ق· حنان من الظواهر التي بالإمكان ملاحظتها عبر العديد من الأحياء في العاصمة، سواء الراقية أو الشعبية منها، هو الانتشار الملفت لمحلات الأكل السريع والبيتزيريات على اختلاف أشكالها، والملاحظ أيضا أن العديد من هذه المحلات المتخصصة في الوجبات الجاهزة والسريعة، تختار أماكن محددة لنشاطها، غالبا ما تكون بالقرب من المؤسسات التربوية، بمراحلها الثلاثة، الابتدائي، والمتوسط والثانوي، حيث أن الأطفال والمراهقين من تلامذة هذه المدارس، هم أكثر الفئات إقبالا على استهلاك الوجبات السريعة والخفيفة، لا سيما للذين لا يتمكنون من العودة إلى منازلهم، بسبب ضيق الوقت، بين الفترة الصباحية والمسائية، أو الذين تعمل أمهاتهم وبالتالي فهم يدركون أنهم لن يجدوا أحدا في المنزل يهتم بوجبات غذائهم، أو غيرها من الأسباب الأخرى التي تدفع الأطفال والمراهقين للتوجه أكثر فأكثر نحو محلات الأكل السريع، بشكل يومي تقريبا· وعلى الرغم من المخاطر الصحية الكبيرة التي تشكلها هذه الوجبات على صحة الإنسان عموما، وصحة الأطفال والمراهقين بشكل خاص، وهو ما يظهر من خلال التحذيرات التي يطلقها الأطباء والأخصائيون يوميا، إلا أن كثيرا من الأولياء في الجزائر لا ينتبهون للأمر، بل وتجدهم في بعض الأحيان يشجعون أبناءهم على تناول وجباتهم في هذه المحلات، لدرجة أن بعض الأمهات يفضلن اقتناء وجبات الغذاء و العشاء أحيانا من محلات الفاست فود عوض تحضريها في المنزل، مع أن تأثيرها السلبي واضح جدا على صحة مستهليكها، وقد توصل الباحثون مؤخرا إلى أن تكرار تناول الأطفال للوجبات السريعة بما تحتويه من كميات كبيرة من الدهون ومكسبات الطعم يؤثر على كيمياء المخ ويسلبهم الإرادة، فيصبح قرار التوقف عن هذه الوجبات في غاية الصعوبة تمامًا مثلما تفعل السجائر وعقاقير الإدمان· وأظهرت الأبحاث التي أعدت في هذا المجال، أن الكثير من هذه الوجبات تعمل على تنشيط الجين الخاص بالسمنة بصورة مرضية، وقد تنبهت إلى هذا الخطر أكثر من 20 ولاية أمريكية ومنعت طلاب المدارس من تناول الوجبات السريعة، لوجود علاقة بينها وبين الإصابة بالأنيميا وفقر الدم وارتفاع نسبة الكولسترول· ووجود علاقة بين المشروبات الغازية، التي عادة ما تكون مصاحبة لهذه المأكولات والإصابة بهشاشة العظام، فضلا عن أنها تتسبب في عسر الهضم عند تناولها مع الطعام· وعند إضافة الأطعمة المقلية كالبطاطس والأغذية التي تحتوي على المواد الحافظة والملح للحصول على وجبة كاملة تكون المحصلة هي الحصول على خطر كامل، كما توصلت أبحاث جديدة أيضا إلى أن الوجبات السريعة وشبه المجهزة تسهم بدرجة كبيرة في إصابة الأطفال بالربو، لخلوها من الخضراوات الطازجة والفيتامينات والمعادن، كما أن خلو هذه الأطعمة من الألياف الضرورية لانتظام الحركة الطبيعية للأمعاء يخل بوظيفتها، ويؤدي إلى اضطرابات في عملية الامتصاص، فيما أوضحت باحثة أمريكية أن تناول السكريات والأطعمة السريعة والدهون بكثرة يغير سلوك الأطفال، وأن الوجبات السريعة تدفع إلى خمول العقل وكسله وإلى ترهل الجسم، وذكرت مجلة (نيو ساينتيست) مؤخرا أن ما يحصل عليه الجسم من الدهون الموجودة بكثرة في الساندويتشات السريعة ووجبات الشوارع يسبب أضرارًا بالغة بالمخ، ويؤذي قدرة الذاكرة؛ لأن هذا الغذاء يمنع وصول الجلوكوز إلى المخ بكمية كافية·