قبل أربع سنوات من الآن القلّة القليلة من كان يسمع برياضة اسمها الفوفينام فيات فوداو فما بالكم في منطقة خميس الخشنة بولاية بومرداس، إلى درجة أنه حين رفع البطل العالمي صابر فندوزي التحدّي في وجوه من ضحكوا عليه حين قرّر إدخال هذه الرياضية ببلدية خميس الخشنة وصفوا قراره بأنه ضرب من الجنون. لكن الرياضي صابر فندوزي لم يبال بسخرية الكثيرين، بل لم ييأس حين كان يجد نفسه وحيدا داخل قاعة خميس الخشنة المتعدّدة الرياضات والكثير ممّن صادفوه هناك راحوا يتساءلون عن سبب وجوده، بل عن سرّ تلك الحركات التي كان يقوم بها لوحده، لكن بفضل إيمانه باللّه وبنفسه راح يتخطّى الصّعاب، بل وراح يتحدّى حتى مدرّبه الأستاذ محمد جوّاج، وهو الذي طلب منه أن يفتح له قاعة إمّا ببلدية وادي السمّار أو ببلكور قريبا من مقرّ سكناه، لكن صابر قال (لا، أريد أن أدخل هذه الرياضة إلى منطقة خميس الخشنة)· صابر فندوزي اختار بلدية خميس الخشنة، فيما اختار شقيقه رضوان بلدية بودواو وزميله رمضان بلدية أولاد موسى، ورغم مشقّة التنقّل وما شبه ذلك إلاّ ان الثلاثي لم ييأسوا ورفعوا التحدّي. فمرّت الأيّام بسرعة على البطل الجزائري والعالمي صابر فندوزي فبفضل تفانيه في العمل وحبّه لهذه الرياضة التي تجري مجرى الدم في عروقه، ما مكّنه من نشر أهداف هذه الرياضة النبيلة وسط شباب المنطقة، بل واستطاع أن يشقّ طريقه إلى (العلالي). ففي ظرف قياسي ومقارنة مع بقّية الرياضات الموجودة ببلدية خميس الخشنة، على غرار الكاراتي والجيدو ورفع الأثقال، لا يمكن مقارنة هذه الرياضات برياضة الفوفينام فيات فوداو، وفي كلّ موسم بات يتضاعف عدد ممارسيها، فبعد أن كان العدد قبل أربع سنوات من الآن يقدّر بعدد أصابع اليد الواحدة، بات العدد يناهز ال 500 رياضي وهو مرشّح للارتفاع طالما أن هناك نيّة من المشرف على هذه الرياضة وهو صابر فندوزي في أن يصل إلى الرّقم 1500، نعم 1500 رياضي ورياضية، (وأنا على يقين من أنني سأتجاوز هذا العدد في ظرف ثلاث سنوات)· ** إمكانيات قليلة ونتائج كبيرة قبل الحديث عن واقع مدرسة الفوفينام فيات فوداو لبلدية خميس الخشنة، يجب أن نتوقّف ولو باختصار عند واقع هذه المدرسة والمشاكل التي تعترض سبيل تطويرها· في زيارة خاطفة قادتنا إلى قاعة خميس الخشنة تفاجأنا للعدد الكبير للرياضيين الممارسين لهذه الرياضة، والذين يشرف عليهم مدرّبون في مقتبل العمر، حبّهم لهذه الرياضة جعلهم يسخّرون كلّ وقتهم لمدّ الرياضيين الممارسين لها أبجدياتها وأسسها الحميدة· الجميع وجدناهم يعملون بتفاني وإخلاص، النّظر إلى الطريقة المنتهجة في التدريب قد تشدّك إليهم، فلا غرابة إذا وجدت نفسك في اليوم الموالي ضمن فئة عمرك· وأنت تتأمّل طريقة تدريب الرياضيين قد تقول في قرارة نفسك إن هؤلاء المدرّبين تخصّص لهم رواتب شهرية تقدّر بالملايين كونهم يكدّون ويتعبون على مدار ستّ ساعات كاملة إن لم نقل أكثر، لكن لا تتعجّبوا إذا قلنا لكم إنهم لا يحصلون على أيّ سنتيم، نعم لا أحد منهم يحصل على سنتيم واحد ورغم ذلك تراهم يبذلون جهدا كبيرا يستحقّون عليه راتبا محترما، خاصّة وأن الكثيرين منهم بطّالون والبعض منهم يعيلون أسرا كاملة. فهل فكّر أصحاب القرار في أمثال هؤلاء المدرّبين الشبّان؟ مدرّبي الخفاء، هدفهم وعلى عكس لاعبي كرة القدم الذين يلهثون وراء الأموال أكثر من لهثهم وراء الكرة داخل الميدان· فما ذنب أمثال البطل صابر فندوزي؟ فرغم أن عدد الرياضيين الذين يشرف على تدريبهم يناهز ال 500 إلاّ أن ما يتلقّاه من مساعدة من طرف السلطات المحلّية طوال موسم واحد أقلّ بكثير ممّا يحصل عليه لاعب واحد في فريق كرة القدم لاتحاد خميس الخشنة· لكن وبالرغم من قلّة الإمكانيات المادية إلاّ أن عزيمة صابر لم تقلّل من عزيمته وأمله الوحيد هو مضاعفة عدد الرياضيين الممارسين لهذه الرياضة، وبالتالي الحفاظ على المكانة المرموقة لفريقه على المستوى الوطني، حيث يكفيه شرفا أنه هو المهيمن على جميع البطولات المحلّية والوطنية، ويكفيه شرفا أن رياضييه كانوا وراء من أهدوا اللّقب العالمي للجزائر في ألمانيا، في الفيتنام وفي المغرب· ** مساعدات "الديجياس" غير كافية قد لا يصدّق الكثيرون إذا كشفنا لهم عن الرّقم المالي الذي تحصّل عليه فريق خميس الخشنة لرياضة الفوفينام فيات فوداو من طرف مديرية الشبيبة والرياضة لولاية بومرداس، فرغم النتائج الرّائعة المحصّل عليها محلّيا ودوليا إلاّ أنه وللأسف تواصل هذه المديرية تهميشها لهذا الفريق، إلى درجة أن المبلغ الذي منحته له زهيد جدّا ولا يستحقّ الذّكر· فلماذا تواصل مديرية الشبيبة والرياضة لولاية بومدراس الكيل بمكيالين، تمدّ يدها للكثير من الفروع الرياضية على المستوى الولاية وتمنح لها الملايين إن لن نقل الملايير رغم أن هذه الفروع تستهلك أكثر ممّا تنتج، فيما تعطي ظهرها لرياضة الفوفينام فيات فوداو لبلدية خميس الخشنة؟ وهي الرياضة التي شرّف رياضيوها ليس الولاية فحسب بل الجزائر، ويكفي شرفا أن من رفع الرّاية الوطنية في أكبر المحافل الدولية من خرّيجي فريق خميس الخشنة· ** الإرادة وحدها لا تكفي صحيح أن كلّ من تحدّثنا إليهم من مدرّبين في الفريق وجدنا كلّ واحد منهم تحذوه طموحات كبيرة للرّفع من مستوى هذه الرياضة، كما أن إرادتهم لا تقهر في وجه كلّ المشاكل التي يواجهونها لتحقيق أمنية كلّ رياضي بأن يصبح ذات يوم بطلا للجزائر بل بطلا للعالم. لكن إرادة هؤلاء قد تصطدم بالواقع المرّ للمصاعب التي تعترضهم، وفي مقدّمتها المشاكل المالية، فإلى متى تبقى مساعدة السلطات المحلّية زهيدة؟ وإلى متى تبقى مساعدة (الديجياس) قليلة جدّا؟ صحيح أن السلطات المحلّية أشاد بها المشرف على هذه الرياضة صابر فندوزي، لكن في نظرنا الخاص يجب أن تتضاعف، فمادامت الإرادة موجودة فالنتائج ستكون موجودة، وكلّما حصل رياضي من هذا الفريق على اللّقب الوطني عُدّ ذلك شرفا كبيرا لبلدية خميس الخشنة· ** الفريق بحاجة إلى قاعة إضافية باتت القاعة المتعدّدة الرياضات ببلدية خميس الخشنة غير قادرة على استيعاب العدد الكبير من الرياضيين، فليس سهلا أن يتدرّب حوالي 500 رياضي دفعة واحدة في قاعة لا يزيد طولها عن 30 مترا وعرضها أقل من عشرين مترا· فحتى وإن وافقت السلطات المحلّية على مدّ الفريق بقاعة أخرى تقع بالقرب من سوق الفلاح بمدخل المدينة الشمالية، إلاّ أنها لا تحمل من القاعة إلاّ الاسم كونها أشبه بالأطلال، فترميمها وإعادة إصلاحها يتطلّب ملايين السنتيمات، خاصّة وأن الفريق عاجز حتى عن توفير حاجيات الرياضيين من ألبسة وعتاد فما بالكم بترميم وتهيئة قاعة بأكملها. لذا، فالسلطات المحلّية يستوجب عليها التدخّل لإصلاح هذه القاعة لتكون جاهزة في أسرع وقت لتخفيف الضغط الموجود على مستوى القاعة المتعدّدة الرياضات· ** كلمة لابد منها هل سمعتم عن مشرف ما على أيّ رياضة في الجزائر يقتطع جزءا من راتبه الشهري ليشتري بها ألبسة رياضية لرياضييه؟ وهل سمعتم عن مشرف على أيّ رياضة كانت في الجزائر بأن كلّ تمنح له من أموال من طرف السلطات المحلّية والولاية يخصّصها لشراء ألبسة وعتاد رياضي للاعبيه دون أن يحصل المعني بالأمر على أيّ بذلة رياضية؟ ذلكم هو حال المشرف الأوّل على رياضة الفوفينام ببلدية خميس الخشنة. فالحقّ يقال عن صابر فندوزي أنه مثال حيّ لحبّه للرياضة التي يمارسها، فما أحوجنا إلى أمثال هذا الرياضي الكبير الذي شرّف الجزائر عالميا دون أن يلتفت إليه المعنيون بالأمر. فإلى متى يبقى أمثال صابر فندوزي يستعينون بأموالهم الخاصّة للرّفع من شأن رياضة بات عدد ممارسيها أكثر من أيّ رياضة فردية أخرى في الجزائر؟