تشابهت اللحوم في الأيام الأخيرة على الجزائريين فصاروا عاجزين عن اتخاذ قرار حاسم وحازم بخصوص اللحم الذي سيأكلونه خلال شهر رمضان الكريم، وفي الوقت الذي قرر البعض شراء شاة تسر الناظرين وذبحها على مرأى العين، حتى يطمئن القلب، وتزول المخاوف، ارتأى معظم المستهلكين انتظار الأيام الأولى للشهر الكريم لاتخاذ القرار المناسب، وهو قرار قد يكون مبنيا على شراء اللحم الأقل سعرا وليس اللحم الأكثر قدرة على "إقناع" الجزائريين بجودته وخلوه من الأمراض وأيضا بكون مواصفاته مطابقة لمقتضيات الشريعة الإسلامية، خصوصا بعد الجدل الكبير الذي أثارته مسألة استيراد لحوم من الهند، وهو جدل لم يتوقف عند حدود التساؤل عن سر تفضيل لحم الهند على لحم السودان، وإنما تعدى ذلك إلى حد التساؤل عن مدى مطابقة اللحوم المستوردة من الهند للمواصفات الشرعية بخصوص الذبح، وهو ما أدخل الشك في نفوس كثيرين ممن وجدوا أنفسهم حائرين بين تطمينات السلطات وإشاعات الشارع، وليس من الغريب بعد كل ما قيل في هذا الشأن أن يفضل البعض شراء لحوم تعرض في الهواء الطلق، مع ما يحمله ذلك من مخاطر صحية مؤكدة، على شراء لحوم الهند، ووحدهم الفقراء الذين نسوا طعم اللحم سيتجنبون هذه السنة جدل "اللحم الحلال"، لكونهم غير معنيين بشراء اللحوم أصلا! وإذا كان الحرص على أكل اللحم الحلال، واجتناب اللحوم المشبوهة أمرا يبعث على السرور ويؤكد تمسك الجزائريين بالشريعة الإسلامية، فإن ما يثير الاستغراب في الموضوع كله أنها ليست المرة الأولى التي تستورد فيها الجزائر لحوما من دولة لا تطبق الشريعة الإسلامية، و تستورد منذ سنوات اللحم من بعض بلدان القارة الأمريكية مثل البرازيل، ولكن لم يسبق أن أثيرت ضجة مثل التي تثار هذه الأيام بشأن لحوم الهند، وكأن الذين يقفون وراء "اندلاع" هذه الضجة متأكدون أن لحم الهند حرام ولحم البرازيل حلال، ولله في خلقه شؤون!.