رغم أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما تراجع عن كافة وعوده الانتخابية السابقة فيما يتعلق بما يسمى بعملية السلام في الشرق الأوسط، إلا أن المفاجأة التي لم يتوقعها أكثر المتشائمين أن يخرج على الملأ ليتباهى بدعمه إسرائيل ليس بالتصريحات وإنما بكشف قائمة الخدمات غير المسبوقة التي قدمها للكيان الصهيوني والتي تؤكد أن الأسوأ مازال بانتظار الفلسطينيين والعرب في عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية· ففي كلمة ألقاها خلال مشاركته في مؤتمر للاتحاد من أجل إصلاح اليهودية في واشنطن، تباهى أوباما بأن إدارته هي أكثر الإدارات الأمريكية التي عملت من أجل أمن إسرائيل· ورفض في هذا الصدد انتقادات بعض زعماء اليهود في الولاياتالمتحدة له في وقت سابق من عام 2010 عندما أعلن دعمه لبدء أي مفاوضات بشأن حدود دولة فلسطينية مستقبلية على أساس الخطوط التي كانت موجودة قبل احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967· وقال بنبرة حازمة: (إن أي إدارة أمريكية لم تقدم لأمن إسرائيل بقدر ما قدمت إدارتنا·· لا تدعو أحدا يخبركم بالعكس، هذا واقع)، وعدد أمثلة دعم إدارته لإسرائيل ومن أبرزها المساعدة الأمريكية لإخراج دبلوماسيين إسرائيليين بعد حصار سفارتهم في القاهرة في سبتمبر الماضي، ومساهمة الولاياتالمتحدة في إخماد الحرائق في منطقة حيفا شمال إسرائيل، والمساعدة المالية لتطوير نظام (القبة الحديدية) الإسرائيلي المضاد للصواريخ· وأشار الرئيس الديمقراطي الذي ترشح لولاية ثانية في انتخابات 2012 أيضا إلى الجهود الدبلوماسية التي بذلتها إدارته لمنع حصول فلسطين على اعتراف دولة كاملة العضوية في الأممالمتحدة· وشدد أيضا على أن الإدارة الأمريكية (عملت بجد) مع حلفائها وشركائها لوقف الطموحات النووية الإيرانية، قائلا: (لم نكتف بالكلام· لقد قمنا بأفعال وسنواصل ممارسة الضغط)· واعتبر أن الإجراءات التي اتخذت مؤخرا ضد إيران هي أشمل وأقسى عقوبات تواجهها الجمهورية الإسلامية حتى الآن، موضحا أن لم يرفع أي خيار عن الطاولة، في إشارة إلى بقاء الخيار العسكري مطروحا ضد إيران· وبالنظر إلى أن أوباما كان فاز بأصوات نحو ثمانية من بين كل عشرة ناخبين يهود في انتخابات 2008، فقد حذر كثيرون من أنه سيواصل تقديم كافة فروض الطاعة لإسرائيل في 2012 لتعزيز شعبيته أكثر وأكثر بين الناخبين اليهود لإعادة انتخابه لولاية جديدة· بل وهناك من يرى في عدم إدانته لتصريحات المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية والرئيس السابق لمجلس النواب نيوت جينجريتش حول أن الفلسطينيين شعب (مختلق) يريد تدمير إسرائيل، دليلا إضافيا على حجم المكاسب التي ستحققها إسرائيل في عام الانتخابات الأمريكية· ويبدو أن اعتداءات المستوطنين اليهود المتطرفين المتواصلة على المساجد والكنائس في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة والتي جاءت في إطار ما أطلق عليه خطة (دفع الثمن) غير بعيدة عن حصول نتنياهو على ضوء أخضر أمريكي لتكثيف الاستيطان في الفترة المقبلة وتبرير الأمر بالضغوط التي يتعرض لها من قبل المستوطنين المتطرفين، فهل يدرك العرب أبعاد الكارثة قبل فوات الأوان؟