يعتمد الكثير من التلاميذ في مختلف الأطوار الدراسية حاليا، عند نجاز بحوثهم وواجباتهم المدرسية على الأنترنت التي أصبحت بالنسبة لهم السبيل الأول والوحيد لذلك، إذ لا يكلفون أنفسهم عناء البحث والقراءة من عدة مصادر وجمع كم كاف من المعلومات لإعداد البحوث التي يكلفهم بها أساتذتُهم· فسواء كان التلميذ بالطور الابتدائي أو المتوسط أو الثانوي، فهو يلجأ للأنترنت ليس للبحث والتعلم، وإنما لاستخراج بحث جاهز ملم بالموضوع الذي طلبه الأستاذ، ولا يهم إن كانت تشوبه بعض الأخطاء أو لا، ولعل أكثر ما ساعد التلاميذ على الاعتماد الكلي على الأنترنت هو لامبالاة بعض المعلمين وعدم قراءة ومناقشة البحث مع التلاميذ، ما يجعل التلاميذ يعتمدون على بحوث الإنترنت في كل المواد، خصوصا الأدب والشريعة والتاريخ والجغرافيا والفلسفة التي تتطلب بحوثها الكثير من المعلومات والبحث والمطالعة، فيما أن تقديم بحث مسحوب من الإنترنت لم يكلف فيه بعض التلاميذ أنفسهم حتى عناء قراءته وتصحيحه، يضعهم في موقف محرج مع أساتذتهم وأمام زملائهم، أما البعض الآخر ممن يريدون التحايل على الأساتذة ومغالطتهم بإعادة تحرير البحث في أوراق عادية دون تغيير حرف واحد، فهم يقعون في فخ كتابة نفس المعلومات ليجدوا أنفسهم في موقف محرج أكثر من سابقيهم، ومن هنا نجد بأن جل التلاميذ يعتمدون على مصادر واحدة لبحوثهم وأحيانا محل أنترنت واحد، مادام أن الشبكة العنكبوتية قادرة على توفير أي بحث مدرسي بأقصى سرعة مهما كان موضوعه ومضمونه· من جهة أخرى، يجب أن لا نتناسى الأسباب التي جعلت أغلب التلاميذ يلجأون إلى الأنترنت بدل المطالعة والبحث في الكتب والمكتبات المدرسية أو العامة، فالدوام الدراسي في بلادنا يبدأ من 8 صباحا وإلى غاية 5و30 مساء، خاصة تلاميذ الطور المتوسط والثانوي، الأمر الذي لا يمكنهم من التوجه إلى المكتبات، كما أنهم يصلون إلى بيوتهم منهكين ما يصعب عليهم مواصلة المطالعة ليجدوا في الأنترنت ملاذا لهم وهو ما أكدته لنا الآنسة (ق·م) وهي طالبة بالطور الثانوي قالت إنها تنهي يومها الدراسي دوما عند 5و30 مساء وتعود إلى البيت متعبة، لتكون الأنترنت خلاصها الوحيد فحسب رأيها إن الأنترنت تنوب عنها في الكثير من الواجبات، فسرعة البحث موجودة والمعلومات جاهزة ومتوفرة لكل المواد، مما يخفف عنهم الضغط والمسؤولية، بالإضافة إلى تقديم البحث قبل موعد انقضاء مهلته· تلميذ آخر يدرس بالرابعة متوسط قال بأن الأنترنت تساعده كثيرا خصوصا أنه مقبل على اجتياز امتحان شهادة التعليم المتوسط فكثرة الدروس وضيق الوقت وعدم مراعاة الأساتذة للظروف، أسباب جعلته يعتمد كليا على الأنترنت لتخفيف الضغط على نفسه والتفرغ لمراجعة وحفظ دروسه· من جهته قال صاحب مقهى أنترنت إن الإقبال على محله يكون كبيرا، خصوصا أيام الفروض وأن أغلب التلاميذ يأتون إليه طالبين منه إجراء بحث معين، إذ يتركون له السؤال ليعودوا بعدها بساعات أو يوم على الأكثر ليأخذوا بحوثهم جاهزة، وفي نظر صاحب المقهى وبغض النظر عن سلبياته إلا أنه قال إن الأمر يعود عليه بالفائدة إذ لا يكلفه الوقت الكثير، ويكسبه أرباحا كثيرة، وعما إذا كانت هذه الأبحاث مكلفة حدثنا صاحب المحل بأنها لا تكلف مبالغ مالية كبيرة، لكن وبالنظر لما يتكبده الأولياء من مصاريف للدروس الخصوصية وغيرها، وبالنظر لكثرة البحوث في الفصل الواحد تعتبر تكاليف هذه الأخيرة مثقلة لميزانية الأولياء· ولعل من سلبيات الاعتماد الكلي على الأنترنت أنه يسبب الكسل ويجرد التلاميذ من تعلم منهجية البحث العلمي التي تعتبر أكثر من ضرورية في كل أطوار الدراسة لاسيما في المرحلة الجامعية التي تعتمد دراستها على البحوث، فيصبح التلميذ غير قادر على استخلاص ولو جزء صغير من معلوماته من الكتب والمراجع والقواميس والمجلدات، ليصبَّ كل أبحاثه على الأنترنت، فأغلب بحوث الطلبة الجامعيين في الجزائر منقولة نقلا كاملا من الأنترنت، وهي الدراسة الحديثة التي قام بها مجموعة من الأكاديميين في هذا الشأن، وهو ما يثير برأيهم السخط على هؤلاء الطلبة الذين يعتبرون دكاترة وأساتذة ومهندسي المستقبل· وعليه فالسعي وراء النجاح لا يكون من خلال الاعتماد الكلي على النترنت، فالأعمال الجيدة والناجحة تتوقف على تحصيل المعارف والعلوم وفي كيفية استثمارها لتكوين وبناء الشخصية التي تساهم في ازدهار مستقبل الأمة·