هدايا الأطفال تتحول إلى وسيلة لتكريس العنف الألعاب الإلكترونية للأطفال.. الخطر الصامت! تمثِّل الهدية للأبناء عاملاً تحفيزياً مهماً يمكن للآباء تحقيقه عقب فراغهم من أداء الاختبارات الدراسية، ومع بداية كلِّ عامٍ دراسي جديد يطلق الآباء الوعود بجلب الهدايا التي يتمناها أبناؤهم في حال تحقيقهم النجاح، خاصة في الآونة الأخيرة، بعد نتائج الامتحانات خاصة النهائية منها، فالأولياء يلجؤون إلى إرضاء أطفالهم عبر جلب هدايا تحل في طياتها تعليم الجريمة الالكترونية.. أكَّد عدد من الباحثين والمختصين على وجود العديد من الأمور السلبيَّة الخفيَّة ل"الألعاب الإليكترونية" -الأكثر طلباً من الصغار-، وذلك بحسب ما أظهرته العديد من الإحصاءات والمشاهدات، مُضيفين أنَّ الكثير منها قد تقود بعض مُمارسيها إلى ارتكاب عدد من الممارسات السلوكية والأمنية السلبية، وذلك لكون معظم الألعاب المستخدمة من قبل الأطفال والمراهقين تحتوي على مضامين سلبيَّة قد تؤثر عليهم في جميع مراحل نموهم، مُبيِّنين أنَّ على الآباء الحرص على اختيار الألعاب التي لا تتضمن محاذير أخلاقية أو قِيَمية، وألاَّ تكون محرضة على العدوان والعنف، وأن تتناغم مع خصائص المرحلة العمرية للأبناء، وأن تكون ذات طابع جماعي؛ حتى لا تُنمِّي الفردية لدى الأبناء . محتوى اللعبة وبيَّن "فهد بن صالح العييري" -باحث ومتخصص في تقنية المعلومات- في بحث منشور عن "الألعاب الالكترونية" أنَّ الطفل غالباً ما يطلب اللعبة من والديه قبل أن يأخذاه إلى أقرب محل ل"الألعاب الإلكترونية" ليشتروها له، مُضيفاً أنَّهما حتى وإن راقباه فإنَّ ذلك قد لا يتعدَّى مُجرَّد النظر إلى غلاف اللعبة دون الاكتراث لمحتوى اللعبة، مُوضحاً أنَّ هناك العديد من الأمور السلبية بين طيات أسطوانات تلك الألعاب بحسب ما أظهرته العديد من الإحصاءات والمشاهدات، داعياً الآباء إلى معرفة رموز أشرطة الألعاب التي يشترونها لأبنائهم، مُضيفاً أنَّ أحد أصدقائه ممن يمتلك أحد محال "الألعاب الإلكترونية" أخبره أنَّ بعض الألعاب تحتوي على مناظر سلبية، فبمُجرَّد اجتياز اللاعب لمرحلة ما فإنَّه تتم مكافأته بمشاهدة بعض الصور ذات المحتوى. وأضاف أنَّ هناك مواقع "إلكترونية" مستقلة أو تابعة لجمعيات غربية لديها إحصاءات واهتمام بهذه الألعاب، مثل موقع "مجلس تصنيف البرامج الترفيهية"، وهو موقع يضع تقييما للعديد من الألعاب المتداولة في الأسواق العالمية، إضافةً إلى تصنيف للمشاهد الموجودة في اللعبة، مُضيفاً أنَّ بحثه في هذا الموقع عن احدى الألعاب المتداولة في السوق السعودي قاده إلى معرفة أنَّها تحتوي على العديد من السلوكيات والممارسات السلبية. مضامين سلبية وأشار احد المتخصصين في هذا المجال عبر بحث له بعنوان "إيجابيات وسلبيات الألعاب الإلكترونية ودوافع ممارستها من وجهة نظر طلاب التعليم العام بمدينة الرياض" إلا أنَّ نتائج البحث أظهرت أنَّ بعض "الألعاب الإلكترونية" قد تقود بعض مُمارسيها إلى ارتكاب عدد من الممارسات السلوكية والأمنية السلبية، وذلك بقيادة سيارته على أرض الواقع بطريقة متهورة، وتوجيه بعض العبارات السلبية لقائدي السيَّارات الأخرى، وغير ذلك من الممارسات السلبية، وارجع نفس المتخصص، أسباب حصول هذه الممارسات السلوكية والأمنية السلبية المترتبة على ممارسة بعض "الألعاب الإلكترونية"، إلى أنَّ معظم الألعاب المستخدمة من قبل الأطفال والمراهقين تحتوي على مضامين سلبية قد تؤثر عليهم في جميع مراحل نموهم، إضافة إلى أنَّ نسبة كبيرة من هذه الألعاب تعتمد على التسلية والاستمتاع بقتل الآخرين وتدمير أملاكهم والاعتداء عليهم بدون وجه حق، كما أنَّها تُعلِّم الأطفال والمراهقين أساليب ارتكاب الجريمة وفنونها وحيلها وتنمِّي في عقولهم قدرات ومهارات العنف والاعتداء على الآخرين. الاولياء لا يُحسنون اختيار الألعاب وأوضح احد المختصين في علم الاجتماع، أنَّ اندفاع الأطفال نحو أجهزة التواصل وألعاب الفيديو والكمبيوتر يحمل في طياته أموراً ايجابية، إلاَّ أنَّه لا يخلو من بعض المخاطر النفسية والاجتماعية والصحية والدينية التي ينبغي الالتفات إليها، مُوضحاً أنَّ ذلك لا يقتصر على سن الطفولة والمراهقة فحسب، بل يشمل فئة الشباب أيضاً، مُشيراً إلى أنَّ لدى المختصين في علم الاجتماع وعلم النفس موقفاً سلبياً من هذه الألعاب ومن أجهزة التواصل، لكونها تُخفي بداخلها خطر تشجيع العديد من العادات والسجايا السلبية في شخصية الطفل. وقال إنَّ أجهزة التواصل والألعاب الالكترونية قادرة على أن تزرع في الطفل أنظمة من المبادئ والقيم، مُوضحاً أنَّها قد تُغيّر موقفه ورؤيته للعالم، مُشيراً إلى أنَّ وقع هذا التأثير يصبح بشكل أقوى كُلَّما أزداد وتكرر عرض النماذج والمُحرِّضات والمواقف والأوضاع ذاتها، لافتاً إلى أنَّه إذا أُخذ في الاعتبار الحساسية القوية لخيال الأطفال وتصوراتهم، فإنَّه يصبح من السهل فهم كيفية تأثُّر خاصية التخيل والتصور لديهم، الأمر الذي ينتج عنه قلقاً روحياً، واضطراباً نفسياً، خاصةً عند مشاهدة البرامج المثيرة والمناظر العنيفة. رقابة ذاتية وراى احد المستشارين الاجتماعيين، أنَّ شراء الألعاب وأجهزة التواصل ليست الهدية الوحيدة لنجاح الأبناء، بل إنَّها وسيلة واحدة من عدة وسائل قد تفرحهم وتحقق الفائدة لهم، مُشيراً إلى وجود العديد من البدائل الأخرى، ومنها الاشتراك في أحد الأندية؛ لتعزيز هوايات الأبناء في جانب رياضي معين، والسفر برفقة الأهل، إلى جانب الحصول على دورات متخصصة في جوانب تطوير الذات، مُضيفاً أنَّ على الآباء الحرص على اختيار الألعاب التي لا تتضمن محاذير شرعية أو أخلاقية أو قِيَمية، وألاَّ تكون محرضة على العدوان والعنف، وأن تتناغم مع خصائص المرحلة العمرية للأبناء، وأن تكون ذات طابع جماعي؛ حتى لا تُنمِّي الفردية لدى الأبناء. وأوصى "د.الطلحي" الأسر بالعمل على غرس القيم الحميدة في نفوس الأبناء، وتنمية الرقابة الذاتية في نفوسهم، وحثَّهم على مراقبة الله في السر والعلن، مُضيفاً أنَّ ذلك كفيل بمنعهم -بمشيئة الله- من استخدام الألعاب والبرامج والأجهزة الاليكترونية بشكل سلبي، خاصةً عند استخدامهم لها في غياب رقابة الوالدين، داعياً إلى اتخاذ بعض الوسائل الوقائية في هذا الجانب، كالتعرُّف على أصدقاء الأبناء، والتحاور مع الأبناء ومناقشتهم حول ما تحتوي عليه هذه الوسائل، وبيان مخاطر استخدامها بشكل سلبي، وتذكيرهم الدائم بالقيم الحميدة والأخلاق الفاضلة. ثقافات أخرى ولفت "علي القحطاني" -أخصائي وباحث نفسي- إلى أنَّ تقديم "الألعاب الالكترونية" كهدايا للأبناء في مناسبات مختلفة دون مراعاة ملاءمتها لهم، قد يؤدي إلى أن تكون بمثابة هدم للسلوك الجيِّد لدى الأطفال، مُضيفاً أنَّ إفراط الأطفال في استخدامها قد ينتج عنه إصابتهم بمشاكل السمنة، ونوبات من الصرع عند البعض، وكذلك زيادة احتمال إصابتهم بمرض ارتعاش الأذرع، وإصابتهم بمشكلات صحية في الجهاز الهضمي والعضلي نتيجة للحركة السريعة المتكررة أثناء ممارسة هذه الألعاب، والإحساس بالصداع والشعور بالإجهاد البدني، وأحياناً بالقلق والاكتئاب، إلى جانب الإصابة بقصر النظر، وآلام أسفل الظهر، والضعف الدراسي الشديد، والعصبية، والسلوك العدواني، وتعلُّم الألفاظ غير المرغوبة، إضافةً إلى تعرُّضهم لخلل في السلوك ناتج عن تعلم بعض السلوكيات السلبية المُستقاة من ثقافات أخرى مختلفة.