تغييرات عديدة وأسماء جديدة والأسطورة في الواجهة سنتحدّث في حلقة اليوم عن الدورة السادسة والعشرين التي جرت مطلع عام 1959 إلى الدورة الثالثة والثلاثين التي جرت في الأرجنتين عام 1987، وعلى مدار ثماني دورات شهدت بطولة (كوبا أمريكا) الكثير من التغييرات والأحداث وأبطال جدد، لكن هيمنة منتخب الأورغواي تواصل· غير أن دورة 1987 عاد لقبها لمنتخب الأرجنتين بفضل الأسطورة مارادونا، ولنبدأ من الدورة السادسة والعشرين، علما أنه في عام 1959 لعبت البطولة مرّتين، الأولى في شهر أفريل والثانية في نهاية تلك السنة· ** الدورة السادسة والعشرون (الأرجنتين 1959 - 1) الأرجنتين تتغلّب على بيليه البرازيلي حتى مع وجود أبطال العالم لعام 1958 غارينشيا، ديدي، نيلتون سانتوس، زاغالو، دجالما سانتوس وقبل الجميع بيليه ضمن أبطال الفريق البرازيلي لم يستطيعوا منع الأرجنتين من رفع كأس بطولة أمريكا الجنوبية على ملعب نونيز دي الأثري في بيونس أيرس، وقد كانت البطولة الأولى والأخيرة التي شارك فيها النّجم بيليه· ومع ستّة أهداف خلال ثماني مباريات أصبح بيليه هدّاف البطولة، لكنه لم يستطع انتزاع الكأس من الأرجنتين الذي بقي مفقودا في خزانة جوائزه· وبعد تعادل البرازيل مع البيرو (2/2) تصارعت على اللّقب مع الأرجنتين، مع العلم أن الفريق الأرجنتيني كان قد قدّم أداءً متميّزا بفوزه (5x0) وبتشكيلة جديدة بالكامل بما يتعلّق بتشكيلة عام 1957، وبوجود 85 ألف مشجّع تمّ تسليمها كأس بطولة أمريكا الجنوبية للمرّة الثانية عشر· وجاءت البارغواي بوجود المدافع المتميّز ليسانزو والهدّاف كايتانو ري في المرتبة الثالثة· ** الدورة السابعة والعشرون (الإكوادور1959 - 2) الأورغواي للمرّة العاشرة للمرّة الأولى والوحيدة في التاريخ عقدت البطولة مرّتين في سنة واحدة، ففي عام 1959 بعد الأرجنتين عقدت البطولة في الأرجنينين خلال شهري مارس وأفريل وعقدت مرّة ثانية في ديسمبر في الإكوادور بعد أن طلبت الإكوادور من اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم استضافة البطولة للمرّة الثانية بمناسبة إطلاق ملعب ميدوليو في مدينة غواياكيل مع قدرة لاتّساع 55 ألف متفرّج أكبر ملعب في البلاد في ذلك الوقت· اشتركت أربع بلدان بالإضافة إلى الإكوادور في هذه النّسخة الاستثنائية من البطولة، ومع ذلك ظهرت البرازيل بدون لاعبيها الأساسيين وفضّلت أن تكون ممثّلة بفريق من ولاية بيرنامبوكو· وعلى الرغم من طلب لاعبين من بوكا سان لورينزو وريسينغ لم تستطع الأرجنتين تقديم الأداء نفسه الذي قدّمته في بداية العام، لذلك فازت الأروغواي بوجود خوان كارلوس كورازو في سدّة الحكم باللّقب للمرّة العاشرة، وذلك بعد فوزه الساحق على الأكوادور (4/0) والبرازيل )3/0) والأرجنتين (5/0) بوجود لاعبيه المميّزين المدافع ألسيديس سيلفيرا والمهاجم خوسيه ساسيا· ** الدورة الثامنة والعشرون (بوليفيا 1963) بوليفيا لأوّل مرّة بعد سبع دول أقيمت النّسخة 28 من البطولة في بوليفيا مع سبعة مشاركين، في العاصمة لاباز والمعروفة أيضا (بسقف أوروبا) نظرا لارتفاعها لأكثر من 3600 متر عن سطح البحر، وعلى الرغم من اللّعب في هذا الارتفاع لم يجد المضيف أيّ صعوبة في الحصول على اللّقب للمرّة الأولى، حيث أنهم فازو بخمس مباريات من أصل ستّ وتعادلوا في واحدة وسجّلوا 19 هدفا في رصيدهم· وكان السبب الرئيسي لفوز بوليفيا باللّقب هو غياب الأروغواي وعدم لعب اللاّعبين الأساسيين للبرازيل والأرجنتين· وكشفت بطولة 1963 عن مفاجآت جديدة كفوز البارغواي بأربع مباريات وخسارتها في واحدة بصرف النّظر عن الكشف عن المهاجم كارلوس ألبيرتو رافو الإكوادوري الذي أصبح هدّاف البطولة، حيث سجّل اللاّعب المولود في الأرجنتين 6 مرّات أكثر في المباريات· ** الدورة التاسعة والعشرون (الأورغواي 1967) بيدرو روشا يهدي الأروغواي لقبا جديدا شهدت النّسخة ال 29 من البطولة العديد من التعديلات التي استمرّت إلى النّسخ التالية من البطولة· فللمرّة الأولى في تاريخ البطولة فازت تشيلي على كولومبيا والإكواودر في المرحلة الأولى وتصارعت مع الأرجنتين على النّهائي، ولم تعقد المباريات في مكان ثابت واستمرّ هذا التعديل للأعوام 1975، 1979 و1983· وفي المرحلة الأخيرة التي عقدت للمرّة السادسة في مونتيفيديو - الأروغواي كانت المفاجأة الكبيرة ظهور فنزويلا للمرّة الأولى منذ 51 عاما من تاريخ البطولة، حيث أنها آخر عضو في اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم للاشتراك في بطولة أمريكا الجنوبية لكرة القدم· وكعادتها، أثبتت الأروغواي أنها خصم صعب الهزيمة، وأن الكأس لن يغادر مونتيفيديو، فعلى ملعب سنتياغو فازت الأوروغواي في أربع مباريات وتعادلت في واحدة في طريقها إلى الفوز بلقبها الحادي عشر في البطولة، وفي اللّقاء الأخير والحاسم ضد الأرجنتين حيث سجّل المهاجم الشابّ بيدرو فيرجيلي روشا الهدف الحاسم في المباراة، كما خطف الأضواء كلّ من المدافع الياس فيغيروا الذي يعتبره الكثيرون أفضل لاعب الشيلي حتى يومنا هذا والمهاجم الأرجنتيني لويس أرتيم · ** الدورة الثلاثون (1975 - لا يوجد بلد مضيف) البيرو للمرّة الثانية عادت بطولة أمريكا الجنوبية بعد انقطاع دام ثماني سنوات، وبنظام جديد يختلف تماما عن النّظام المتّبع في ال 29 نسخة الماضية من البطولة، حيث أنه لم يكن هناك مكان محدّد للبطولة وللمرّة الأولى استضافت البلدان العشر التي تنتمي إلى اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم· لكن وبسبب الأوضاع الاقتصادية فإن المنتخبات الوطنية لم تتنافس في الذهاب والإيّاب، وهكذا تمّ تقسيم تسعة منتخبات إلى ثلاث مجموعات في المرحلة الأولى، كما دخل الأروغواي بطل النّسخة السابقة 1967 في الدورنصف النّهائي· خلال المرحلة الأولى شهدت المجموعة الأولى منافسة كبيرة، المنتخب الأرجنتيني بقيادة المدرّب سيزار لويس مينوتي الذي قاد الفريق إلى الفوز بكأس العالم عام 1978، أخرج فنزويلا بسرعة بفوزهم (5/1) وسجّل للأرجنتين كلّ من كيمبس أربع أهداف وأرديليس الهدف الخامس· وبعد هذا اللّقاء اكتسح المنتخب الأرجنتيني ضيفه الفنزويلي بنتيجة لا تقبل أيّ جدل (11/0)، سجّل كيلير ثلاثية وكيمبس هدفين وزانابريا هدفين وأرديليس ولوكيه وغاليغو وبفيدا هدف لكل واحد منهم· اللّقاء الرّابع عن هذه المجموعة شدّ إليه الانتباه كون طرفيه أقوى منتخبات ليس في القارّة الأمريكية فحسب، بل في العالم كلّه، الأرجنتين والبرازيل بطل مونديال 1970، وانتهى لمصلحة البرازيل بهدف لصفر· وبنفس النتيجة انتهى لقاء العودة لكن لمصلحة البرازيل، مكّن منتخب (السيليساو) من بلوغ المرحلة الأخيرة فيما خرج المنتخب الأرجنتيني من البطولة مبكّرا· وإضافة إلى البرازيل تأهّل إلى المرحلة النّهائية كلّ من كولومبيا والأورغواي· وفي الدور نصف النّهائي تعثّر البرازيل على أرضهم على ملعب مينيراو أمام البيرو (1/3)، لكن وفي لقاء العودة الذي أقيم في ليما أحرزت البرازيل الفوز (2/0) إلاّ أنه خسر بعد القرعة، حيث تمّ تطبيق نظام خروج المغلوب لأوّل مرّة· استطاع الفريق البوليفي الوصول إلى النّهائي بقيادة المدرّب المعشوق جماهيريا تيوفيليو كوبيلاس والمهاجم هوجو سوتيل، بينما استطاعت كولومبيا إبعاد الأروغواي في مباراة حاسمة· وتمّ تحديد اللّقب في مباراة حماسية في كاراكاس استطاع هوغو سوتي الذي وقّع عقدا جديدا مع برشلونة وقتها، حسم النتيجة لصالح البيرو· ** الدورة الواحدة والثلاثون (1979 - لا يوجد بلد مضيف) الباراغواي بعد 26 سنة بعد أن توّج البارغواي ببطولة أمريكا الجنوبية 1953، استطاع المنتخب أن يتصدّر قمّة الدوري عام 1979، والتي وصلت إلى نسختها 31 وذلك بفضل فريق مزوّد بمواهب شابّة أمثال خوليو سيزار، روميرو، روميرتو وروبيرتو كابانياس جنبا إلى جنب مع الحارس روبرتو فيرنانديز وكارلوس كيسه فازت البارغواي بالكأس بعد تفوّقها على تشيلي في المباراة النّهائية· ومرّة أخرى عقدت بطولة أمريكا الجنوبية بدون مكان ثابت كعام 1975، ومرّة أخرى سقطت القوى الثلاثة الكبرى (الأرجنتين، البرازيل والبراغواي) قبل الوصول إلى الصراع على اللّقب، حيث كان المنتخب الأرجنتيني الذي يديره سيزار لويس مينوتي لم يستطيعوا تخطّي المرحلة الأولى كما فعلوا سنة 1978 وحصولهم على اللّقب آنذاك، من ناحية أخرى كشف الفريق عن ظاهرة جديدة هي دييغو أرماندو مارادونا· شدّت المجموعة الثانية الانتباه كونها ضمّت بطل العالم لسنة 1978 وبطل العالم لثلاث مرّات البرازيل· ولم يشارك أيّ من أبطال العالم في مونديال 78 باستثناء باساريلا، ولم يلعب مارادونا أوّل لقاء فلم تقنع الأرجنتين وخسرت في مرتفعات لاباز بهدفين لهدف من بوليفيا سجّل للتانغو لبيز· ثمّ خسرت الأرجنتين أمام البرازيل بذات النتيجة سجّلها لهم زيكو وتيتا وسجّل للتانغو· اللّقاء الثالث للأرجنتين كان أمام بوليفيا وانتهى لمصلحة الأرجنتين بثلاثية نظيفة لباساريلا وجوسباري ومارادونا· لقاء الفصل بين البرازيل والأرجنتين انتهى بالتعادل هدفين لمثلهما، سجّل باساريلا ودياز للأرجنتين وسكراتيس هدفي البرازيل لتخرج الأرجنتين مبكّرا من البطول· وبتأهّل البرازيل عن المجموعة الثانية اكتمل عقد المنتخبات الثلاثة المتأهّلة إلى الدور الإقصائي الأخير، الشيلي عن المجموعة الأولى والبارغواي عن المجموعة الثالثة· خرجت البرازيل من الدور نصف النّهائي على يد البارغواي على الرغم من وجود لاعبين الوسط زيكو، دييغو وسقراط· وكان من بين أهمّ اللاّعبين في بطولة أمريكا الجنوبية عام 1979 المدافع الشيلي الياس فيغيروا والهداف البوليفي كارلوس أراغونيس الذي لعب دورا مهمّا في فوز بوليفيا على البرازيل والأرجنتين· ** الدورة الثانية والثلاثون (1983 - لا يوجد بلد مضيف) كوبا أمريكا 1983 الأروغواي الأقوى في النّسخة ال 32 من البطولة، والتي عقدت للمرّة الأخير في مكان ثابت، أثبتت الأروغواي أنها القوّة الكبرى في القارّة، حيث عادلت رقم الأرجنتين بالحصول على 12 لقبا في بطولة أمريكا الجنوبية· قدّم منتخب الأروغواي أداءً متميّزا بمساعدة المواهب الجديدة وذلك بتغلّبه على الشيلي وفنزويلا في المرحلة الأولى والبرازيل في النّهائي· وبعد فوزه في مونتيفيديو وتعادله في سيلفادور بوجود النّجمين أنوز فرانشيسكولي وكارلوس أغيليرا وبمساعدة حارس المرمى رودولفو رودريغيس· كما قدّم المنتخب البرازيلي بقيادة المدرّب كارلوس ألبرتو بيريرا لاعبين متميّزين أمثال لياو، موزير، جونيور، سقراط، كاريكا وروبيرتو غاوتشو· وكان الفريق الأرجنتيني بقيادة المدرّب كارلوس بيلاردو تغلّب على منافسه البرازيلي (1/0) بعد مرحلة جفاف استمرّت 16 عاما، لكن بدون الفوز على جاراته· ** الدورة الثالثة والثلاثون الأرجنتين 1987 - بداية عصر جديد للبطولة بطولة أمريكا الجنوبية 1987 أنشأت بداية جديدة للمنافسة، فبعد 20 عاما أقيم للبطولة مكان ثابت في الأرجنتين، مع وجود إلزامي لجميع أعضاء اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم، وبدأ بثّ البطولة إلى أوروبا وأمريكا الشمالية· فبعد هذه السنة أصبحت البطولة كلّ سنتين- تسلسل توقّف فقط عام 2003 عندما تمّ تأجيل البطولة إلى 2004· عقدت المباريات في نفس المدن التي استضافت كأس العالم 1978 (بيونس أيرس، روزاريو وقرطبة)، وفازت الأوروغواي باللّقب عام 1987، والتي توجّب عليها لعب مباراتين حاسمتين للحصول على الكأس· وكما كان الحال عام 1983 بدأت الأروغواي اللّعب في الدور نصف النّهائي حيث فازت على الفريق الأرجنتيني المستضيف (الذي كان يضمّ قاعدة الفريق الفائز بكأس العالم 1986)· وفي مباراة حاسمة فازت الأرجنتين على تشيلي الذي حصل على النّصر الشهير ضد البرازيل (4x0) في المرحلة الأولى، وحلّ الفريق الكولومبي الحارس رينه هيغويتا والمهاجم فالديراما الذي فاز بقلب أفضل لاعب في البطولة، حيث أثبت تطوّر كرة القدم في بلادهم· إعداد/ كريم مادي