أشعل الكثير من المهتمين بالحرف التقليدية الضوء الأحمر بخصوص عديد النشاطات التي تخص الحرف والمنسوجات التقليدية على الخصوص بالنظر إلى العزوف المسجل من قبل المرأة الحضنية، التي كانت أحد الأطراف الفاعلة في الإبقاء على هذا النشاط في القرى والمداشر وحتى المدن أثناء السنوات الماضية، قبل أن تسجل تراجعا لافتا للنظر بمرور الوقت. وبالنظر إلى العارفين لهذا الشأن فإن كبار السن من النساء كن يدعون البنات إلى تعلم القيام بالطرز والنسج على الطريقة التقليدية والذي كان بمثابة عملة متداولة في غالبية البيوت المسيلية آنذاك في سبيل تجهيز المنازل بالحاجيات الضرورية، التي تخص الألبسة والمفروشات والزرابي قصد الصمود أمام موجات البرد التي تميز منطقة الحضنة، إضافة إلى مراعاة جوانب أخرى تزيد من همة الرجل التي لا يتوانى في لبسها مثل »القشابية« التي تعد اللباس المفضل في الفترة الشتوية والبرنوس التقليدي المصنوع من الصوف الخالص والذي يعد فرصة للتباهي والرفع من شخصية الرجل الحضني، دون نسيان العديد من المنسوجات التي توضع لتزيين المنازل والبيوت وفقا للإمكانات المتاحة وهو ما كان يضفي الكثير من الحيوية والتنافس على نسج أفضل أنواع الأفرشة والمنسوجات التقليدية، لكن بمرور الوقت عرف البيوت الحضنية تراجعا واضحا في مختلف هذه الأنشطة، التي باتت في خانة الذكريات القديمة موازاة مع موجة التحضر التي مست الغالبية إضافة إلى النزوح الريفي، الذي جعل الاهتمام بمثل هذه النشاطات التقليدية مقترنا بعدد قليل من الأسر التي تسعى إلى الاحتفاظ بهذا الموروث من الضياع والاندثار، وحسب البعض من المتتبعين لمثل هذه النشاطات التقليدية في تصريحهم ل »أخبار اليوم« فإن عامل الموضة كان له أثر كبير في تراجع المواطنين عن الإقبال سواء في ممارسة هذا النشاط أو اقتناء السلع المنتوجة في هذا الإطار، خصوصا بعد غزو الأسواق بمختلف السلع والمفروشات المحلية والمستوردة من الخارج بأقل الأثمان، مما يجعل الكثير يفضل اقتناءها مباشرة بدل أن يكلف عناء الجهد والأتعاب في سبيل تحقيق الغرض المنشود، مؤكدين بأن تحسن المدخول اليومي له أثر آخر في هذا العزوف مقارنة بالسابق أين كان مصدر معيشتهم مستمدا من النشاط الفلاحي وتربية الأغنام والمواشي إضافة إلى ممارسة العديد من المهن الحرة والحرف التقليدية، ورغم أن الكثير لا يمانع التطور المسجل في الآونة الأخيرة في ظل وفرة الأسواق والمحلات على مختلف السلع التي تجمع بين الوفرة والجودة، إلا أن ذلك لا يمنع -حسبهم- من ضرورة الاعتناء بالموروث المحلي التقليدي الذي يبقى في حاجة إلى الدعم والمتابعة قصد الإبقاء على نشاطه كجزء من يوميات أبناء الحضنة، الذي يعطي صورة إيجابية على المنطقة وسكانها بشكل عام.