجلا في الأخير انخفاضا محسوسا بفضل التزام الدولة وتضحيات الأطقم الطبية لكن ومع ذلك فإن بعض الجزائريين يخاطرون بطول عمر هذه الجائحة بسبب عدم انضباطهم وإنكارهم الواضح لوجود الفيروس. قرارات وقائية صارمة على سبيل المثال تعرف ولاية قسنطينة التي سجلت حوالي 500 حالة إصابة و23 حالة وفاة استقرارا منذ أيام بعد أن كانت من بين الولايات الخمس الأكثر تضررا وذلك بفضل القرارات الصارمة والوقائية لاسيما ما تعلق بإجبارية ارتداء القناع الواقي التي تم الإعلان عنها في 7 ماي الفارط وكذا المنع المؤقت لزيارة الغابات الترفيهية بالمدينة. فقد ساعدت جميع هذه الإجراءات في استقرار الوضع الذي عرف انخفاضا في عدد الإصابات منذ اليوم الثاني من عيد الفطر الفارط حسبما أوضحه مدير الصحة والسكان بقسنطينة عديل دعاس مؤكدا على ضرورة التحلي باليقظة لتفادي ارتفاع حالات الإصابة مع رفع الحجر الصحي . جهود مكثفة وأكد السيد دعاس الذي أرجع انخفاض حالات الإصابات الجديدة بكوفيد-19 بولاية قسنطينة إلى الاجراءات المتخذة من طرف السلطات المختصة والعمل الجواري ومتابعة المرضى والأشخاص الذين لهم اتصال معهم فضلا عن تحلي المواطن بالوعي على التضحية التي قدمتها الأطقم الطبية التي كانت في الصف الأول في مكافحة كوفيد-19 منذ ظهور أول إصابة بالولاية في 22 مارس الأخير. ووفق ذات المسؤول فقد تم تسخير حوالي 300 شخص بين أطباء وشبه طبيين ومساعدي التمريض وأعوان النظافة والأمن منذ أزيد من شهرين عبر وحدات كوفيد المتواجدة عبر ثلاثة (3) مستشفيات مرجعية تم تخصيصها بقسنطينة من أجل التكفل بالمرضى المصابين بعدوى هذا الفيروس التاجي الجديد . تجند الأطباء وأضاف السيد دعاس بأن بعض الأطباء المعالجين لم يعودوا إلى منازلهم ولم يروا أطفالهم وعائلاتهم منذ عدة أسابيع خوفا من نقل العدوى إليهم ومن هنا تأتي أهمية الالتزام بالسلوكيات الاحترازية بعد رفع الحجر الصحي واستئناف النشاطات التجارية والاقتصادية لاسيما أنه وبالرغم من تحلي عدد كبير من المواطنين بالوعي والمسؤولية إلا أن البعض منهم لا يزالون لا يؤمنون بوجود الفيروس . ومع ذلك وبالرغم من الصعوبات فقد تماثل 257 مصابا للشفاء من كوفيد -19 بقسنطينة منذ بداية الوباء وإلى غاية اليوم وهو ما يمثل بصيص أمل ويضفي راحة على قلب الطاقم المعالج الذي يشن معركة متقطعة ضد سارس-كوفيد-2 حسبما ذكره ذات المتحدث.
كورونا ليس مرضاً مخجلاً يعد الفنان الفكاهي المعروف حكيم دكار واحدا من بين المصابين بكوفيد-19 الذين تماثلوا للشفاء بعد 10 أيام من الاستشفاء والمتابعة الطبية بعد أن كان من بين عديد الفنانين الناشطين بالمسرح الجهوي لقسنطينة الذين عملوا منذ الوهلة الأولى لظهور الوباء على تحسيس السكان وتوعيتهم بانتشار المرض وضرورة حماية أنفسهم.وروى هذا الفكاهي الذي حيا التزام وتجند القطاع الصحي خلال ساعات الليل والنهار لوكالة الانباء الجزائرية تجربته الغريبة مع هذا المرض الذي يعتبره عدد كبير من المواطنين –على حد تعبيره- مرضا مخجلا بينما يشك البعض في وجوده. وصرح حكيم دكار أنه تم قبوله بمستشفى البير عشية عيد الفطر بعد أن كان يعاني من آلام في الجسم والرأس وفقد الذوق وكذا الإسهال مضيفا : قد أحس بشعور غريب جدا بعد أن وجد نفسه بالمستشفى رفقة عديد المرضى المصابين بكوفيد-19 في الوقت الذي يوجد فيه أشخاص آخرون مقتنعون بعدم وجوده أصلا . وواصل المتحدث قائلا : غادرت المستشفى يوم 3 جوان بعد الانتهاء من البروتوكول العلاجي ولا أزال إلى حد الساعة في الحجر الصحي بمنزلي وذلك لمدة 14 يوما وسأروي تجربتي مع كوفيد-19 وتحسيس المواطنين بضرورة احترام الإجراءات الاحترازية . وحسب حكيم دكار فلو تحدث كل المرضى الذين تماثلوا للشفاء من كوفيد-19 عن أعراضه ومعاناتهم بدل اعتبار الأمر سرا محظورا سيتوقف الناس عن الشك بوجود المرض كما سيتوقفون عن إنكاره الذي يعرقل العمليات الوقائية المتخذة من أجل مكافحة هذا الفيروس ويغذي لا مبالاة وعدم وعي السكان. الحجر الصحي طوّق الوباء يعتبر طبيب علم الأوبئة بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن باديس بقسنطينة البروفيسور جمال زوغيلش من جهته بأن حجم الوباء قد تم تطويقه عن طريق الحجر الصحي وبتوقيف التنقلات على وجه الخصوص مذكرا من جهة أخرى بأن حدة سارس- كوفيد-2 وسرعة انتشاره لاسيما من طرف الأشخاص الذين لا تظهر عليهم الأعراض يبقى مصدر قلق كبير . وكشف ذات الأخصائي الذي تطرق إلى أهمية الاتصال والحوار الذي يعتبر عاملا استراتيجيا وضروريا من أجل استقطاب دعم المواطنين لاسيما ببعض المناطق الحضرية المكتظة بالسكان بأن السلوكيات الاحترازية وارتداء القناع الواقي أصبحا جزءا من حياة السكان وواحدة من عادات الجزائريين اليومية حتى وإن لم تكن دائما وفقا للمعايير والممارسات الجيدة وتبقى غير كافية للغاية. وحسب البروفيسور زوغيلش فمن الضروري إيلاء أهمية كبرى لعدد حالات الإصابة الجديدة المؤكدة يوميا والبحث عن الحالات التي كانت في اتصال معها والتي تعتبر مؤشرات أساسية لتطور الوباء مشددا على أهمية مرافقة رفع الحجر الصحي بتعزيز إجراءات الوقاية (التباعد الاجتماعي وإجبارية ارتداء القناع الواقي) بالإضافة إلى المراقبة الوبائية للحالات التي كانت في اتصال معها. وأكدت السيدة أميرة وهي أستاذة لغة انجليزية بإحدى المتوسطات كانت ترتدي القناع الواقي بإحكام وكانت تتواجد بمدخل إحدى الصيدليات بوسط مدينة قسنطينة بأنها تخرج لأول مرة منذ بداية تطبيق الحجر الصحي الجزئي بالولاية . وأعربت بالمناسبة عن تخوفها من ارتفاع حالات العدوى من جديد بعد رفع الحجر الصحي لاسيما وأن العديد من المواطنين الذين التقتهم لا يرتدون الأقنعة الواقية كما يواصلون التعانق ويتجاهلون التباعد الاجتماعي . وتبقى تلك الجهود متواصلة للقضاء على فيروس كورونا في الجزائر نهائيا سواء من طرف السلطات المختصة والمصالح الطبية وكذا الجمعيات وحملاتها التحسيسية في نشر الوعي وضرورة تطبيق الاجراءات الوقائية كما يبقى المواطنون جزء هام وشركاء أساسيون في القضاء على فيروس كورونا وتقليص العدوى بممارساتهم اليومية المضبوطة والالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي ولبس القناع الواقي.