باتت ظاهرة معاكسة الفتيات والنساء من أبرز الظواهر الخطيرة التي استفحلت في مجتمعنا الجزائري المحافظ، وأصبحت النسوة والفتيات يتعرضن لها، حتى صار الأمر عاديا والمشهد يوميا ومألوف لدى الجميع، غير أن نقل هؤلاء الشبان معاكساتهم إلى المؤسسات التربوية، على غرار الثانويات والمتوسطات، هو الأمر الذي يمكن اعتباره آفة على المجتمع، نظرا لسلبياته العديدة التي تهدد أعراض الناس، وتمثل خطرا حقيقيا يتربص بأمن وسلامة فتيات لا يتجاوزن الثامنة عشر من العمر، وصرنا نرى إقبال العديد من الشبان على اختلاف أعمارهم على هذه المؤسسات التربوية، مستعملين مختلف الطرق والوسائل للفت انتباه هذه الفتيات، مبررين أفعالهم بعدة أسباب أهمها الفراغ والبطالة· وقد انتهج البعض من شبان اليوم أساليب متعددة من أجل لفت انتباه الفتيات إليهم، حيث أصبح بعضهم يسطر ويخصص وقتا معينا، إذا لم نقل كامل يومهم من أجل اصطياد فرائسهن من التلميذات الصغيرات، كما أن هذه المعاكسات التي اقتصرت في الماضي على بعض الشبان المنحرفين، انتقلت اليوم إلى الشبان الآخرين الذين يستغلون أناقتهم وكلامهم اللبق لاستدراج الفتيات، حيث تجدهم متجمعين أمام مقرات المؤسسات التربوية، مرتدين أبهى وأجمل الألبسة، لكسب أكبر عدد من المعجبات، بالإضافة إلى اتخاذ بعضهم من سيارات أوليائهم وأقربائهم، وسيلة أخرى للتأثير على الفتيات، فهم يتوافدون على المتوسطات والثانويات، منذ فتح أبواب هذه الأخيرة في الساعات الأولى من الصباح، ولا يبرحون أمكنتهم إلا عند انتهاء الدوام المدرسي وعودة التلاميذ إلى بيوتهم، غير أن أكثر ما يثير سخط واستياء المواطنين والأولياء، هو فارق السن الكبير بين هؤلاء الشبان والفتيات، والذي من شأنه أن يؤثر على السلوك الأخلاقي لبعض الفتيات اللواتي يتجاوبن مع معاكسات الشبان، ويهدد القيم والعادات والتقاليد المتوارثة عن الأجداد بالزوال، خاصة أن أهم العوامل التي ساعدت في استفحال هذه الظاهرة في المجتمع الجزائري هو ابتعاد الشباب عن تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وانتهاجهم لمختلف الأساليب الغربية في استدراج الفتيات التي ساعد في انتشارها الفضائيات والأنترنت· ولمعرفة أسباب إقدام هؤلاء الشبان على جعل معاكسة الفتيات هوايتهم اليومية، أجمع أغلبهم على أن البطالة والظروف الاجتماعية والمعيشية الصعبة، بالإضافة إلى مشاكل أخرى لا تعد ولا تحصى ساهمت في جعلهم يعانون من فراغ قاتل، ولخصت الأسباب التي جعلتهم يقدمون على هذه الخطوة، بالإضافة إلى إلقاء اللوم على الفتيات اللواتي يثرن إعجابهم بطريقة لبسهن وتبرجهن المثيرة، بالإضافة إلى طريقة مشيهن، التي تشبه إلى حد بعيد طريقة مشي العارضات، حيث تجد بعض الفتيات يتفنن في طريقة المشي واللباس والتبرج، حتى تظن نفسك جالسا أمام قاعة للحفلات وليس مؤسسة تربوية، وهذه في الغالب أهم ما يلفت انتباههم للفتيات ويدفعهم إلى معاكستهن واستدراجهن· يقول أحد الشبان، إنه نتيجة لعدم قيامه بأي عمل أو هواية ما، فهو يظل واقفا أمام مقر الثانوية المقابلة لمنزله، طيلة ساعات الدوام، من الصباح حتى المساء، فهو دائم الحضور هناك، ولولا كبر سنه الواضح عن الدراسة بالثانوية لظننت عند رؤيته أنه واحد من تلامذة هذه الثانوية، ليعقب أنه لا يلقي اللوم على الشبان، لأنه لولا موافقة بعض الفتيات على الأمر لما انتشرت الظاهرة، غير ناف وجود بعض الشبان ممن يعاكسون البنات بطريقة تضايقنا نحن الرجال، حيث تجد بعضهم يتلفظون بكلام بذيء وجارح، يثير استياء الفتيات، غير أنه يعيد ويلقي اللوم على الفتيات اللواتي يسمحن لهن ولا يرفضن إطلاقا مثل هذه المضايقات، الأمر الذي فتح الباب أمام الشبان ودفعهم إلى فعل أي شيء لكسب ود البنات· من جهة أخرى يقول أحد الشباب إنه يجب على هؤلاء الشبان أن يخجلوا من أنفسهم، وأن لا يبرروا أفعالهم اللاأخلاقية، بالبطالة وغيرها من المشكلات التي تعترضهم في الحياة، لأنهم لو عملوا على البحث عن عمل ما لوجدوا كل ما يناسبهم، كما أنه لا يوجد فعل بدون ردة فعل، وعلى الأولياء أن يقوموا بدورهم جيدا، لأن ملابس الفتيات الفاضحة هي من ساعدت على انتشار هذه الظاهرة، لذا يجب على الفتيات إعادة النظر في لباسهن من أجل حماية أنفسهن من الوقوع في شراك هؤلاء الشبان· وعليه فإن مسؤولية انتشار هذه الظاهرة، يقع على عاتق الجميع، من مجتمع وأولياء، وعلى هؤلاء الشبان وضحاياهم من الفتيات، لأن لكل واحد منهم دور، ولو استغل كما يجب سيتم الحد من انتشار هذه الظاهرة التي عصفت بكل قيم المجتمع الجزائري·