لم يفتح مسعى المصالحة الوطنية الذي صادق عليه الشعب الجزائري، بالأغلبية الساحقة، قبل سبع سنوات من الآن أبواب السلم والأمن فقط، بل فتح أيضا أبواب التنمية والإنجازات الكبرى، وسمح للجزائر بطي صفحة أليمة من تاريخها الحديث، لتُفتح صفحات آفاق جديدة لجزائر مختلفة تماما عن جزائر المأساة الوطنية· وجاء استفتاء 29 سبتمبر 2005 حول ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي اقترحه الرئيس بوتفليقة على الشعب الجزائري ليكرس ثقافة التصالح بين الجزائريين، وليدعم كذلك التوجه الذي تم الشروع فيه مباشرة بعد وصول الرئيس بوتفليقة للحكم سنة 1999، وهو توجه نحو معالجة مختلف وجوه الأزمة الأمنية، كما جاء ميثاق المصالحة ليدعم مسار الوئام المدني الذي تم الشروع فيه بعد شهور قليلة من انتخاب بوتفليقة رئيسا للبلاد· وإذ تمر اليوم سبع سنوات على استفتاء 29 سبتمبر 2005 فإن الجزائريين يستذكرون كيف أن هذا المسعى قد منع للجزائر فرصة إطفاء نار الفتنة بشكل نهائي، بعد أن استطاعت العثور على بقعة ضوء أخرجتها من نفق أزمة أمنية خطيرة، بفضل الله أولا، ثم بفضل جهود ويقظة رجالها ونسائها الذين وقفوا في وجه جماعات الموت، ولم يترددوا في وضع أيديهم في أيدي بعضهم والاستجابة جماعيا لمسعى المصالحة الوطنية الذي جاء به الرئيس بوتفليقة· ويرى المتتبعون أن المصالحة الوطنية كانت بمثابة (حقنة لمرض استعصى علاجه، واستدعت مداواته البدء بجرعات مخففة، شملها قانون الوئام المدني الذي مهد الطريق لسياسة أوسع و أشمل، اختار لها الرئيس بوتفليقة، شكل ميثاق مدعم بتدابير عملية أحاطت بكل جوانب الأزمة التي أفرزت المأساة الوطنية)· ويرون كذلك أنه بالنظر (لأهمية المسعى فقد أعلن رئيس الجمهورية عن مشروع الميثاق من أجل السلم والمصالحة في حفل خاص بقصر الأمم بنادي الصنوبر في 14 أوت 2005، حيث لم تتأخر مختلف مكونات المجتمع المدني والسياسي في الانخراط فيه، حتى قبل الإعلان عن خطوطه العريضة، ثم احتضنه الشعب في استفتاء تاريخي نظم في 29 سبتمبر 2005، وكان ذلك بمثابة التأكيد على رغبته في إحداث القطيعة مع سنوات الأزمة والجنوح للصفح ونبذ الأحقاد من جهة وتجديد الثقة في الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من خلال تبني سياسته من أجل السلم من جهة أخرى)· ولم يكن الالتفاف الرسمي والجماهيري حول المصالحة الوطنية ليعني نهاية الحرب على الإرهاب، فإبقاء أبواب التوبة مفتوحة أمام (المغرر بهم) قابله استمرار نهج مكافحة الإرهاب ومحاربة الدمويين الذين أعلنوا الحرب على الشعب الجزائري· للإشارة فإن (مشروع الميثاق من أجل السلم والمصالحة) ينص على إسقاط المتابعات ضد من لم يتورطوا في مجازر جماعية أو جرائم اغتصاب أو تفجيرات في الأماكن العامة، وهو ما دفع بآلاف المغرر بهم إلى تسليم أنفسهم، مما انعكس بشكل مباشر وإيجابي على الوضع الأمني في البلاد، إذ صار بمقدور الجزائري أن يتنقل في أي منطقة وفي أي توقيت بكل أمن وآمان، وهو ما كان يفتقده خلال سنوات الأزمة الأليمة· وسمح استتباب الوضع الأمني بإطلاق وتجسيد برامج عملاقة لمواصلة تحديث وعصرنة وتطوير البنى التحتية، وكذا لتحسين ظروف وأوضاع الجزائريين الذين لمسوا تحولا هائلا نحو الأحسن في حياتهم اليومية، ومازالوا يلمسون ذلك خصوصا بعد رصد ما قيمته 286 مليار دولار لإنجاز مشاريع ضخمة في إطار المخطط الخماسي 2010 2014·· وكل عام والجزائر أفضل··