كعادتهم يحتفل العاصميون بحلول عيد الفطر بتبادل الزيارات والاستمتاع بتذوق مختلف انواع الحلوى التقليدية وقضاء وقت جميل مع الابناء وكعادتهم ايضا "يحتفل"التجار وعلى راسهم بائعو الخضر برفع الاسعار الى مستويات خيالية نظرا لقلة العرض وازدياد الطلب على انواع معينة من السلع. وعلى غرار السنوات الماضية شهدت عشية العيد غيابا تاما لبائعي الخضر ليظهر البعض من هؤلاء يوم العيد حاملين معهم خضرا ليست ككل الخضر على حد تعبير احد المواطنين. ففي اسواق باب الواد و دالي ابراهيم و القبة مثلا بيع الكلغ من اللفت وهو احد مكونات طبق "الرشتة" الذي عادة ما يميز المائدة العاصمية يوم العيد بسعر يتراوح ما بين 160 و 240 دج فيما تم بيع القرعة ب160 و حتى ب180 دج والبطاطا ب 70 دج والجزر ب100 دج و السلطة ب180 دج. وكانت متوسط اسعار سلة الخضر خلال الايام الاخيرة من رمضان تتراوح ما بين 20 دج/الكلغ و 80 دج/الكلغ على اكثر تقدير. "لماذا اشتري اللفت ب240 دج هل ساموت لو لم افعل.. الا اذا كان هذا ليس كسائر اللفت...ربما يرد الروح" يمازح محمد وهو يتجول رفقة ابنه عبر سوق دالي ابراهيم. ويضيف "انهم تجار انتهازيون يستغلون نقص الامداد بالخضر يوم العيد لفرض هوامش ربح خيالية تعادل ايرادات اسبوع باكمله ولكنهم لم يكونوا ليفعلوا لولا استمرار اقبال الناس على الشراء". اما عن سبب قلة العرض فيرجع لكون جل الاسواق سواء الجملة او التجزئة مغلقة ايام العيد. اما الطلب وان كان اقل مقارنة مع الايام العادية فانه يتواصل خلال يومي العيد ذلك ان بعض ارباب وربات العائلات ينشغلون سواء بالعمل الوظيفي او باقتناء ملابس الاطفال او غيرها عن تكوين "مؤونة" الخضار سلفا تحسبا لارتفاع اسعارها مما يدفعهم الى الاستمرار في الشراء لاخر لحظة. "لقد انشغلت في صنع الحلوى و تحضير البيت لاستقبال الزوار و نسيت شراء القرعة لاعداد طبق الكسكسي الذي اشتقنا له بعد 30 يوما من الشربة و الان زوجي مجبر على البحث عنها و شرائها مهما كان سعرها" تقول مليكة احدى ربات البيوت و هي تتاهب للخروج من مسجد بباش جراح بعد الانتهاء من اداء صلاة العيد. وبعيدا عن الوان القرعة واللفت ورائحة لهيب اسعارها تمتزج في اجواء العاصمة روائح و الوان اخرى ربما تكون اكثر اغراء للمارة . فمحلات "الشواء على الجمر" مثلا واصلت استقطاب المحتفلين بالعيد بعد ان شكلت طيلة ليالي الشهر الفضيل قبلة للعائلات. وترى نادية أم عاملة ان "العيد يجب ان يستغل في تبادل الزيارات العائلية والترفيه عن الاطفال و ليس في تحضير الاكل وسط حرارة المطبخ.. لهذا نحن نفضل شراء اللحم المشوي يوم العيد خاصة وان الاطفال يفرحون كثيرا بهذا الامر ". أما الوان العيد فلا شيء يجسدها كالوان البالونات واللعب التي تشهد اقبالا استثنائيا قبل واثناء المناسبة من قبل اولياء همهم اسعاد ابنائهم رغم الارتفاع الذي عرفته بدورها اسعار هذه اللعب. "كل ما اعرضه يلقى رواجا اثناء العيد: البالونات الملونة والدمى والاواني والإكسسوارات للفتيات والسيارات والمسدسات والسيوف البلاستيكية للاولاد" يقول فرحا احد الباعة وهو يعرض لعبا على الرصيف رغم امتلاكه محلا داخل مركز تجاري مرموق. وليس هذا التاجر الوحيد الذي ذهب لافتراش الرصيف بل ان الكثير من بائعي لعب الاطفال "اضطروا" لذلك كون هذا النوع من التجارة غالبا ما يقام داخل مراكز تجارية تغلق ابوابها اثناء يومي العيد. ومع الروائح والالوان كانت الاضواء ايضا حاضرة: انها اضواء عدسات التصوير التي كثرت مع انتشار الات التصوير العادية و الرقمية التي تكاد تكون حاضرة في كل بيت وان كان هذا قد لا يروق كثيرا لاصحاب استوديوهات التصوير. " في السابق كنا نرى طوابير من الكبار والصغار أمام محلنا لكن ومع توفر وسائل التصوير وانخفاض اسعارها اصبح الناس يلتقطون الصور في بيوتهم ثم يأتون فقط لاستخراجها" يقول صاحب محل للصور بالقبة. "بصراحة اخذ صورة بالبيت احسن من اخذها بالمحل لان الاطفال او حتى الاشخاص البالغين يكونون اكثر انشراحا و عفوية ثم ان استخراج صورة من الة تصوير شخصية يكلف 15 دج فيما يكلف اخذها بالمحل 120 دج" يضيف قبل ان يستطرد " صحيح ان نشاطنا عرف بعض الركود في السنوات الاخيرة لكننا نستدرك ذلك من خلال تطوير المعالجة الفنية للصور و هو ما لا يمكن القيام به في البيت". لكن جولة قصيرة عبر عدد من محلات التصوير بالعاصمة تظهر ان عادة التوجه لاخذ صورة تذكارية يوم العيد وان تراجعت لا زالت قائمة بدليل ان فاتح صاحب أستوديو تصوير بحي شعبي لم يتمكن حسب قوله حتى من تناول وجبة الغذاء لشدة انشغاله بالزبائن. "انه عيد مضاعف بالنسبة لي فانا أحقق مداخيل تفوق سبع او ثماني مرات مداخيل الايام الاخرى" يقول وهو يرتب بالونات زين بها محله بغية جلب اهتمام الصغار قبل الكبار.