تحِلُ اليوم الثلاثاء ذكرى المجازر التي اقترفتها فرنسا الإستدمارية الكولونية في حق الشعب الجزائري الأعزل ذات يوم دامٍ حالِك النهار هو يوم 8 ماي 1945 لتكون نقطة سوداء أخرى تضاف إلى سوادها منذ احتلال الجزائر في 1830 والتاريخ الفرنسي الإجرامي العنصري الملطخ بدماء الأبرياء من أبناء شعبنا نساء ورجالا وشبابا وشيبا· كانت مظاهرات سلمية خرج فيها الشعب الجزائري مبتهجًا بانتصار الحلفاء على النازية داعيا فيها إلى تحقيق وعود فرنسا بإعطاء شعبنا الاستقلال، لكن وبسقوط (بوزيد شعال) صاحب 22 ربيعا أول شهيد في هذه المظاهرات كان إيذانا بأنّ الدم الجزائري مازال يُراق على مذبح الحرية، ليسقط بعدها آلاف الشهداء ليلتحقوا بقوافل الشهداء الأخرى، وحصيلة المظاهرات من شهداء شعبنا مازالت بحاجة إلى تمحيص تاريخي من أهل الاختصاص، كما أنّ على القارئ أنْ ينظر إلى المجازر في سياقها التاريخي لفهم ما جرى، وتاريخنا في أرشيفهم، فنحن بحاجة إلى المطالبة به لنفض الغبار على كثير من الحقائق في تاريخ شعبنا مع فرنسا الاستعمارية، فالمجازر في نظر المؤرخين كانت بداية النهائية للاحتلال، وهي التي زرعت بذور الثورة التحريرية الكبرى لعام 1945، واحتفالنا بهذه الذكرى هو حماية لذاكرة الجزائر شعبا ووطنا وتاريخا جهاديا للأمة، فلقد ظلت فرنسا تئدُ التاريخ الجزائري ولكنه لم يمت ولن يموت، ففرنسا الاستعمارية - على الرغم من جرائمها الوحشية- مازالت تدعو إلى تمجيد حقبة استعمارها ومجازرها في حق شعبنا كما سنّت قوانين بذلك، وهي التي مارست كل الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة وجرائم الحرب في حق شعبنا طيلة تواجد الاحتلال بالجزائر· لن تستطيع فرنسا وإن اعترفت بجرائمها! وحتى وإن قامت بتعويض ضحايا شعبنا فهي لن تعيد دموع اليتامى والثكالى والمقهورين والمسجونين وغيرهم·· إلى مآقيها، وهل تعيد للأم المغدورة بزوجها أو بابنها أو حفيدها قيمة الحياة؟ هل تعيد فرنسا الطمأنينة لشعب عاش رعبها وإجرامها مدة 132 سنة بلياليها ونهارها؟ وهل تعيد الروح والحياة لضحايا المجازر ولضحايا الأرض المحروقة؟ وهل تعيد عجلة التاريخ إلى الوراء؟ وهل تعيد النوم لجفون المهجّرين من بيوتهم وقُراهم؟ وهل تُعيد شبابا أقحمتهم لخوض حرب في الهند الصينية وضد النازية حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل···!؟ بل هل كل أموال خزائن فرنسا تعوّض دمعة طفل جزائري بريء سقطت على خده لو سقطت على مساحة فرنسا لأحرقتها!؟ وهل كل خزائن فرنسا تجبر ضرر وخاطر شعبنا؟ أيُ تعويض لضحايا شعبنا في حقبة طال ليلها من ( 1830- 1962) وقد عانى شعبنا فيها ما عانى من عصابات الاستيطان وجيوش فرنسا وكولونها وشُذاذ آفاقها···؟ وهنا ألف ألف سؤال يراودني· وأخيرا: مهما طالت السنوات وادلهمت الأيام والخطوب، فإننا إذا تجازونا حزننا وآهاتنا وعفونا عن البعض فإننا لن ننسى شهداء شعبنا وضحاياه، ولن ننسى أنّ فرنسا الاستعمارية أجرمت في حقنا، وما زالت القضية مرفوعة أمام محكمة التاريخ التي ستنصفنا ذات يوم، ولو خان بعض أهل الدار، وأننا شعب نغفر ولكن أجياله لن تنسى·