تناقش الأطراف السودانية في الخرطوم مستقبل الأوضاع في البلاد، في محاولة لإيجاد ترتيبات بين الشمال والجنوب تتعلّق بمسار الأوضاع بعد استفتاء تقرير المصير للجنوب مطلع العام المقبل، خاصّة إذا ما تقرّر السير في خيار الانفصال نظرا لما يتطلّبه ذلك من حلّ لقضايا الثروة والجنسية والدين العام والمياه. وعرض الاتحاد الإفريقي المشارك من خلال رئيس هيئته التنفيذية العليا الرئيس الجنوب إفريقي السابق ثابو أمبيكي أربعة سيناريوهات ممكنة تتراوح بين بقاء شطري البلاد ضمن دولة موحّدة، وصولاً إلى الانفصال الكامل مع إرغام الرّاغبين في التنقّل بين البلدين على طلب تأشيرات دخول. وجرت جلسة مناقشة الترتيبات في الخرطوم بحضور نائب الرئيس علي عثمان محمد طه ممثّلاً للحكومة المركزية ورياك مشار نائب رئيس حكومة الجنوب. وقال أمبيكي إن المفاوضات الحالية تساعد على تحديد مصير السودان الذي »يحتمل الوحدة والانفصال«، مشدّدا على أهمّية الموضوع بالنّسبة للحفاظ على السلام بين الطرفين. ولفت أمبيكي إلى أن اتّفاقية السلام الشامل تلزم الشريكين المؤتمر الوطني الحاكم في الشمال والحركة الشعبية الممسكة بالسلطة في الجنوب بالعمل من أجل »وحدة جاذبة«، واصفا الأمر ب »المهمّ«. وقدّم أمبيكي أربع مقترحات للمجتمعين تشمل السيناريوهات الممكنة بعد الاستفتاء، أوّلها الانفصال إلى دولتين يجمعهما إطار كونفدرالي، أو البقاء في دولة واحدة، أو الانفصال إلى دولتين بحدود مرنة، وأخيرا الانفصال بحدود واضحة يتطلّب عبورها تأشيرات مسبقة. من جهته، أكّد فاقان أموم ممثّل الحركة الشعبية في مفاوضات ما بعد الاستفتاء التزام الحركة بحسن التفاوض مع المؤتمر الوطني من أجل ضمان السلام الذي تحقّق وحمايته من الانهيار. وقال أموم إن اتّفاقية السلام الشامل »أوقفت أطول حرب في إفريقيا وأتت بحكومة جديدة وديمقراطية عمادها مجموعة منتخبة من المواطنين، وأن هذه الحكومة ستكون أمام اختبار عندما يقوم شعب الجنوب بتحديد مصيره عبر الاستفتاء«، وأضاف أن معظم شعب الجنوب »إن لم يكن كلّه يرحّب بالجهود التي تبذلها حكومة الوحدة الوطنية من أجل جعل خيار الوحدة جاذبا، وذلك بالعمل على تنفيذ اتّفاقية السلام الشامل«. بالمقابل، أشاد ممثّل المؤتمر الوطني محمد عبد القادر بدور الاتحاد الإفريقي في تقريب وجهات النّظر بين الشريكين من أجل »بسط الأمن والسلام في جميع أنحاء البلاد، خاصّة جنوب السودان«. وأضاف عبد القادر أن الطرفين وقّعا على مبادئ تقوم على أسس ومحاور علميه تكملة لمذكّرة التفاهم التي وقّعت بأثيوبيا، والتي تضمن آلية التفاوض والمبادئ التي تسير بها المفاوضات في اليومين القادمين وفقا لوكالة الأنباء السودانية. يذكر أن الاستفتاء المقرّر في جنوب السودان سيجري في منتصف شهر جانفي المقبل، وسيتيح لسكان الجنوب تقرير مصيرهم لجهة البقاء في دولة موحّدة مع الشمال أو الانفصال لتشكيل دولة مستقلّة، وقد تكون لخطوة من هذا النّوع تداعيات كثيرة، خاصّة مع بروز الثروة النّفطية في المناطق الجنوبية.