انتفضت جهات علمانية معروفة بعدائها للانتماء الإسلامي للجزائر في وجه الحملة التي قامت بها السلطات العمومية في الأيام الأخيرة بهدف التصدي ل"وكّالين رمضان" من المجاهرين بانتهاك حرمة شهر الصيام، ورأى العلمانيون في حرص السلطات على تطبيق القانون وحماية المجتمع الجزائري من حماقات منتهكي حرمة رمضان تعديا على الحرية الشخصية وانتهاكا لحقوق الإنسان، وبدلا من الشعور بالأسف لمثل تلك التصرفات راحت بعض الصحف المحسوبة على الإعلام الوطني تنصب نفسها محامية على "وكّالين رمضان"، داعية بكل وقاحة إلى تمكينهم من "حقهم" في الأكل والشرب جهارا خلال النهار في أيام رمضان، وكأن هؤلاء يعيشون في لاس فيغاس أو ريو دي جانيرو! وضمت بعض الأقلام الصحفية المصابة ب"الإسلاموفوبيا" صوتها إلى أصوات بعض الجمعيات المحلية الناعقة ضد الإسلام، التي استنكرت توقيف مجموعة من "المارقين" الذين تم اتهامهم بانتهاك حرمة الشهر الفضيل، مع أن السلطات لم تقم سوى بتطبيق القانون، كما أن هؤلاء الموقوفين استفادوا من الإفراج المؤقت في انتظار محاكمتهم في نوفمبر القادم بعد تأجيل الفصل في قضيتهم أول أمس. والإشكال المطروح هنا ليس في عدم صوم هؤلاء، مثلما تحاول بعض الأوساط الترويج له، ولا في عدم إسلامهم إن لم يكونوا مسلمين، فأن يعتنق المرء دينا غير الإسلام فذلك شأنه وهو حر فيما يعتقد، وأن يرتد جزائري عن الإسلام ويعتنق المسيحية أو أي دين آخر، أو يصبح بلا دين حتى، فذلك أمر مؤسف ولكنه لا يهدد المجتمع الجزائري في كيانه، ولا يؤثر على انتماء الجزائر لأمة الإسلام أو يجردها من ثوب الدولة المسلمة التي رفضت أن تتخلى عن إسلامها رغم محاولات الصليبيين طيلة 132 سنة من الاحتلال، ولكن أن يتجرأ شخص ما على استفزاز مشاعر الجزائريين المسلمين من خلال المجاهرة بالأكل في نهار رمضان مثلا، أو من خلال التحريض على انتهاك حرمة الشهر الفضيل فذلك أمر ليس مقبولا بأي حال من الأحوال، ومن أراد أن يجاهر ب"أكل رمضان" مثلما يقال فعليه أن يبحث عن دولة أخرى غير الجزائر ليقيم بها، ليس فقط لأن القانون الجزائري يمنع المجاهرة بانتهاك حرمة رمضان، وإنما كذلك لأن الغالبية الساحقة من الجزائريين يقدسون الصيام إلى درجة أنهم لا يقبلون حتى بمشاهدة أفراد الجاليات الأجنبية من غير المسلمين يأكلون أو يدخنون جهارا فكيف إذا تعلق الأمر ببني جلدتهم؟!