عاد كابوس اختطاف الأطفال ليخيّم على القطر الوطني، وإذا كانت قضية مأساة الطفلة شيماء قد انتهت بموتها وتحديد هوية قاتلها المفترض، فإن قضايا أخرى كثيرة مشابهة شهدتها العديد من مدن التراب الوطني في الأسابيع الأخيرة، على نحو لم تعد معه يقظة الأولياء وأبنائهم كافية للحد من الظاهرة، حيث تطالب الأسر السلطات الأمنية بيقظة أكبر والسلطات القضائية بحزم أشد، والضرب على أيدي المجرمين بقوة، للحد من هذه الظاهرة المرعبة. تعاني الأسر الجزائرية، منذ عدة سنوات، كابوسا اسمه اختطاف الأطفال، حالات من الرعب نتيجة سلسلة حالات الاختطافات التي طالت فلذات أكبادها. هذه الظاهرة التي طالما اعتبرناها غريبة ودخيلة على مجتمعنا عادت بقوة إلى واجهة الجرائم واكتسحت الشارع الجزائري مؤخرا، أصبحنا نسمعها ونتعايش مع وقائعها عبر مختلف الوسائل الإعلامية ومع التقارير الأمنية التي ركزت مؤخرا على ظاهرة الاختطاف. هذه الظاهرة أثارت ضجة وسط المجتمع وبصفة خاصة الآباء حيث أنهم يروا سبب انتشار عمليات الاختطاف هو غياب الأمن في بعض المناطق الذي تغيب عنها مقرات الشرطة أي المناطق التي تعاني الانعزال كالأحياء القصديرية والمدارس التي تقع في المناطق النائية كالقرى والمداشر وغيرها. ويعود السبب أيضا إلى غياب الإجراءات التي تحد من تفاقم الظاهرة، وما زاد من حدتها عدم تفاعل المجتمع المدني معها بالشكل المطلوب، وهناك سبب آخر هو غياب التوعية والتحسيس بخطورة الظاهرة في أوساط أطفال والعائلات من طرف الدولة. صحيح هناك تدخل من طرف السلطات لتحديد هوية المختطف وهذا للأسف بعد حدوث الجريمة وإيجاد جثة الأطفال مغتصبة ومنزوعة الأعضاء وملقاة في أماكن القمامة والمقابر وغيرها فهذا لا يكفي بل يجب وضع تدابير ينبغي للسلطات تطبيقها من خلال إيجاد أساليب لوقاية الأطفال من التعرض للاختطاف وشر الاعتداءات وهذا عن طريق فرض الأمن في جميع الأحياء السكنية والمناطق والمدارس النائية مع انتهاج قوانين صارمة في حق المجرمين كالإعدام، وكما ينبغي استحداث جهاز أمني خاص لمرافقة الأطفال أمام المدارس ودور الحضانة والحرص على سلامتهم في الشارع. وقد أججت مأساة الطفلة شيماء يوسفي التي تبلغ من العمر ثماني سنوات التي اختطفت من طرف مجهولين من أمام منزلها في المعالمة بضواحي زرالدة غربي العاصمة، والتي عثر على جثتها بمقبرة سيدي عبد الله غضب العائلات، وخوفها على أبنائها، في الوقت نفسه. ويعيش كثير من الأولياء على أعصابهم بعد الحادث المؤلم الذي عاشته عائلة يوسفي، حيث يرفض هؤلاء الآباء ترك أطفالهم يلعبون بالقرب من مقر سكناهم والذهاب إلى المدارس بمفردهم خوفا من أن تطالهم يد المختطفين ويلقون نفس مصير الطفلة شيماء، ولذلك يطالبون بتدخل السلطات في أقرب وقت لحد من هذا الكابوس الذي أصبح يطارد الأطفال في كل مكان وزمان وتكثيف حملات التوعية والتحسيس بشرور الجريمة ومخاطرها لتحقيق الأمن والسلام للأبناء وآبائهم. وإضافة إلى ضرورة تكثيف الرقابة الأمنية، يطالب كثيرون بضرورة التعامل بمزيد من الصرامة على مستوى المحاكم مع مرتكبي جريمة اختطاف الأطفال، وعدم تمكينهم من أي إجراءات مخففة أو عفو، حتى لا تتكرر مثل مأساة شيماء التي هزت الجزائر كلها.