كشف الوسيط الذي تفاوض مع مختار بلمختار لإطلاق سراح الرهائن الاسبان، بأن الخاطفين خططوا لقتل غالبية أفراد القافلة الاسبانية الانسانية، في عملية الخطف التي وقعت بصحراء موريتانيا في 29 نوفمبر الماضي. وقال ولد الشافعي: "كانت الجماعة السلفية تريد اعتراض السيارة الأخيرة من القافلة واحتجاز عدد غير محدد من الرهائن، والتقدم إلى بقية القافلة وإطلاق النار على راكبي السيارات الأخرى". ومن المعروف أن المعتدين هاجموا القافلة لما كانت في طريقها من نواكشوط إلى نواديبو، واختطف ثلاثة من أفرادها كانوا في المؤخرة. ونشرت صحيفة "إلبريوديكو" الاسبانية تصريحات لمستشار رئيس بوركينافاسو، الموريتاني المصطفى ولد الشافعي ورد فيها تفاصيل المفاوضات التي أجراها مع مختار بلمختار بطلب من الحكومة الاسبانية. ومن بين ما ذكر أن الجماعة السلفية كانت تخطط لقتل كل أفراد القافلة الانسانية التي اعتدت عليها واختطفت ثلاثة من أعضائها. "يوم الهجوم الموريتاني الفرنسي (22 يوليو الماضي) كانت فرصة بقاء ألبرت وروكي منعدمة. لقد اعتبرتهما مفقودين". هكذا يشرح مصطفى ولد لمام الشافعي، الوسيط الذي تمكن من تحرير بيلالتا وباسكوال والذي أفرج أيضا في مارس الماضي عن آليثيا غاميث. في ذلك اليوم حاولت فرنسا تحرير الرهينة ميشيل جرمانو الذي قتل في نهاية المطاف ذبحا على يد الإرهابيين. "أما اليوم (الإثنين 23 أوت) فهو أسعد الأيام" كما يقول.فترة أخرى تميزت بصعوبتها البالغة كانت محاولته إنقاذ حياة آلبرت بيلالتا. "لقد تركته الرصاصات الثلاث التي أصابته في حالة حرجة لكنه، بفضل الله، تعافى لأنه لم يصب بالتهاب" كما يقول ولد الشافعي مضيفا "بعد أسبوع من الاختطاف كنا قد تمكنا من إيصال أدوية ومضادات حيوية إليه". الشافعي الذي يؤكد أنه "ليس هو من دفع الفدية"- تحدث من قبل مع "آ بي ثي" في ماي الماضي في واغادوغو بشرط أن لا تنشر تصريحاته، وأبلغ الصحيفة آنذاك بالتاريخ المتوقع لانتهاء اختطاف الأسبانيين.فالأهم من أجل إنقاذهم كما كرر ولد الشافعي أكثر من مرة كان "التوصل إلى أن لا يصدر أي إنذار يتعلق بحياة الرهينتين" وضمان "أن لا تبث صور الفيديو التي تظهر المخطوفين، والتي كانت لدينا نحن الوسطاء ولدى الحكومة الأسبانية، لأن ذلك سيمثل إهانة كبيرة لهما وللشعب كله" حسب قوله. وزار ولد الشافعي خلال أشهر الاختطاف التسعة مخيمات "القاعدة في المغرب الإسلامي" على الأقل عشر مرات وفي جميعها كان يتفاوض وجها لوجه مع مختار بلمختار، زعيم المجموعة التي كانت تحتجز الأسبانيين.وولد الشافعي هو نجل رجل أعمال موريتاني يتحرك في منطقة الصحراء منذ عقود، ويتحدث ولد الشافعي، فضلا عن العربية والفرنسية، العديد من اللغات المحلية مثل البامبارا والهاوسا وتماشقت التي يتكلمها الطوارق. ولديه منذ سنين عديدة علاقات وطيدة بزعماء سياسيين في مختلف البلدان. واوضح الوسيط أن أمرين وقعا حالا دون تنفيذ المخطط، أحدهما ظهور شاحنة تحمل رقما مغربيا تسير في الاتجاه المعاكس للقافلة. أما الثاني فهو مقاومة أبداها أحد الرهائن عندما حاول الاتصال بواسطة الراديو ببقية رفاقه، وتعرض لإطلاق نار من طرف الخاطفين أصيب على إثرها بجروح في رجله. وذكر ولد الشافعي بأن اتصال المختطف برفاقه "جعل الارهابيين يخافون من رد فعل بعض أفراد القافلة وقرروا الهرب بسرعة بالرهائن". وقدمت الصحيفة ولد الشافعي على أنه الوسيط الذي أنقذ حياة الدبلوماسيين الكنديين الذين اختطفهما بلمختار في النيجر، نهاية 2008. وذكر مستشار الرئيس البوركينابي، بأن الجماعة الخاطفة كانت تتكون من خمسة أشخاص على الأكثر، إثنان منهم موريتانيان وواحد من مالي. وقال بأن معرفة مسار القافلة كان سهلا بالنسبة إليه "لأن 300 شخص مرتبط بتنظيم درودكال يوجدون بموريتانيا يتحركون بحرية ويراقبون حركة الرعايا الغربيين". وقال ولد الشافعي بأن المخابرات الاسبانية هي مصدر علمه بأن بلمختار يحتجز الرهائن الثلاثة، ولكنه لايذكر أي شيء عن الفدية التي حصل عليها القيادي الارهابي مقابل الافراج عن الاسبان، ولا عن المبلغ المالي الذي قبضه نظير إطلاق سراح الدبلوماسيين الكنديين. واوضح ولد الشافعي أنه اشترط على بلمختار ثلاثة أشياء قبل بدء المفاوضات، هي أن لا يقتل الرهائن وان لايبعث لوسائل الإعلام ما يفيد بأنهم أحياء، مع تمكينهم من حين لآخر من الاتصال بعائلاتهم. وقد نقل الخاطفون الرهائن إلى مالي بمساعدة مرشدهم عمر الصحراوي الذي سهَل فيما بعد إطلاق السراح الرهينتين الباقيتين، حسب ولد الشافعي، مما يؤكد أن إطلاق سراح الصحراوي ونقله إلى مالي كان صفقة بين موريتانيا وباماكو وبلمختار، انتهت بمبادلة الصحراوي بالرعيتين الاسبانيتين. وعن ظروف احتجاز الرهائن، قال الشافعي أنه "مؤلم جدا مشاهدة أبرياء محتجزين ظلما".