مع دخول فصل الصيف، وارتفاع درجات الحرارة عبر تراب ولاية المدية بشكل محسوس في الأيام الأخيرة تعدت أحيانا 40 درجة مئوية، بدأ عدد من المواطنين يترددون على المسطحات المائية المنتشرة عبر عدوة مناطق من الولاية، خاصة من الأطفال والشبان والمراهقين الهاربين من حرارة الجو المرتفعة، و الباحثين عن أية وسيلة للانتعاش والحصول على بعض البرودة. ولم يجد الكثير منهم ملاذا له من الارتفاع المفاجئ لدرجات الحرارة غير التردد على المسطحات المائية هروبا من الحر الشديد الذي أجبرهم أيضا على التقليل من تنقلاتهم داخل القرى أو باتجاه المدن الكبرى حيث اعتادوا قضاء أوقات الفراغ خلال فصل الاصطياف. ويرتاد المواطنون من مختلف الأعمار بأعداد كبيرة السدود الصغيرة والحواجز المائية والبرك المستعملة عادة لسقي المزروعات، للاستحمام والتسلية فيما بينهم. و رغم الأخطار التي تشكلها فإن هذه المسطحات المائية تمثل بالنسبة للشبان المنحدرين من المناطق الريفية المعزولة الملجأ الوحيد في فصل الحر حيث اعتادوا على التردد على هذه المناطق غير المؤمنة و ذلك في غياب مواقع مائية مناسبة و مراقبة. و بغض النظر عن الجانب الأمني فإن الاستحمام بالمسطحات المائية يسمح لهؤلاء الشباب بقضاء أوقات ممتعة ومرحة كما يعد وسيلة للخروج من العزلة و الابتعاد و لو ليوم واحد عن الروتين التي تطبع حياتهم اليومية. والملاحظ أن معظم هؤلاء الشباب من حال متواضع و يكتفون بالشيء القليل لقضاء أوقات فراغهم. ووسط ه المساحات الشاسعة من العشب المصفر تحت تأثير أشعة الشمس المحرقة يظهر ديكور آخر من صنع أعداد هائلة من الشبان تستحم في المياه أو تقف على ضفاف المسطحات المائية تحت أنظار زملائهم الذين ينتظرون دورهم للاستحمام. و لا يهم نوع الملابس التي يرتديها هؤلاء الشباب أو المنطقة القادمين منها فالأهم هو الحصول على بعض البرودة والانتعاش، الأمر الذي يدفع بعدد كبير منهم إلى قطع مسافات طويلة عبر الحقول و تحت أشعة الشمس المحرقة للالتحاق بالمسطحات المائية بدلا من ركوب الحافلات باتجاه المدن الساحلية البعيدة أو التسكع طيلة النهار في طرقات و أزقة القرى و المداشر، في ظل غياب شبه تام أيضا لكافة أشكال المراقبة سواء من الأسرة، أو من أصحاب الحقول والمزارع التي تتواد فيها هذه المسطحات، مما يجعل هؤلاء الأطفال والمترديين عليها عرضة لكثير من مخاطر الغرق و السقوط و غيرها، كما يتطلب من جهة أخرى ضرورة التفات السلطات المعنية إلى الواقع المزري الذي يعيشه الكثير من أبناء المناطق الريفية النائية والداخلية والوقوف على أهم انشغالاتهم واهتماماتهم وتحقيقها، حتى وان كانت بالقدر اليسير جدا، عبر توفير أماكن للتسلية والترفيه تكون آمنة، ولا تشكل أي تهديد على حياتهم.